مقالات سياسية

الشعب يُريد.. أربعة..!!

الهندسة ليست مهنة أو مُجرّد علمٍ.. هي منهج تفكير.. فطالب كلية الهندسة لا يتعلّم كيف يتعلّم.. بل يتعلّم كيف يُفكِّر لحل المُشكلة.. وأول خطوة يتعلّمها أنّ حل المُشكلة يبدأ بتبسيطها.

والتبسيط لا يعني (التهوين).. بل تفكيكها لعناصر يسهل التّعامل معها لبناء (منطق) أو منهج الحل..

تعالوا نُحاول حَل مُشكلة السودان هندسياً.. ولنبدأ بتبسيطها..!!

ماذا يُريد الشعب السوداني؟

طوال السنين الضائعة من عُمرنا الوطني.. منذ الاستقلال وإلى اليوم.. كُلّ النظم السِّياسيَّة كانت تكتب إجابة واحدة لهذا السؤال.. الإجابة هي:

في 1956.. الاستقلال.. رفع راية استقلالنا فوق سارية القصر الجمهوري.. تحت شعار تحرير لا تعمير.

في 1964.. الشعب يُريد حُكماً ديموقراطياً.. والديموقراطية تعني أن يَسمح (سِيد) الحزب لرجل اختاره بعنايةٍ ليفوز في الانتخابات.. أو يَسمح له أن يصبح مرموقاً في موقعٍ دستوري.

في 1969.. الشعب يُريد الاشتراكية والاتحاد السوفيتي العظيم نُموذجاً.

في 1985.. الشعب يُريد الديموقراطية مَرّةً أخرى.. والحُرية.. والأحزاب في 1989.. الشعب يُريد التّخلُّص من الفقر الذي جلبه حكم الأحزاب.

في 2019.. الشعب يُريد أن يعرف بالضبط ماذا يريد.

وخلال رحلة البحث الستينية عن حل وإجابة لمعضلة السؤال المُزمن (ماذا يريد الشعب السوداني).. حكمت كل الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. ليس مُجرّد حكمٍ مُتسامحٍ مُعايشٍ.. بل حكماً إقصائياً كلما ركب حزب في السلطة أمعن في الآخرين تنكيلاً.. كل الأحزاب حكمت كما وصفها الدكتور منصور خالد وهي تُردِّد مثل الدرويش (إسلامية شيوعية، اشتراكية، قومية عربية، مدنية، حزبية، ديموقراطية) وكأنّها تعويذة درويش يطوف حول مقام مُقدّس.. يحسب أنّ الحل في التعويذة فهي التي ستجلب الخير وتبعد الشر.

وبعد أن بلغ الوطن الشّيخوخة اكتشف أنّ التّعويذة لا جلبت خيراً ولا طردت شراً.. وظل السؤال المحزن قائماً شاخصاً.. الشعب يُريد ماذا؟.

حسناً، بالأسلوب الهندسي الذي يفترض تبسيط المُشكلة لحلها.. فالشعب يُريد أربعة.. أربعة فقط أتحداكم أن تأتوا لي بأكثر منها..

الشعب يريد أربع “كرائم”:

مسكناً كريماً.. وأسرة كريمة.. وعملاً كريماً.. ووسيلة نقل كريمة.

تختلف المواصفات من شخصٍ إلى آخر وتظل العناوين الأربعة ثابتة مهما كان المُواطن فقيراً أو ثرياً.

كل المُغتربين السُّودانيين في كل المهاجر.. يبحثون عن الأربعة الكرائم.. صحيح هناك فرق بين من يبحث عن مسكنٍ كريمٍ في أمبدة ومن يبحث عنه في المنشية.. لكن يظل العنوان واحداً مع اختلاف المُستوى.

حسناً، ما زلنا في مرحلة تبسيط المُشكلة.. نفترض أن الحل يجب أن يبدأ بتحويل هذه الأربعة من مربع الطموح الشخصي الفردي إلى الحُقُوق.. حقوق المُواطنة العَادية.. عبارة أُخرى كل مُواطن سُوداني له الحق في هذه الأربعة.. حقٌ مكفولٌ من الدولة.. تماماً مثل الرقم الوطني.

تسقط تماماً كل المُصطلحات الوهمية.. إسلامية، اشتراكية، بعث، قومية عربية، وبقية المفردات التي أسماها منصور خالد (تعويذة الدرويش).. فلا أحد يدخل الانتخابات ويكتب في دعايته الانتخابية (انتخبوني من أجل الشريعة الإسلامية) ولا (انتخبوني من أجل العدالة الاجتماعية) ولا (من أجل الديموقراطية) ولا (من أجل الحُرية)، فتلك قيمٌ وليست برامج.. التنافس في الأربعة الكرائم فقط.. كيف؟ سأشرح لكم..

بما أنّ الأربعة الكرائم هي من (الحقوق) وليست الطموحات.. فالتنافس ليس في تنفيذها.. فهذا Must بل الزمن الذي تتحقّق لكل مُواطن.. مثلاً.

مُرشح يُعلن أنّه يُحقِّق الأربعة لكل شابٍ سوداني بعد عامٍ واحد من تخرُّجه.

مُرشح مُنافس يُعلن أنه قادرٌ على تنفيذها لكل شاب وشابة سودانية قبل التخرّج في الجامعة.

وتنتهي أسطورة.. الحزب الدين.. ويصبح السياسي خادماً للناخبين.. لا سيّدهم الذي يمتن عليهم أنه شَيّدَ لهم كوبري أو ترعة أو طريقاً مُسفلتاً.. فتلك حقوق وليست مَطالبَ.

أرأيتم كم هي المسألة السودانية سهلة جداً..

الشعب يُريد.. أربعة!!

التيار

تعليق واحد

  1. يا عم عثمان اتق الله ، هذا عرض مخل لما يريده الشعب وانت تسمع جموعه الهادرة تصيح انهم يريدون ” حرية وكرامة ” بريد الشعب أمنا أمانا ( وآمنهم من خوف ” امنا لنفسه لا للنظام الحاكم،يعني ياسيد عثمان إذا وفر هذا النظام الأربع كرايم هذه يحق له أن يبقى في فساده الذي ” فات القبلو ووراه ” ، طيب وين التعليم والصحة ؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..