رحلة آلة الزمن في أرض النفاق ..

رحلة آلة الزمن في أرض النفاق ..

سيف الحق حسن
[email][email protected][/email]

المأساة ان النفاق ليس مرضا عارضا كالأنفلونزا أو الملاريا أوعضال كالأيدز والعياذ بالله منهم جميعا، ولكنه بلاء عظيم أكثر فتكا من الأسلحة البيولجية وتأثيره مدمر علي المدى الطويل. فهو مرض سريع الإنتشار إذا كان جهاز المناعة للمجتمع ضعيف وبه خلل في القيم والأخلاق والمبادئ. فيروسه تنتجه جرثومة كبيرة ويحتضنه ويرعاه بعض الأشخاص الذين تظنهم موسى!. وبعد ما يتمكن المرض يفسد الجسد ولا فائدة ولا داعي أساسا للسؤوال عن مدة صلاحية العلاج.
هذا ما يمكن أن يفعله مرض النفاق في مجتمع يرتدي حزام العفة!. وحزام العفة هذا كان حزام من حديد يلفّ به الرجل زوجته وهو مسافر، يغلقه بقفل يحمل هو مفتاحه. خديعة غبية يقنع الرجل بها نفسه ليقبل أن يحتفظ بإخلاص زوجته بالقهر. وهو ليس عادة شرقية، لكنه من عادات الغرب التى تخلص منها فى ثورة أعادت التوازن والثقة في بعضهم وفكرة حب الحياة.

تراكمت مخلفات النفاق في عصر الملكة فيكتوريا (1837-1901 م) أشهر ملكات بريطانيا. كان عصرها هو قمة عظمة بريطانيا والثورة الصناعية، الإمبراطورية الغنية القوية التى لا تغيب عنها الشمس من القاهرة إلى الهند. و مع الرقي والحضارة كان المجتمع يريد أن يبرز نفسه كنموذج للتمسك بالفضيلة والتقاليد.
فمن بره هلا هلا ومن جوه يعلم الله. إشتهر العصر بالحياة السرية التى يمارس فيها الأغنياء والأقوياء حياة تتطرف فيها النزوات الجنسية إلى حدود لم يعرفها المجتمع من قبل. كممارسة موتور الرذيلة مع أربعة في آن واحد أي بقوة الدفع الرباعي!. وفى المقابل كان التَّزمُّت هو عنوان الحياة العلنية، إدّعاء للفضيلة وكلام عن الأخلاق الرشيدة، والإنضباط فى علاقات الغرام. فيكتوريا نفسها كانت متطرفة فى التمسك بالأخلاق، لكن الأيام كشفت فضيحتها مع خادم الإسطبل الملكى الذى أنجبت منه طفلة تستّر عليها خبراء القصر وأخفوها فى ألمانيا. أى بدلا من إعلان حقيقة احتياجها إلى الحب والسعي في الزواج بعد وفاة زوجها، مارست حريتها فى السر. وكانت هذه سمة العصر الفيكتوري. ولكن الحرية ومواجهة هذا النفاق ساعدت في إنقاذ الوضع والعلاج بأي كان الوضع فالمهم هو الوضوح والصراحة من حالة الإنفصام أو الشيزوفرينيا التي أصابت المجتمع والسعي لحل المشاكل بالمواجهة وليس الهروب للأمام. وساعد علي ذلك التنمية العلمية التي نشرت التوعية وأسهمت في معرفة الحقوق والواجبات وسيادة القانون والنهضة الإقتصادية.

ونحن في العهد الإنقاذي من بره هي لله هي لله ومن جوه نركب آلة الزمن للخلف من تردي وطني، إقتصادي وزراعي وإنحطاط صناعي وبالرغم من ذلك هناك علامات تدين واضحة ومعلَنة فى كل مكان. فى الشوارع والتلفزيون والراديو وفى نفس الوقت حجم الفساد الأخلاقي بين الناس يتضخم من الرشاوي والمحسوبية التي تسمى بأسامي أخرى، وعدم الحياء والخجل في دعوات فتيات الليل بطريقة مباشرة، وظهور أولاد اليل!. وإنتشار النكت المكشوفة بين النساء وعلى رسائل الموبايل فى الوقت الذى ينتشر فيه النقاب والحجاب. وفي النهاية يتسع الفارق بين طبقات المجتمع الدنيا والعليا وكل يغني على نفاقه.

دعونا نحول إتجاه سير آلة الزمن إلي الأمام. رواية هربرت ويلز “آلة الزمن” التى صدرت عام 1895 في العهد الفيكتوري خيال لكاتب يخبرنا عن ما يمكن أن يحدث عبر الزمن. وتحكى عن عالِم اخترع مركبة قادرة على الوصول إلى المستقبل. إنطلاقا من التميز الطبقي في القرن التاسع عشر ومشاكل ذلك العصر في الأتساع التدريجي في الفرق الاجتماعية والرأسمالية والنفاق والأنانية والتشويه المجتمعي إمتطى المخترع الآلة وعبر بها العصور ثم وصل إلى نقطة زمنية رأى فيها كيف انحط الجنس البشرى وانشطر إلى جنسين منفصلين شائهين ومشوهين بعدما تراكمت عبر الأزمنة وتعمقت المآسى والفوارق الطبقية بين الفقراء والأغنياء. العرقان هما: الأغنياء الأغبياَء الضعاف الذين يعيشون حياة ترف والفخامة وفرط الرفاهية وحياة النعومة والكسل يسمون (الايلو)، والفقراء وهي الطبقة العاملة الذين أصبحت التعاسة روتين حياتهم اليومية وتكيفوا مع هذا الوضع المزري ويسمون (المرلوك). تكيف كلا الجنسين على هذا الحال وكلاهما يتصفان بمستوى ذكاء متدني. وأضحى لكل منهم نسل يختلف كليا عن نسل الآخر. الايلو سمان وأمان ومنعمين وفي وجوههم نضرة الترطيب وأردافهم صارت كالديباج المزين لها إيقاع يرن خشاش حليهما رنينا. أما المرلوك أصبحت مخلوقات شنيعة المنظر قبيحة الوجه لا تمت إلى البشر بصلة تشبه العناكب الكبيرة يحيون تحت الأرض ويعملون ويكدون دائماً في حلقة مفرغة، وما إن تسأل أحدهم إلا ويقول لك: جاري أو الجري مابنتهي!. المرلوك صاروا يكرهون الضوء كما يكره الايلو الظلام.
ولكن دوام الحال من المحال. فقد قرر المرلوك فجأةً الخروج من جحور البؤس التى كانت تأويهم والصعود لسطح الأرض. وفي لحظة تاريخية فارقة وفي خضم هذه القوة الوحشية يأكل المرلوك الايلو فى انتقام أسطوري تاريخى ولكن المأساة أنه يتولد بعد هذا جنس ثالث أكثر تشوها من جنسى (أيلو) و(مورلوك).

فهل جاءت لحظة التغيير متأخرة؟، وهل الزمن يفرق؟، هل كلما طال زمن الرداءة والسوء أكثر كلما إزداد الوضع إنحطاطاً وسفالة أكثر بكثير، وكانت النتائج مروعة وغير متوقعة والمستقبل غير مرئي وكارثيا تماما؟. سؤوال لإنشتاين فقط!..

تعليق واحد

  1. حقاوصلت بنا آلة الزمن في رحلتهاعلى أرض النفاق أن اعتلى منابر المساجد جنس رابع أكثر تشوها ونفاقا وإفكاً وكذباً- دعنا نطلق عليه(كاروريلاي). وأتمنى، استاذنا سيف الحق، أن تكون قد سمعت خطبة المدعو الكاروري يوم الجمعة الماضي الموافق 29 سبتمبر 2012م عن كرامات المشير البشيري التي بانت وظهرت وتحققت في مصير مبارك والقذافي.
    وستعلم إلى أي مدى وصلت بنا آلة الزمن، وأي جنس انجبت في منابر المساجد وهي كما تعلم أفضل الأماكن لبث ذلكم النفاق لتلك المخلوقات العجيبة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..