
غيب الموت قبل يومين عمي واخي وصديقي صديق عثمان حسن النور ، المشهور بصديق ابو كريمة.
رحمة الله تغشاه وتسكنه ، عمي واخي وصديقي
ودفعتي . صديق ابو كريمة ..
كنا دائما نتوق لملاقات بعضنا كلما ازور كوستي ونحكي ويحكي الكثير عن تغير الحال والمآل .
وكيف كوستي اصبحت جافة وبائسة . “البلد انتهت يا عمر” كان يردد دائما .. ونحكي عن كل شئ أيام الزمن الجميل وكان عليه الرحمة والرضوان ، قد حباه الله بذاكرة فتوغرافية رغم معاناته من المرض الذي بنتابه من حين لاخر .. ولكن كان صامدا جلدا وصبورا . وقد كان مرجعا ، في معرفة ناس كوستي وانسابهم ، ومتى حضروا وما هي قبائلهم ومن أين نزحوا ..
شغل عليه حب كوستي كل حياته . جرب الاغتراب الى ليبيا ثم السعودية ولم بمكث فيها كثيرا . ما أن يغادر كوستي في كل مرة إلا ويعود مرة اخرى ، لحبيبته كوستي . مفضلا الحياة فيها والتمرغ في سماءها ونسيمها . غير مبال بالدينار والريال.
كنت ازوره في بيتهم العامر ، منذ وانا طفل صغير ، وكانت فرحتي غامرة ، عندما أجلس على احد عناقريب المخرطة الرائعة . كانت مفروشة بملاية جميلة ومزخرفة عليها وسادة كبيرة يكسوها غطاء ابيض مطرز بخيوط الكروشه ذات اللونين الأحمر والذهبي . بالقرب منه كان هناك الراديو الكبير ، حيث هناك بطارية كبيرة تكون خلفه لتمده بالحرارة . فكنت اسأله كثيرا عن سر ذلك .
كان كريما ومحبا للناس . كنا ونحن في ميعة الصبا ، نجد انفسنا في دار الرياضة بكوستي ، وكأن الجد المرحوم عثمان حسن النور ، يدير بوفيه المرطبات ، لجمهور دار الرباضة ، يساعده المرحوم صديق ، فكان يبرنا بالمشروبات الباردة مجانا، وكنا نسعد غاية السعادة .. في مرة من المرات ، سافرنا معهم لمدينة الجبلين جنوب كوستي ، للعزاء في جدته لأمه ، والدنيا رمضان وحرها قايظ . وصلنا هناك قبل مغيب الشمس بقليل . وجدنا الأهل والجيران قد فرشوا لنا البروش والمفارش . جلست على طرف ، امام احد شيوخ الحي . كان قد احضر طعامه وكانت عصيدة وملاح .. كان ابو كريمة ، يمر على طعام الضيوف ويضع ويدعم الموائد بمطايب الطعام .
تتصف شخصية ابو كريمة بالتمرد والقلق ، فمع أن الله حباه والآن له الحدبد وهندسته ، إلا أنه كان يعمل على مزاجه ووقته، الذي لا يساوم فيه أبدا .. فيعمل احيانا ومرات كثيرا يتمرد على العمل .. شخصيته جبلت على التمرد على كل القيود .. فهو بحب إن يعيش بالطريقة التي يريدها هو ، فتمرد حتى على المدرسة. واصبح يعمل على مزاجه هو . متى وكيف وأين ، هو الذي يحددها ويقررها .
هذه الروح القلقة ، صبغت روح حبيبنا ابو كربمة ، وتمرد حتى على مؤسسة الزواج ذات نفسها ؛ فلم يدم زواجه طويلا ..
كان المرحوم من ضمن القليليين من اسرة حسن النور الذين مارسوا كرة القدم . فلعب لفريق الشاطئ العريق بالحلة الجديدة ، حارس مرمى ؛ ابلى فيها البلاء الحسن وكان من ضمن الأسرة ، الذين لعبوا لنفس النادي الخال والاخ العزيز عبدون نصر عبدون وعصام ابراهيم حسن النور ، عصام بلاستيك . وكانوا العقد النضيد لفريق الشاطئ .
الا رحم الله اخي وصديقي العزيز صديق عثمان حسن النور
ابو كريمة ، وانزله منازل الصدق والأخيار ، ونتضرع من الكريم الرحيم ، إن يتقبله ويتولاه برحمته ورضوانه . ونعزي انفسنا ، ولجميع الأهل ، واهلنا الاماجد بمدينة كوستي والجبلبن . وسلام في العالمين على أخي ابوكربمة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..