مقالات سياسية

فات الأوان    

بسم الله الرحمن الرحيم

ذهلت الحكومة من الغضب الشعبي الذي اندلع في عدد من المدن السودانية في الأسابيع الأخيرة من شهر ديسمبر الذي أنقضى ولا زالت مستمرة حتى اليوم، فرغم التحذيرات التي انطلقت من طيف واسع من الناشطين والخبراء والأكاديميين والكتابات في الصحف ووسائل التواصل الإجتماعي والسياسيين وشخصيات عامة  منذ بداية موازنة العام ٢٠١٨ حيث بدأت الأزمة الإقتصادية، لكن النظام كعادته لم يلتفت إلى ما يقوله الشارع وفي كل مرة كانت الحلول التي يتبناها تزيد من تفاقم الأزمة، ومع هذا التخبط ظلت وتيرة الأزمة تتصاعد في كل يوم والنظام متمترس في موقف واحد فهو لا يريد حلولا جذرية ، ذلك أن الأزمة كما أشارت العديد من الا راء في الأساس أزمة سياسية.

النظام لم يكترث بما يحدث من ضيق وصل مداه في حياة الناس حيث وصلت المعاناة إلى إنعدام أساسيات الحياة، فرئيس وزراء الحكومة  الجديدة الذي لم تتعدى تجربته في العمل الإداري والتنفيذي في المجال السياسي فتره قصيرة، لم يكن في يده شيء فحكومته التي حلت محل الحكومة  المقالة التي فشلت في كبح جماح الأزمة مثل سابقتها لا تسطيع إتخاذ قرارت سياسية ذات تأثير على مجرى الأحداث ولم يكن أمامه إلا أن يتعامل مع الأزمة بوعود أقل ما يمكن أن يقال عليها أنها بعيدة عن خبرة و فكر وآليات دولة لها أجهزتها ومؤسساتها ذات الإختصاص، فمثلا الاقتراح بأن يوزع الدعم نقدا من خلال فاتورة الكهرباء لا يمكن أن تفكر فيه حتى جمعية خيرية تستهدف مجتمع محلي في حيز مكاني محدود ، ناهيك عن دولة تصل نسبة الفقر فيها إلى نسبة تتجاوز ثلثي عدد السكان، يتوزعون في ثمانيةعشر ولاية. مثل هذا التفكير لا يصلح حتى للتجربة ناهيك عن التطبيق، وترتب على ذلك أن كل الوعود التي وعد بها لم ينفذ منها شيء.

في الواقع كان النظام ملما بأسباب الأزمة لكنه لا يريد وضع الحلول الناجعة لها لأن هذه الحلول تهدد استمراره في السلطة ، فالحل السياسي يقتضي حل كل المؤسسات السياسية من مجالس تشريعية وحكومات ولائية وكذلك التنظيمات التي تتبع للحزب الحاكم، وتكوين حكومة إنتقالية من التكنوقراط تمهد لإنتخابات نزيهة فتلك المؤسسات التي يتم الصرف عليها بسخاء من خزينة الدولة تبتلع معظم الأرصدة المالية للدولة وفوقها تجاوزات منسوبو الحزب الحاكم من المسئولين  في المال العام حيث وصل الفساد إلى درجة أن تسامح الدولة الوالغين فيه، والأزمة الإقتصادية تعلم الدولة أسبابها فشح السيولة الذي ضرب البنوك كان يرجع إلى اكتناز ما أسموه بقططهم السمان الأموال إستعدادا الإنتخابات التي يخطط النظام لإجرائها في ٢٠٢٠ حيث أصبحت الشغل الشاغل للنظام ويعتبر ما عداها قضايا ليست ذات أهمية حتى وإن كانت تتعلق بحياة المواطنين ويمكن التعامل معها بالأحاديث والوعود الوهمية، وظل النظام يماطل و يستخف بالمواطنين ويسخر من عدم قدرتهم الخروج للشارع في مظاهرات وظل قادة النظام يهددون المواطنين بما حدث من قتل للمتظاهرين في العام ٢٠١٣ حيث قتلت أجهزة النظام الامنية ما يقارب المائتي نفس، وعندما خرج الشعب إلى الشارع في ديسمبر ليس في العاصمة الخرطوم هذه المرة  بل في عدد من المدن الإقليمية متحديا تهديدات النظام ؛ واجه تلك المظاهرات بعنف قاصدا تخويف المتظاهرين وسقط في الأيام الأولى للثورة ما يقارب العشرين قتيلا وأكثر من ثلاثمائة مصاب وعندما رأى التصميم وتحول المظاهرات إلى ثورة تطالب برحيله أصابه الهلع، وبدلا من التواضع وإدراك نفسه استمر في الاستخفاف ونثر الوعود الكاذبة من شاكلة الإبقاء على الدعم وتحسين الرواتب لكن كان الأوان قد فات إذ تجاوزت الجماهير هموم البطون إلى فضاءات الحرية والعدالة والإنعتاق من الذل .

 

د. الصادق محمد سلمان
[email protected]

 

تعليق واحد

  1. يا خي الناس ديل ما فضل ليهم من الحلول إلا طباعة النقود رب رب لغاية السقف زي ما قال مسدود البصيرة عز الطين دبلوم صنايع وهو نفس الحل السرقوا بيه قيمة نقود الناس فطبعوا المليارات ودخلوا بيها السوق المحلي اشتروا العملة الصعبة والمواد والسلع والمحاصيل والثروة الحيوانية وصدروها وبنوا الأبراج والفلل الشايفنها دي كلها من النقد المطبوع الذي اصبح في ايدي التجار والموظفين والمواطنين بلا قيمة فقيمته تحولت إلى هذه الأبراج التي يسكنونها والسيارات الفارهة ونسائهم مثنى ورباع ما يتجاوز المائة بين جديدة وقديمة مطلقة ما قالت الدكتورة ابوحراز

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..