بيليه: من انقلاب بومدين في الجزائر حتى تهنئة المنتخب المغربي.. قصص الأسطورة مع أفريقيا

بيليه: من انقلاب بومدين في الجزائر حتى تهنئة المنتخب المغربي.. قصص الأسطورة مع أفريقيا
- ماهر مزاحي
- كاتب في شؤون كرة القدم الأفريقية
صدر الصورة، Alamy
زار بيليه كينيا وأوغندا في السبعينيات
لكونه من أوائل النجوم الرياضيين السود الشباب في عصر التلفزيون، فقد حاز بيليه حب الأفارقة في جميع أنحاء القارة، والذين تماهوا في شخصه.
مع انتشار حركات إنهاء الاستعمار في جميع أنحاء أفريقيا في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، تمت دعوة بيليه من قبل الدول المستقلة حديثا للعب في مباريات ودية مرموقة مع ناديه سانتوس والمنتخب البرازيلي.
قال بيليه في سيرته الذاتية إن العقود التالية والرحلات المتكررة اللاحقة إلى القارة الأفريقية: “لم تغير وجهة نظري للعالم فحسب، بل أيضا الطريقة التي نظر إلي بها العالم”.
أشار غليرمي ناسيمنتو مؤلف دليل نادي سانتوس إلى أن الرحلات الأفريقية كانت “مليئة بالقصص بحيث لا توجد حدود واضحة بين الأسطورة والحقيقة”.
كان وقته في الجزائر، على سبيل المثال، أشبه بفيلم سينمائي.
في عام 1965، وصل الشاب بيليه، البالغ من العمر 24 عاما، إلى البلاد فيما كان المخرج السينمائي جيلو بونتيكورفو يصور معركة الجزائر.
نتيجة لذلك، كان من الطبيعي تماما رؤية دبابات القتال تنتقل عبر الجزائر العاصمة من وسط المدينة إلى حي القصبة.
حدد الرئيس الجزائري المحب لكرة القدم أحمد بن بلة مباراتين وديتين لهذه المناسبة، واحدة في وهران يوم 15 يونيو/حزيران، والأخرى في العاصمة الجزائر بعد ذلك بـ 4 أيام.
لكن في 17 يونيو/حزيران، قام هواري بومدين، وزير دفاع بن بلة، بانقلاب أطاح بالرئيس وألغى المباراة الثانية.
ويعتقد بعض الصحفيين والمؤرخين الموثوقين أن بومدين ربما استخدم الضجة حول وصول بيليه كأمر مُشتت للانتباه من أجل تنفيذ انقلابه.
صدر الصورة، Getty Images
بيليه ونجم كرة القدم الكاميروني السابق صامويل إيتو يحييان المشجعين في مباراة تكريم لنيلسون مانديلا في عام 2007
كانت زيارات بيليه المتعددة إلى المغرب أقل صخبا، لكنها كانت أسطورية.
قيل إنه وجه كلمات لطيفة للغاية للوفد المغربي في مونديال 1970 بالمكسيك، حيث كانوا أول دولة أفريقية تتأهل لكأس العالم منذ مصر عام 1934.
وفي رحلة أخرى، زُعم أنه تحدث عن العربي بن مبارك، المغربي المعاصر له، والذي لعب مع أولمبيك مرسيليا وأتلتيكو مدريد.
ويُفترض أنه قال:”إذا كنت ملك كرة القدم، إذن بن مبارك هو إلهها”.
6 أغطية زجاجات لرؤية بيليه
كما أصبحت رحلات بيليه إلى نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية محاطة بالتقاليد.
خلال الرحلتين، كان له الفضل في غرس السلام في البلد الذي كان يستضيفه.
اندلعت الحرب الأهلية النيجيرية بين عامي 1967 و 1970، ولكن عندما زارها بيليه في عام 1969 للعب مباراة ودية ضد المنتخب النيجيري، كانت هناك مزاعم بإعلان وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة.
قال بيليه في سيرته الذاتية: “لست متأكدا من صحة ذلك تماما”.
ومتذكرا وجودا عسكريا كبيرا في لاغوس في ذلك الوقت، أضاف قائلا: “لكن النيجيريين حرصوا بالتأكيد على أن البيافران لن يغزوا لاغوس أثناء تواجدنا هناك”.
لم تكن هناك فرصة كبيرة لحدوث ذلك حيث كان الانفصاليون بيافران على بعد 500 كيلومتر على الأقل وتم دفعهم من قبل الجيش.
بحلول عام 1976، استخدمت شركة المشروبات الغازية الأمريكية بيبسي شعبية بيليه في القارة ورعت رحلة شرق أفريقيا إلى كينيا وأوغندا للنجم المتقاعد.
وهناك نجح “الملك” في تسويق المشروب وأدار معسكرات كرة قدم مختلفة للاعبين الشباب في البلدين.
في كينيا، كان المعجبون يدخلون إلى المكان الذي يتواجد فيه بيليه من خلال تقديم أغطية زجاجات من المشروب الغازي، 6 للبالغين و3 للأطفال.
صدر الصورة، Getty Images
بيليه مع رئيس الغابون علي بونغو عند إزاحة الستار عن تمثاله في عام 2012
وعلى مر السنين، زار بيليه موزمبيق ومصر والسودان والسنغال وغانا.
إلى جانب الزيارات رفيعة المستوى، كان بيليه يعني الكثير للاعبي كرة القدم الطموحين في جميع أنحاء أفريقيا.
قال لاعب كرة القدم المالي السابق ساليف كيتا: “عندما وصلت إلى أوروبا، لم يكن لدينا نحن الأفارقة سوى بيليه ومحمد علي وأوزيبيو كنجوم مشهورين”.
حتى أن عبيدي “بيليه” أيو، أحد أكثر لاعبي كرة القدم تأثيرا في غانا ، أُطلق عليه لقب أسطورة كرة القدم البرازيلية.
وقال أيو لبي بي سي: “شخصيا، ألهمتني عظمته كثيرا، وأُشبه به وأحمل اسمه الأيقوني طوال فترة اللعب وما بعدها، هو امتياز مطلق وشرف لا يقدر بثمن”.
كان بيليه دائما مؤيدا للتقدم الأفريقي في بطولات كأس العالم لكرة القدم.
كانت نبؤته، المشكوك في صحتها، في منتصف السبعينيات من القرن الماضي بأن فريقا أفريقيا سيفوز بالبطولة قبل عام 2000 موضوعا ساخنا دائما قبل انطلاق كل بطولة.
من الملائم أن يتضمن منشوره الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي بضع كلمات تهنئة بالإنجاز التاريخي للمغرب في كأس العالم الأخير في قطر.
فقد كتب قائلا:”لا يسعني إلا أن أهنئ المغرب على هذه الحملة الرائعة، إنه لأمر رائع أن ترى أفريقيا تتألق”.