فناء أُمة وميلاد أمة فطوبى للمولودين

اننا أُمة تتهاوى وتسقط في بحر لجي. لم يعد ممكنا تدارك ما تبقى من السودان. سلمنا زمام انفسنا للطائفية سنين عددا. وفي عام 1977 بدأ العد التنازلي لما يعرف ,حتى الان, بدولة السودان. ففي ذلك التأريخ بدأت الجبهة القومية الاسلامية, وبصبرٍ وأناةٍ يُحسدون عليها, في التغللِ في شرايين الاقتصاد من خلال البنوك الاسلامية ومن خلال الانشطة الطفيلية سريعة العائد قليلة النفع للاقتصاد القومي.
على ان التدهور تسارعت وتيرتُه ليلة الخميس 29 يونيو 1989في تلك الليلة المشئومة كان التتار يتامرون في ذلك الليل البهيم وكانوا قد عقدوا العزم على ان يحيلوا نهارنا الى غسق دامس الظلام , وبدأ البوم ينعق ليحيل ذلك الوطن الجميل الطيب اهله الى ما يشبه هشيم المحتظر.
ان افراد تنظيم الجبهة القومية الاسلامية تربوا وترعرعوا وفي اذهانهم انهم اصحاب رسالة تؤمن ايمان العجائز بمقولة الكاتب والسياسي الايطالي نيقولا ميكافيلي ان “الغاية تبرر الوسيلة”. لذلك فهم لا يرعووا في فعل كل الكبائر في سبيل الوصول الى ما يعتقدون , خطأ, انه يُمكن لدين الله في الارض. بل يعتقدون جازمين انهم هم وحدهم من يمتلك الحقيقة كاملة غير منقوصة ولا ياتيها الباطل ابدا. هذا الامر تجده وتحسه عند تعاملك معهم كافراد او حين تلتقيهم في مناسبة اجتماعية بعيدا عن السياسة. فتجدهم ينتقدون بغضب شديد كل ما يقع تحت بصرهم من بني جلدتهم من السودانيين البسطاء. فهذا لبسه غير سليم ويتشبه بالغرب, وهذه متبرجه, وذلك شعره كثيف, وهذه جريئه تتحدث بكل جرأة امام الرجال , وذلك الرجل ملبسه ضيق وهكذا فاما ان يصبح افراد المجتمع مثلهم تماما اويجب اقصائهم او جلدهم او حتى سلب حقهم في الحياة.
وتأسيسا على ذلك , مخطئ من ظن يوما ان منهم من تاب وآب. فحتى اؤلك الذين تركوا التنظيم هم على نفس السراط المعوج بل هم اضل. قتلوا البسمة في شفاهنا,عشقوا القبح , وما دروا ان الله يحب كل جميل طيب , هؤلاء يمتلكون عقلية مشوهة مغرمة بالدماء والاشلاء , بل يعشقون الفناء الا فناء ذواتهم. انك لا ترى القبح في وجوههم فحسب بل تحسه , والفرق لا يغيب عن فطنة القارئ بين ان ترى وان تحس.
نحن عزيزي القاري نحتاج من علمائنا الاجلاء المتخصصون في علم النفس ان يقوموا باجراء دراسة نفسية عميقة لسبر غور طبيعة اشباه البشر هؤلاء. ما الذي يدفعهم للقيام بكل انواع الشر ولا يستحوا؟ لماذا لم يتطبعوا بطباع الشخصية السودانية التي جبلنا عليها من تسامح وحلو معشر؟ الم يعيشوا بيننا؟ لماذا اذاً هم محتلفون عنا؟ تجدهم يعيشون في جماعات يقبل بعضها على بعض وينفروا مِن كل مَن هو ليس منتمي اليهم. واذا اضطروا الى مجاملة اجتماعية يتخذون من الناس مكاناً قصياً. ترى هل للتربية التنظمية اثر على سلوكِهم هذا؟ هل يزرع فيهم التنظيم عمداً انهم وحدهم العالمين بامر دينهم ومَن سواهم هم شياطين الانس. لماذا يمقتون الحب ويحبون المقت؟
وقبل قيام علمائنا الاجلاء بهذه الدراسة وددت ابداء الرأي فيما نحن مقبلون عليه والحالة هكذا. يحدثنا التاريخ بان الامم التي فسدت وتجبرت أُهلكت وقامت على انقاضها امم اخرى. في هذا السياق تذكرون ما حدث لالمانيا في عهد هتلر. فقد دمرت بالكامل وقامت على انقاضها دولة حديثة هي الرائدة الان في مجال الصناعة والاقتصاد والحياة الكريمة. كذلك قامت حروب اهلية في اوربا القديمة وصار الدمار كبير للحرث والنسل, والاّن انظر اين هي اوربا. سيحدثوك عن انها حضارة تقوم على المادة , عزيزي القارئ, فلا تصدقهم بل قل لهم واين حضارتكم انتم, وانصحك ان تجيب عليهم ان حضارتكم التي تنادوننا بها ليل نهار هي حضارة تقوم على اساس زواج اربعة نساء, ليس بغرض تكوين اسرة, ولكن بغرض اشباع شهوتهم الجنسية فقط.
وفي سياق ما انقطع من حديثنا عن التاريخ ودروسه وعبره اذكرك , عزيزي القارئ , بقول الله عز وجل “وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا”. سادتي ارى رأي العين دنو تحقق هذه الاّية فينا نحن معشر السودانيين. نتيجة اهمالنا وتركنا الحبل على الغارب لهؤلاء المرضى النفسيين ضاع منا سوداننا العزيز وحقت فينا كلمة ربنا وما علينا الا الانتظار ليوم اسود قمطريرا ترونه بعيداً واراه قريبا.
عزيزي لا اتمنى حدوث ذلك ولكن بمعطيات الواقع فستسيل دماء كثيرة في الخرطوم وسوف تضيع ارواح عددها بعشرات الالاف ان لم تكن بمئات الالاف, وستدمر المباني وفي ظرف مدة قد تطول او تقصر ستولد خرطوم جديدة وشعب جديد فطوبى للمولودين.
[email][email protected][/email]
ليس أبلغ من قول الطيب صالح من أين أتى هؤلاء الناس؟!!!