ورقة حول توحيد القوى الديمقراطية

الجبهة السودانية للتغيير

ورقة حول توحيد القوى الديمقراطية

مواصلة لمؤتمر القاهرة لتوحيد القوى الديمقراطية والذي حمل شعار، “التعاون في سبيل الوطن ليس خيارا والتغيير ضرورة”، المنعقد بالقاهرة في، أبريل ٢٠۱٣م، والذي حضرته بعض القوى المعنية بهذا الاجتماع المنعقد بالخرطوم، نجدد الدعوة للتفاكر حول الصيغة المثلى نحو توحيد جهود هذه القوى، لكي تلعب دورا فاعلا ومؤثرا، ليس فقط في منازلة النظام الراهن وإسقاطه، وإنما أيضا في إعادة صياغة الحياة السياسية لمرحلة ما بعد إسقاط نظام الجبهة القومية الإسلامية القمعي.

إن الدعوة إلى عقد هذا الاجتماع اقتضه الضرورة، وأملته الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد في ظل انقسام وتشرذم القوى الديمقراطية الوطنية صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، الأمر الذي أدى إلى عدم فاعليتها السياسية، وبالتالي تأثيرها على الواقع المرير الذي وصلت فيه نفطة منحنى انهيار الدولة السودانية إلى أقصى مراحل منحنياته، فلم يبق لها إلا السقوط نحو منحدر تفكك كيان الدولة نفسها وتلاشيها. فالانتماء لهذا الوطن يحتم علينا أن نجد طريقة ما لايقاف هذا الهدر الإنساني والهدام الجغرافي والسفه الاقتصادي، لكي ننقذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.

إننا على ايمان تام بأن القوى الديمقراطية مؤهلة كي تلعب هذا الدور لعدة أسباب، منها تخطيها للعقائدية المتجمدة، ورفضها للطائفية المتخلفة، وإيمانها بالتعددية والديمقراطية، واحترامها لحقوق الإنسان السوداني في شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله، برجاله ونساءه وشيوخه وأطفاله، بتعدد ألسنتهم واختلاف معتقداتهم، وتنوع أعراقهم وانتماءاتهم.

نحن في الجبهة السودانية للتغيير، لا نطرح تصورا مسبقا أو نقترح تنظيما مغلقا أو أفكارا تقريرية نسعى إلى تسويقها أو أحلافا نستقوى بها من أجل كسب سياسي آني أو مستقبلي، أنما نؤكد على أهمية الاتفاق حول رؤية سياسية، وبرنامج عمل نستعيد به ثقة جماهير شعبنا في تنظيماته السياسية المختلفة، ومن ثم استقطاب السخط الشعبي وتوجيهه نحو إسقاط النظام. وفي هذا نطرح أجندة التغيير السياسي حتى لا تكون عملية إسقاط النظام عملا هامشيا ومحصورا في تغيير المراكز والشخصيات، أي تغيير النظام دون تغيير مؤسساته الخربة، وحتى نتجنب سلبيات الماضي المتمثل في انتفاضتي أكتوبر وأبريل، واجهاض أهدافهما مما أدى إلى تعثر التجربة الديمقراطية، والتي يمكن إرجاعها أساسا للتناقض بين وزن الحركة الديمقراطية والنقابية ومساهمتهما في عملية التغيير السياسي، وموقفهما المتناقص من المشاركة في السلطة التنفيذية والتشريعية، الشيء الذي جعل الانتفاضات الشعبية لا تصل إلى مراميها وأهدافها النهائية.

نحن لا ندعي بأننا القوى الديمقراطية الوحيدة في الساحة السياسية، ودعوتنا إلى توحيد القوى الديمقراطية لا تتتعارض مع إحترامنا لقوى ديمقراطية أخرى، لها خيارتها بعضها تاريخي أو عقائدي وفقا لقاعدة احترام الرأي والرأي الآخر، فهذه القوى لها تطلعاتها تجاه من تمثلهم، بل تجاه الإنسانية جمعاء وفقا لفلسفتها الأممية، كما ولا نهدف إلى منازلتهم في قناعاتهم الفكرية أو العقائدية، ولا نسعى أو نهدف إلى تقويض أحزابهم أو تنظيماتهم، إنما نؤمن بإمكانية العمل المشترك نحو استرانيجية توحيد القوى الديمقراطية، ومن خلال الايمان الراسخ بقبول الآخر واحترام خياراته.

ومع إيماننا بالفشل التام لتجربة التجمع الديمقراطي، وقوى الاجماع الوطني، وعجزهما في منازلة السلطة، إلا أننا نقبل بأن هناك قوى سياسية ما زالت تؤمن بإمكانية العمل من خلاله، فهذا حيار ديمقراطي مكفول لهم، ولكننا لا نعتقد بأن هناك تناقض بين هذا الموقف، والسعي الجاد نجو توحيد القوى الديمقراطية. فنحن نفرق بين ما هو موقف مرحلي، وبين ما هو موقف استراتيجي يهدف إلى إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة تلبي تطلعات الشعوب السودانية التي عانت كثيرا.

لا شك أن عملية توحيد القوى الديمقراطية، وفتح المنافذ والقنوات لتوحيد الرؤى السياسية برامجيا وتنظيميا قد واجه إعاقة عنيدة، وعزم لا يلين من القوى اليمينية العقائدية والرجعية الطائفية، لكي تبقي القوى الديمقراطية متخندقة في جزر معزولة لا قاسم مشترك بينها سوى إجترار ماضي المرارات والادانات الشفاهية للتدمير الممنهج لمقدرات وموارد الوطن وإنسانه. ومع ذلك هناك إشارات مضيئة من التجارب التاريخية الإنسانية الملهمة قدمت لنا أرضية يمكن البناء عليها في إطار تغير معطيات الماضي التي حالت دون توحيد القوى الديمقراطية، فواقع السودان السياسي المأزوم اليوم قد أفرز رؤية مغايرة للتفسير الايجابي لهذا الفشل والاستفادة منه في توحيد تلك القوى لمواجهة الآتي.

إن الوعي بأهمية توحيد القوى الديمقراطية في حد ذاته خطوة بالغة الأهمية نحو الطريق الصحيح، واتطلاقة حقيقية لاستشراف الظرف الممكن للفعل السياسي الراهن لتحويل الطاقات السلبية إلى فعل يكسر الجمود السياسي والجدل الدائري الذي يفضي إلى العدمية والفراغ، ويقف حائلا دون انجاز هذا الهدف ،والاستكانة إلى صعوبات الواقع المعيق.

من المسلم به أن توحيد القوى الديمقراطية ليس غاية في حد ذاته، إنما وسيلة حاضنة لأولويات وطنية مرتبطة بوجودنا على هذه الأرض التي تسمى السودان من هذه الأولويات: الأمن والاقتصاد والصحة والتعليم والاستقرار السياسي في المجتمع والدولة ككل وتغيير شكل الدولة القديمة، وهذا لن يتم إلا بعملية سياسية مركبة، فهي من جهة عملية تغيير واعي ومحسوب، ومن الجهة الأخرى عملية بناء وطن وفق أسس علمية مستمدة من تجارب الآخرين، والرابط بينهما هو أن تتحد الرغبة والإرادة لتحقيق ذلك الهدف، وإلا صارت أولوياتنا كأحزاب سياسية ومنظمات مدنية وحركات مسلحة واتحادات شبابية وطلابية ونسوية وجباه متعددة تنحصر في التصدي لسطة الجبهة الإسلامية القومية بصورة تكاد تبرر لوجودنا السياسي كمعارضة لتستمد شرعيتها بإدانة ما تعارضه فقط، أي الوقوف عند محطة رد الفعل والعجز عن الفعل المفضي إلى نتائج تنقذ وطن على شفا هاوية.

علينا أن لا نجعل من اختلاف المواقف السياسية، وتعدد المشارب الفكرية عقبة كأداء تحول بيننا وبين الوحدة، بصرف النظر عن الشكل الذي سوف تكون عليه، فالوحدة التي نريدها لا تعني بأي حال من الأحوال الاندماج أو الذوبان في الآخر، إنما يكفي أن تكون وحدة هدف ومصير مشترك مبنية على أسس واضحة تكون محصنة من احتمالات الردة والانتكاس، لتتجاوز هذا الجمود الراهن واحتمالية استمراره في المستقبل، حتى لا نكون أسرى أزمات الانغلاق الفكري، والعجز عن الفعل السياسي.

قبل الشروع في مناقشة وحدة القوى الديمقراطية، علينا في البدء تفكيك كلمة القوى الديمقراطية، ماذا نعني بها وما المقصود بالوحدة وما هو أساسها وما هي برامجها السياسية؟، هل هي مرحلية تنتهي بتحقيق أهدافها أم هي وحدة استراتيجية تتسم بالشمول في مواجهة شمول المعوقات التي تقف حائلا دون هذه الوحدة؟، بالتأكيد أن هذه الأسئلة المشروعة ليست أسئلة جدلية أو خلافية، ولكي ننطلق من أرضية ثابتة علينا توحيد لغتنا في تعريف المصطلحات، حتى نسهل عملية توحيد هذه القوى لمواجهة التحديات الجسيمة المحدقة بالدولة السودانية، فالقوى الديمقراطية هي كل تنظيم أو جسم سياسي يؤمن بالخصائص الرئيسية للديمقراطية والمفاهيم الأساسية المرتبطة بها. أما تعريف كيفية اتحاد هذه القوى ستحدده هذه القوى نفسها عند مناقشة وتفكيك معوقات هذه الوحدة لأن شكل الهدف التي تريد الوصول إليه يحدد مضمون هذه الوحدة أولا وبالتالي تعريفها ثانيا.

الكرة الآن في ملعب الجميع أي كل القوى الديمقراطية إلا من استثنى نفسه وعزلها وفقا لأجندات استعصت علينا مغاليقها، فهم وحدهم يملكون الاجابة التي تبرر مواقفهم من الوحدة. فعليه يتوجب علينا تحديد شكل الوحدة التي تخدم أهداف الشعوب التي نتكلم ونعارض باسمها، وإلا سوف تتجاوزنا هذه الشعوب وتأخذ مصيرها بيدها وعندها قد لا يفيد اجترار الندم.

الجبهة السودانية للتغيير

۱٢/٨/٢٠۱٣م

تعليق واحد

  1. التاريخ يقول
    التاريخ يقول إن الوقت ليس في صالح الطوائف الدينية التي كونها وقواها الإستعمار وإستقلت الدين وطيبة أهل السودان وجهلهم وتدينهم لتعيش في بحبوحة أسطورية غير مسبوقة في تاريخ السودان والي الآن لها أتباع منهم من يخدمونها في قصورهم ومزارعهم دون أجر ومنهم من يأتمرون بالإشارة ويركعون ويبوسون أيدي كهنتها ؟؟؟ هذه الطوائف للأسف الشديد ما زال البعض يطلق عليهم لقب أحزاب ديمقراطية ؟؟؟ في ذبح تاريخي لما تعنيه كلمة حزب وكلمة ديمقراطية ؟؟؟ أن مصلحتهم الحقيقية أن يظل وضع السودان كما هو عليه الآن متخلفاً وشعبه ذليل ويقبع في زيل كل الأمم ؟؟؟ وبالتأكيد أنه لن يكون لهم مجال في الثورة القادمة ذات الأهداف الوطنية والتي علي الأبواب ؟ والتي من أولياتها تحرير وتطوير الأنسان السوداني بقض النظر عن لونه أو قبيلته أو عنصره أو منطقته ؟؟؟ كما إن هنالك خطورة كبيرة عليهم من توحد الأحزاب الوطنية من شباب الجيل المستنير والثائر ؟؟؟ ففي السودان الآن 86 حزب مسجل وأكثر من ذلك غير مسجل ومعظمها له هدف واحد وبرامج وطنية متشابهة وإنما ينقص قادتها الكثر الجرأة والثورية للتفاوض مع بعض للإتحاد والإندماج لتكوين حزب شبابي وطني عصري له برنامج وطني مدروس ليكون قوة ضاربة تحل محل تلك الطوائف هي ودينصوراتها المنقرضة ؟؟؟ حزب يهزم تجار الدين في أي ميدان يختاروه سواء بالإنتخابات الحرة ونزيهة أو بالسلاح ؟؟؟ يا شباب السودان المستنير وثائر سودانكم الغريق يناديكم إتحدوا ؟ إتحدوا ؟ إتحدوا ؟ ا اليوم قبل الغد لكنس تجار الدين الكهنة القدامي والجدد الكيزان اللصوص القتلة مغتصبي الرجال والنساء والأطفال قاتلهم الله ؟؟؟

  2. اقسم بالله اننى تقدمت بهذا الاقتراح في عام 1986 لاحد الاخوه في الفصائل اليساريه ولكنهم لم يعيروه اهتماما
    لاادعي بانني قارئ للمستقبل او(خبير استراتيجي) ولكني اعتقد ان هذا هو بدايه لطريق صحيح اني معكم وىشرفنى ذلك هذا مع تحياتي لابن السودان البار صاحب التعليق الاسفل والذي اتفق معه تماما في رؤيته المستقبليه

  3. عشان توحد حتى الشعب في رؤية جديدة
    ركز على الاعلام المرئي ومصر تحررت من اصر الاخوان المسلمين تماما وميزت صفوفا تمام وانتو قاعدين في مصر شوفو ليكم فضائية تعرف بالسودان حضاريا وفكريا وثقافيا وانتو اتواضعو وفتشو الافكار والرؤى التي تقدم في الشبكة الانترنت من كل انحاء العالم وده عمل داتا بيز مهم جدا
    والتغيير لو ما حصل في وعي الناس السودان ما بتغيير
    البرنامج السودانية الجيدة موجودة في السودان من 1955
    فقط مغيبة بفعل فاعل

  4. هذه الدعوة ستجد مقاومة شرسه من قوى الظلام ولن تترك لكم أي فرصة للتوحد أتعرفون ما هو السبب لأنكم كقوى ديمقراطية حقيقية أخطر عليهم من الذين يحملون السلاح لأنكم تعرفون من هم ويمكنكم تعريتهم أمام قواعدهم المغشوشة فيهم الذين تم استغلالهم أبشع استغلال وفي النهاية تنكروا لهم وتركوهم يواجهون مصيرهم لوحدهم أمام عصابات الانقاذ…تأتي أهمية هذه الورقة بأنها جاءت واضحة لا غموض فيها وتركت الكورة في ملعب شتات هذه القوى لتحدد كيف تتحد لمواجهة هذا الظرف الذي يمر به السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..