
بالطبع ليس من الجيد ان يجلس اي كائن من كان على كرسي الحكم دون شعور بالقلق وتعكير المزاج نتيجة لتروس الشوارع و(دخاخين) اللساتك التي تعكر صفو فخامة الديكتاتوريات الحاكمة .. ان التظاهرات هي ذكام الحكام الذي يشعرهم بالحرج الشديد وهم يتطلعون الي مقامات نظراءهم من أصحاب الفخامه والمقامات السامية .. فهم يرغبون في ان يراهم العالم في كامل (ابهتهم) وفخامتهم الرئاسية .. وهذه الفخامة لا تكتمل بالطبع وشعوبهم تغلي وتنتفض أمام كاميرات العالم التي تقف بالمرصاد لكل هبة وانتفاض .. لذلك سرعان ما يتسلطون على هذه الحشود بالقمع المفرط ويحاولون دائما تصوير الثوار على اساس انهم مجرد شرذمة قليلون حتى ولو انتفض كل الشعب وثار ضدهم .. يلصقون عليهم التهم جزافا ويحاولون تجريمهم بابشع الجرائم .. وفي مراحل غرغرتهم الاخيره قد يلجأون الي العنف المفرط ولو ادي ذلك الي اباده نصف هذا الشعب .. وفي العادة .. عندما يصلون الي مرحلة القمع المفرط فهذا يعني دنو لحظات السقوط ..
حدث ذلك في عهد نظام المخلوع .. حين انبرى منسوبيه لوصم الثوار بشذاذ الآفاق ثم جاءت مرحلة القمع المفرط وقد شهدنا جميعا ما حدث من جرائم بشعة للثوار ، حتى لحظات السقوط كان الجنرال المخلوع يحاول ان يجد من يبرر له قتل نصف هذا الشعب الثائر ليتسني له حكم النصف الآخر دون (شوشره) ..
وللاسف .. حتى بعد مجيء (شبه) الدوله المدنيه بزعامة بعض قوى الحرية والتغيير لم يتبدل هذا القمع كثيرا .. فبعد ان وصلوا الى القمة محمولين علي أكتاف الثوار ، انتقلت إليهم نفس عدوي إخماد الجماهير .. فكانوا بالمرصاد لكل حراك يطالبهم بتصحيح المسار .. ولقد شهدنا جميعا كيف ان حكومتنا المدنية بدأت (تعاف) وتتأفف التظاهرات وتتريس الشوارع .. وبداوا بوصف الثوار بأنهم الكيزان والفلول بشحمها ولحمها .. بداوا التشكيك في نشطاء الثورة .. والتنكر للجان المقاومة التي اتت بهم الي كراسي الحكم بنفس هذه المتاريس .. حتى انت يا (بروتس) !
ثم خلفهم البرهان فانقلب علي ما تبقي من بصيص لشرعية الانتقال وشايعه في ذلك من شايعه ولكن الثوار كانوا له بالمرصاد ولم يتركوه ينعم بكرسي الانقلاب لحظة واحدة .. بدات الثورة من جديد .. وبدا القمع يزداد .. وقد شهدنا حتي الان زهاء المئة شهيد ولا يزال البرهان يقمع ويبطش وفي يقينه ان هذا القمع سوف يخلي له الشوارع يوما ما .. وهو امر تتاكد استحالته كل يوم مع جداول الثورة الممتدة .. الاجهزة الامنية والشرطية يتم استنفارها في معارك الكر والفر مع شباب عنيد من المؤكد عدم هدوءه حتي تتحقق مطالبه وحلمه في بناء دولة مدنية لا بد منها وان طال فجر الثورة ..
منظر الشرطة وهي تحمل عتادها الحربي لحسم هذه المعركة لصالح جنرالاتها واستخدامها للقمع المفرط .. والامن والجيش النظامي وغير النظامي .. ولا استبعد ان يضاف اليهم تشريفه القصر وسلاح الموسيقي لزيادة التعزيزات الامنية اللازمة لحسم المعركة .. يبدو ان جداول التصعيد المستمر بلا توقف لا تبشر هؤلاء الحالمين بسلطة هانئة..
يبدو ان لا احد يرغب في ان يتعلم حرفا واحدا من دروس الثورة التاريخية ..
علي البرهان ومن سياتي بعده أن يعلموا يقينا ان هذه المتاريس جاءت لتبقي ولتكون شوكة حوت لكل من يحيد عن خط الدولة المدنية وتحولها نحو البناء الديمقراطي الحقيقي .. سيتوقف الثوار فقط حين تاتي حكومة تستطيع ان تلبي هذا الطموح ببناء سودان افضل ..
وحتي ذلك الحين فعلي قوي الثورة الحية ان تتوحد في برنامج حد ادني تتوافق عليه جميعا بعيدا عن برنامج الحزب الواحد وتباين الايدلوجيات .. وهذه الاهداف الوطنية هي وحدها من يوحد كل حادب وغيور علي هذا البلد .. وهذه البرامج يجب ان يضعها خبراء اكاديميين مختصون في هذه المجالات ، يجب الاستعانة باساتذة الجامعات لصياغة هذه البرامج الوطنية لتكون هي الموسسية القادمة لكيفية الحكم ، لانه وحتي ان اتي برلمان منتخب من هذا الشعب سوف لن يكون قادرا علي وضع الاطر الفنية الصحيحة لضروريات بناء الدولة .. لان الدوائر الانتخابية حتما ستاتي باشخاص تعوزهم هذه الفنيات الضرورية لوضع لبنات صحيحة تكون اساسا لبناء السودان .. ان الاقتصاد يتم بناءه برجال الاقتصاد وليس رجال السياسة .. وقد لا تاتي صناديق الانتخابات بمن هو مقتدر في هذا المجال مما يجعلنا لا نبرح نقطة تخلفنا شبرا واحدا .. والانتخابات قد لا تاتي بالقانونيين المتمرسين في مجالات صياغة القانون وقد ينتهز قلة من اصحاب الخبرات المتواضعة وضعيتهم الدستورية فيضعوا لنا دساتير هشه تخدم فئة قليلة ولا تراعي مصلحة الوطن .. وكذلك الحال فان بناء منظومة عسكرية هو شان يفقهه العسكر ولا احد سواهم يستطيع الادعاء ببناء منظومة عسكرية موحده تستطيع ان تستوعب هذا الكم الهائل من القوات غير المتدربة فهذا الشان يفقهه العسكر وحدهم وهم اولي بخبزه ..
وعليه يجب التوافق علي الاتي :
1/ اسناد امر بناء القوات النظامية لكلية القادة والاركان وخبراء المنظومو العسكرية ويكون علي عاتقهم بناء منظومة قوات نظامية موحدة وان استدعي الامر اخضاع هذه القوات غير المنتظمه من قوي الكفاح المسلح الي تدريبات تستمر لسنوات فبناء جيش قوي وقوات متدربة علي مهامها الامنية امر جدير بالتاني .
2/ الاستعانة بمئة من أساتذة الاقتصاد يتم تكليفهم بوضع سياسة اقتصادية طويلة الامد وسياسة اقتصادية اسعافية من خلال اطلاعهم علي الموارد المتاحة لان المواطن لا يستحمل اكثر من ذلك. 3/ وضع برنامج متكامل للصناعات الهندسية من خلال تصميم مشاريع زراعية وحيوانية وغابية وصناعات تحويلية يتم استيعاب الشباب فيها وتفعيل شعار حنبنيهو من خلال الاستعانة بخبراء الصناعات الممكنة..
4/وضع برنامج متكامل لخدمات الانسان الضرورية .. علاج وتعليم ..
5/برنامج متكامل للاجهزة العدلية من خلال اعطاء مئة من القانونيين الاكاديميين من كليات القانون تصميم دستور نموزجي يكون نواه لدستور دائم يراعي تنوع الشعب ويحفظ حقوق الجميع..
6/ الاعلان عن قوي وحدة السودان التي يشترط في الانتماء اليها خلع اي عباءه حزبية .
علي كافة قوي الثورة الحية التوحد بهذا الميثاق والذي يكون بمثابة كتاب الثورة العريضة .. علي الجميع خلع عباءتهم الحزبية فورا وتركها في دور احزابهم والتشمر برداء الوطن الواحد الذي يجمع كل اطيافنا لحسم فترة الانتقال ..
وبعد ان يكتمل كتابنا للثورة ويحمل كل ثائر نسخته في جيبه سوف يقف الجميع بقلب رجل واحد وسيكونون بالمرصاد لكل من يعطل بناء هذا الوطن الذي هرمنا من ان نشهد لحظة سعيدة ترسم تاريخنا الجديد ..
يتبقي امر اخير .. وهو الهيكلة .. اذا قمنا بتحديد خارطة طريق واضحة المعالم فحينها يجب ان لا نقلق علي من سيحكم وفي ايدينا كتاب الثورة الذي خططه خبراء بلادي ..
انها اللبنة الاولي في طريق كيف يحكم السودان وليس من يحكمه ..
كلام سليم واوافقك الراي تماما.