إنت يا الكبرتوك

تطلع نهي من بيت ناس أبوها ، بعد أن اختارت من أسمالها البالية ما ينفع للخروج للشارع ، وتركب الحافلة ( وهي طالبة بالمناسبة ) وتنحشر في مقعد نص ضيق ، ثم ( يطقطق) الكمساري فتناوله 40 قرشاً هي نصف الفئة التي يدفعها الطلاب ، فيبادرها الكمساري ( وين البطاقة ؟) فتفتح الشنطة وتخرج البطاقة ( التي في طرفها حور) ، ثم ينهرها الكمساري ( ما قاعدة في المقعد الأخير ليه ؟ ) ويطالبها بباقي التذكرة ، وتحدث ( الشمطة) ويتدخل العقلاء لفض الاشتباك بين نهي والكمساري .

وتنزل البت نهي من الحافلة وتذهب صوب الجامعة ، ولا بد أن تدخل من باب دخول الطالبات ، فيستوقفها الحراس تارة لأن الطرحة خفيفة ،ومرة لأن البنطلون ممنوع ، ومرات لأنها لم تدفع رسوم التسجيل وبالتالي لم تجدد البطاقة .

ولو سكنت الداخلية ،مطلوب من نهي أن تأتي قبل التاسعة مساء ( أي 8 بالقديم) ، ولو تأخرت دقيقة ح تتعرض لاستجواب ونصائح أخلاقية ( وتحذيرات) وقد تطرد من السكن الداخلي . وممنوع علي نهي والأخريات عدم الخروج من الداخلية بعد الساعة 7م ، لأي سبب من الأسباب .

وتتخرج نهي فتكتشف أن الكثير من شركات (الأخوان ) لا توظف البنات ، وأن هنالك مصالح حكومية تفتح التوظيف للرجال فقط ، وتكتشف كذلك أنها وخطيبها ( بدون عمل) لن يستطيعا الزواج إلا يوم القيامة العصر .

ولو اشتغلت نهي ست شاي ستطاردها الكشة ، ولن تشتغل سواق رقشة أو تاكسي لأن هذا العمل محظور علي البنات ، ولو أرادت أن تشتغل عاملة في ( طرمبة) بنزين سيقف في وجهها قرار ولائي سابق .

ولو خرجت نهي ( تقديمة) لصاحبتها بعد المغرب ، ولو أمام بيتهم ، ستفاجئها ( الطارة) وما أدراك ما الطارة ، وربما وقفت أمام محكمة وجلدت كما تجلد العير .

والويل لنهي إن فكرت في تكوين فريق كرة قدم نسائي ، أسوة بنساء العالم ، فالمهووسون يحظرون مثل هذه الألعاب التي ربما تكشف الساقين ، أو ينسدل الشعر في حالة ال( head) ، وبالتأكيد لا تستطيع الآنسة نهي السباحة بالملابس الخاصة بهذا النوع من الرياضة في أي متر مربع من سودان الإنقاذ .

ولو كرهت نهي ( أعزّ مكان عندي السودان ) وقررت الهجرة ، فلابد أن يقف ( ولي أمرها) أمام السلطات المختصة للإقرار بموافقته علي سفر المذكورة أعلاه ، وإلا رجعت بالحافلة إلي بيتهم ? الذي هوي – بمربعات الشريف الكائنة بنواحي الجريف والتي مسحها الخريف ، لكن مظاهراتها لن ( تقيف) .
الميدان