حينما يكون الحاكم خارج التغطية ..!

مبتدأ الحاكم الديكتاتور دائماً يكون مخالفاً لخبره بدرجة مائة وثمانين درجة من الإلتفاف أو النكوص .. فتراه في بياناته الأولى حينما يقفز الى سدة الحكم .. طبعاً من على دبابة في ليل الغفوة أو حتى أحياناً في نهار الغفلة .. يأتي وهو يتحدث عن فساد من إنقلب عليهم ويفرش البحر طحينة للشعب واعداً إياه بالإصلاح أو الإنقاذ وعبارات من ذلك الشعر الكذوب .. ثم يتبع ذلك إما بقطع بعض الرقاب التي يرمي بها حظها العاثر تحت مقصلة شدة غرباله الجديد أو يزج ببعض الخصوم في السجون الى آخر تلك المصفوفة التي حفظناها عن ظهر قلب وهي بالطبع لا تنتهي عند تشريد الالاف بدعاوي التطهير أو تصفية الخدمة العامة في شتى مناحيها المدنية والأمنية والعسكرية من الخونة وأعداء الثورة .. فيخرج له الناس فرحين بعهده ومصدقين لوعوده !
لكن ما أن يستقر به الأمر ويطيب له الجلوس على الكرسي الوثير .. حتى يتبدل حاله الى ما هو أسوأ وأقبح من الذي جاء بذريعة إصلاحه !
لذا فإن الديمقراطية الحقة تنص دساتيرها على تحديد البقاء في المنصب الرئاسي لفترات معينة .. لان تطاول المدة سيجعل مرض الوهم يسري في عقل الحاكم ويحعله خارج التغطية العقلانية في خطابه وتصرفاته التي تنطلق من إحساسه الذي يتملكه من الداخل بقناعة شديدة بانه أصبح خاتمة المطاف ، إذ لم يأتِ من هو افضل منه ولن يأتي من سيزيحه من المنصب الى درجة أنه ينسى هادم اللذات !
ولكن من حيث لا يحتسب تاتيه الطامة التي تكذب غروره بذاته وصفاته ومزاعم منجزاته !
فكم ذهب الكثيرون سقوطاً وقد تعثروا في ثياب خيلائهم .. فطواهم عجل الزمن الذي لم يحسبوا لحركته تجاههم حساباً !
فمن يظن أنه الأقوى فحواء قد ولدت غيره ممن هم أكثر بسالة حقيقية وليست نفخة بهواء السلطة .. بل واعقل واقدر على إدارة الأمور عنه بالحكمة والكلام باللسان الرطب الذي يحبب فيهم الناس .. وحينما يذهب الحاكم منهم يظل التاريخ يذكره بحسن السيرة وهكذا يكون القائد !
أما فالت اللسان وقليل الإحسان ومدمر الأوطان وهالك الإنسان فإنه إن هو بقى وأمد الله له في زمان حكمه .. فذلك ليمتحنه في إمكانية أن يعتدل عوده الذي أحنته الذنوب والعيوب ومن ثم تكون أمامه الفرصة سانحة ليستقيم ظله من بعده بالذكر الحسن إن هو مضى بالحسنى .. هذا إن هو إرعوى وثاب الى رشده .. ولكن إذا ما ظل سادراً في غيه و غيبوته خارج التغطية المنطقية في القول والفعل .. فإن هو سقط مخلوعا أو هارباً أو أخذ المولى أمانته ..فسيذهب تتبعه اللعنات و سيسقط ايضاً من ذاكرة التاريخ إلا حينما يستعيد الناس ذكرى الذين لوثوا حوائط الأوطان بشخبطات عبثهم ، وسيدعون عليهم بالمزيد من اللعنات في دنياهم وآخرتهم.. والعياذ بالله منها لعنة ً!
bargawibargawi@yahoo>com