أُناهيد عثمان تحكي تفاصيل اعتقالها وتعذيبها

عبدالوهاب همت

الحلقة الأولى

ظلت حواء السودانية عصيةً على الاذلال والتركيع ، صبرت وصابرت وناضلت منذ قرون إنصرمت وتأريخنا حافل بأشماء شمخت وظلت سيراً يمضي بها الرُكبان.
ورغم ظروف القهر والتسلط الذي يمارس تجاههن لكنهن ظللن صامدات والمجال لايسمح بحصر الاسماء فلهن جميعهن تحية تستحقنها في يومهن . والى الرمز السوداني الشامخ فاطنة أحمد ابراهيم الانحناءة وهي ترقد في أرض السودان معطرةً ثراه ليحول جسدها الطاهرة الى كيمياء تغذي الارض وتنبت ثوريات قادمات يحملن راية ظلت ممسكة بها الى أن توفيت ، وهي التي قدمت في سبيل نهضة ورقي المرأة السودانية كلما يمكن تقديمه ، ودفعت أثماناً لمواقفها السجن والاعتقال والاقامة الجبرية ، لكن ذلك لم يثنيها عن بلوغ أهدافها ومراميها ، حتى نجحت في مساواة النساء بالرجال في حق العمل بينما دول أوربيه لازالت حتى اليوم لم تصل الى هذا الهدف. إنتزعت فاطمة وزميلاتها للمرأة السودانية حق التعليم والعمل والتظاهر …الخ….
أناهيد عثمان أحمد البشير ، القيادية في الجبهة السودانية للتغيير ، أمها سكينة الجزولي واحدة من أولى النساء اللائي تصدين للدفاع عن حقوق النساء ، ونحت منحى آخر اذ نالت لقب أول إدارية في أندية كرة القدم السودانية اذ تم إنتخابها لعضوية نادي الحركة الوطنية السودانية نادي الهلال العظيم.
تم إعتقال أناهيد بعد يوم واحد من وصولها الى السودان قادمة من لندن والتي تقيم فيها مع أسرتها.
أتركها لكم في الجزء الاول تحكي عن قصة اعتقالها:

تم إعتقالنا في يوم 31 يناير عند مشاركتنا في مظاهرة ميدان الشعبية وكان الاعتقال بره الميدان ، وكانت القوات الامنية قد احتلت الميدان منذ الصباح الباكر والدعوة للتظاهرة كانت الساعه الثالثه ظهراً ، ونحن كنا قد وصلنا حوالي الثالثه والنصف . وفي تمام الرابعة تم إعتقالنا.
وكنا داخل عربة احد الاصدقاء أنا وشقيقتي رباب ، وعندماهم لابسين ملابس عادية وهم كانوا متابعين عربيتنا في لحظة نزولنا من العربية حاوطوا العربية حوالي عشرة أشخاص كلهم من الامن مشاركتنا في مظاهرة ميدان الشعبية بحري والإعتقال تم بره الميدان وكانت قوات الامن إحتلت الميدان من الصباح الباكر والدعوة للتظاهرة كانت الساعة الثالثة، نحن كنا وصلنا حوالي الساعة ثلاثة ونصف إعتقلونا في حوالي الساعة اربعة.
كيف تم إعتقالكم؟
أصل الحكاية جانا صديق زائر للبيت وقال ماشي بحري بحري فطلبنا منو يوصلنا معاهو وللامانة هو ما كان عارف إننا ماشين المظاهرة ونحن قررنا أصلاً ما نكلموا عشان مافي زول ينقنق وداخل العربية لما وصلنا نهاية الميدان شقيقتي رباب عثمان أحمد البشير كانت قاعدة تصور بالموبايل حقها لكن بطريقة سرية وعناصر الامن كانت لافه حول الشارع الرئيسي عن طريق المواتر والعربات وفي واحدين ماشين كداري ساكت وطبعاً لابسين زي مدني، في ناس واقفين على الاطراف جاءوا للمشاركة في التظاهرة لكن تم تفريقهم وهم كانوا برصدوا كل صغيرة وكبيرة ونحن ما كنا شايفنهم لأنهم كانوا لابسين ملابس عادية في لحظة محاولتنا النزول طوالي هم فتحوا أبواب العربية والراجل صاحب العربية طبعاً كان مفروض يوصلنا ويمشي محل ماشي طوالي وقاموا طوالي انزلوه بالقوة وتم اخدنا الثلاتة للضابط داخل الميدان وقالوا ليهو ديل صوروا، قال ليهم جيبوا البوكس وكانوا اي مجموعة بقبضوها بكبوها داخل عربات البوكس وبجروا بيهم طوالي.
لما ركبوكم في البوكس هل كنتم جالسين على حافة البوكس؟
لا كنا باركين في البوكس رؤوسنا على الارض ولو حاولت تمسك في البوكس بضربوك في يدك بالخرطوش أو العصي عشان تنزل يدك.
البوكس هل كان ماشي بسرعة معقولة؟
كان طاير طيران عن بالطرق الفرعية مش الشوارع الرئيسية وبجري في الدقداق والحفر والحجار والمطبات ونحن نكير فوق ونتخبت بحديد البكس والسرعة جنونية زي خطف العصابات.
عندما تم إلقاء القبض عليكم من داخل العربة كيف كان التعامل هل نزلتم بهدوء؟
قبل ما نخت كراعنا في الأرض ضرب جد لحدي ما وصلنا للضابط ضرب بالعصي والخراطيش ضرب بدون رحمة وفي اي جزء من الجسم ولحدي ما وصلنا الضابط حتى الضرب وقف بعد داك جابوا بوكس و الصراخ هستيري بصرخوا فينا ما معروف لي شنو نزل يدك ..اقعد تحت ..غمض عيونك ..اسكت ما تتكلم ..وما بعرف شنو ونحن أصلاً جوة البوكس اتخبطنا شديد لأنو أجسامنا كانت بتضرب في البوكس والشوارع منتهية وهم كانوا عايزين يخوفونا.
هل كنتم عارفين ماشين وين؟
لا أبداً هم طلبوا مننا ندنقر رؤوسنا لي تحت ولما وصلنا مكاتب الامن شعرت باننا ما زلنا داخل بحري دي كانت مكاتب الامن موقف شندي.
كيف ووين نزلوكم؟
البوكس وقف قدام الباب مباشرة ومن البوكس لداخل المبنى.
حصل شنو داخل مكاتب الامن بعد وصولكم؟
وصفونا في ممر طويل وطلبوا مننا نقبل وجوهناعلى الحيطة ممنوع الكلام وممنوع اي حاجة والمسافة بين كل واحدة والتانية حوالي متر والناس في الاتجاه التاني على نفس وضعيتنا بس متجهين عكسنا برضو على الحيطة وظهورنا في مواجهة بعض.
لحظة وصولكم كم كان عدد المعتقلات تقريباً؟
حوالي اربعة ودخلنا نحن انا ورباب اختي والراجل الاعتقلوه معانا بدون سبب اخدوه لطابق تاني نحن طلعونا الطابق الخامس.
هل ركبوكم أسانسير؟
لا طلعنا بالسلم العادي في ناس من ناس الامن قدامنا وواحدين ورانا كان في بنتين واقفات ،ووقفونا جنبهن وكل الرجال اخدوهم لمحل كنا نحن نسوان بس وفي ولد صغير عمرو 16 سنة جابوه معانا فترة وبعد داك رفعوه فوق فيما بعد عرفت انو ود اخت إبراهيم الشيخ وديل جابوهم خمسة إتنين بنات إبراهيم الشيخ وبنات اخت إبراهيم الشيخ إتنين وواحدة ولدها معاها بعد فترة تاني جابوا ولد شاب وطلبوا منو فتح الموبايل وقدر ما ضربوه رفض رفض بات ما يفتح تلفونه رغم انو الضرب كان وحشي وأثناء الفترة دي الضابط قال ليهم دخلوه المكتب لكن كان مصر انه ما يفتح الموبايل.

لحدي النهاية وكان شجاع جداً وموقفه حاسم.
كيف بدأ التحقيق معكن؟
نادونا واحدة واحدة وأنا دخلوني الضابط كان لابس ملكي واخد مني المعلومات الأولية الاسم السكن الاصدقاء والحالة الإجتماعية ومنو الدعاك للمشاركة في المسيرة هل انتي سياسية والكلام دا كلوا ما اخد وقت طويل.
يعني اخد زي كم؟
معاي أنا حوالي نصف ساعة.
قعدوكن قدر كم في المباني دي عشان التحقيق؟
نحن كنا واقفين على حيلنا ستة ساعات وبعد داك بدأ التحقيق والتحقيق معاي زي ماقلت ليك كان زي نص ساعه.
خلال الستة ساعات كنتو بتعملوا شنو؟
ياهو زي ما قلت ليك مصلوبين وجوهنا على الحيطة لا حركة لا كلام.
لو اتحركت واحدة بحصل شنو؟
ضرب شديد.
لو اتكلمت مع الجنبك؟
برضو بضربوك يعني ما تتخيل الضرب كيف مع الجوع والعطش والتعب والتوتر ،خاصة وأهلنا ماعارفننا نحن وين.
هم كانوا قاعدين وين ناس الامن؟
اتنين كل واحد بقيف في طرف من طرفي الصالة وتلاتة اربعة لافين في النص دا غير الماشين وجايين وهم كميبة مهولة كأننا في حالة حرب.
يعني تقريباً عددهم بكون زي كم؟
ما بين عشرين الى ثلاتين وما بتقدر تحسبهم.
الواحد لمن يجي يتكلم معاك بقول ليك شنو؟
بستفزونا وبقولوا للواحدة ضربوك؟ طرطشوك ؟ وكلام فارغ زي دا بعد ما يمشي واحد يجيك التاني.
هل هم ملثمين؟
اغلبهم ملثم.
الملثمين عساكر ام ضباط؟
عساكر والضباط ما ملثمين.
كم ضابط حقق معاكم؟
كمية لانو حققوا معانا مرات كثيرة بعد التحقيق الاولي بتاع المعلومات وفي واحد من التحقيقات معاي دخل واحد قال ليهو واحدة من المقبوضات قالت حامل ودي دخلت قعدت في الكنبة حضرت معاي التحقيق حقي بشكل كامل والتحقيق الاول ما كان فيهو إستفزاز أما التحقيقات التانية كانت عبارة عن إستفزازات و تخويف وإساءات وكل التحقيقات كانت في مبنى مكاتب الامن لكن مبنى مختلف عن الاول.
كيف كان يتم توصيلكن لمكاتب الامن؟
عن طريق العربات وبرضو كانوا ملثمين والناس داخل المبنى دا ملثمين ما عدا الضابط.
المشوار بعيد ولا قريب وبأي نوع من العربات كانوا ياخذونكم؟
المشوار قريب جداً كانوا بسوقونا بحافلة.
هل الحافلة عاديه ام مظللة؟
مظللة وفيها ستائر تقيلة وكانوا بطلعونا من باب المبني لباب العربية مباشرة وبنزلوا لينا رؤوسنا لتحت وبغطوا لينا عيوننا بالطرح حقتنا وما شايفين اي حاجة وقاعدين بقول لينا اقعدوا نقعد قوموا نقوم.
لما تنتزلوا بحصل شنو؟
نفس الفيلم يجيبوا العربية مع الباب بالضبط كراعك من باب العربية لباب المبنى والمبنى الثاني بتاع التحقيقات مافيهه طوابق كثيرة ولا مكاتب كثيرة وشكلوا زي بيت وحوالينه مليان زنزانات دخلونا للمكاتب دي حققوا معانا وفي اليوم الثاني خلونا قاعدين بس من الساعة تسعة صباحاً لحدي الساعة خمسة مساء.
في اليوم الأول المبيت كان وين؟
في نفس المبنى الاول.
شكل المبيت كان كيف؟
دخلونا نحن 12 واحدة جوة مكتب فيهو كرسيين وكنبتين والباقيات رقدن في الارض.
الكنب شكلها كيف؟
زي بتاعت الجلوس.
الرقدن في الكنب منو وليه؟
في واحدات كانن مضروبات ضرب شديد وواحدات وقفوهن مسافة طويلة لما جابوهن.
سهير بت اخت إبراهيم الشيخ ضربوها ضرب شديد وهي وقعت من البوكس وكانت تعبانة شديد قمنا ختيناها في الكنبة .
الرماها منو من البوكس؟
اول شئ هي قاومت مقاومة شديدة عشان ما تركب في البوكس قاموا شالوها بالقوة عشان يرموها جوه البوكس فوقعت منهم في الارض وانضربت في أجزاء كثيرة من جسمها نتيجة الوقعة وهم مع كدة وهي واقعة في الارض ضربوها ضرب شديد وتاني شالوها ورفعوها داخل البوكس وبرضو اتواصل الضرب هي وبنات إبراهيم الشيخ.
هل كانوا راصدنهن؟
نعم وبالاسم كمان وكانوا بقولوا لبنت ابراهيم الشيخ يا شيماء الليلة حنوريك قلة الادب الما بتعرفيها والكلام دا كانوا بقولوه قبل ما يركبوهم البوكس والتانية الرقدناها في الكنبة اسمها حنان قالت حامل ،والباقيات رقدن في الارض.