تفاقم الوضع الإنساني بمناطق اللجوء على الحدود السودانية الإثيوبية

في ظل الوضع الأمني الصعب الذي تعيشه إثيوبيا منذ أكثر من عام تزايدت أعداد الفارين من الحرب التي اشتدت في إقليمي تيغراي وأمهرة بصورة ملحوظة خلال الشهرين الماضيين، وأغلب الفارين من النساء والأطفال.
واشتدت المعارك العسكرية في الإقليمين اللذين يقعان على الحدود مع السودان، مما زاد موجات اللجوء التي تتدفق يوميا داخل الأراضي السودانية بعد هجمات شنتها قوات من الأمهرة على المناطق الواقعة شمال مدينة قوندر الإثيوبية.
وتتركز عمليات اللجوء وسط قومية الأمهرة بشكل كبير، إلى جانب اللاجئين من إقليمي تيغراي وبني شنقول.
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية داخل إثيوبيا قدرت الأمم المتحدة عدد الأشخاص المحتاجين لمساعدات إنسانية عاجلة في إقليم أمهرة وحده بنحو 4 ملايين شخص.
توسع رقعة القتال
وعبر عشرات آلاف الإثيوبيين إلى السودان قبل عام عقب اندلاع القتال المسلح في شمال إثيوبيا، ورغم إعلان الحكومة الإثيوبية أكثر من مرة الانتصار على التيغراي فإن المعارك تجددت مرة أخرى لتشمل أقاليم أخرى في إثيوبيا هي القمز وأمهرة والعفر.
ووضع التدفق الكبير للاجئين الإثيوبيين الحكومة السودانية أمام تحدٍ كبير، ولا سيما في ما يتعلق بتوفير الأمن والغذاء لهم، إلى جانب توفير الرعاية الصحية.
وتجولت كاميرا الجزيرة نت في معسكرات اللاجئين على طول المناطق الحدودية، ووثقت الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللاجئون الذين تجاوزت أعدادهم حاجز الـ100 ألف، وفقا لإحصائيات مفوضية اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية السودانية.
وانعكس التدفق الكبير على مستوى الخدمات وأوضاع اللاجئين الصحية في معسكرات التجميع، إضافة إلى مخاطر جسيمة تعترض استقرار وسلامة الهاربين من جحيم الحرب والباحثين عن ملاذ آمن لهم في السودان.
وبرزت تحديات مختلفة تهدد اللاجئين وتؤثر على انسياب الخدمات لهم، وتدهورت الأوضاع الصحية والبيئية وسط تجمعاتهم وانتشرت أمراض معدية بسبب عجز المنظمات عن مواجهة موجة التدفق اليومي.
وتعاني السلطات السودانية من ضعف القدرات لمواجهة نسب التدفق العالية للاجئين، وازدادت أعباء العاملين في المجال بشكل تعقدت معه القضية وصعبت مواجهتها رغم الجهود الكبيرة المبذولة من قبل السلطات والجهات المعنية باللاجئين، وهو ما يستدعي المزيد من الدعم الفني واللوجستي والمالي للتعامل مع الأزمة، وفقا لمشرفين على مراكز التجميع في ولايتي كسلا والقضارف (شرقي السودان).
إحصائيات جديدة
وبحسب آخر تقرير أصدرته لجنة طوارئ الإثيوبيين في القضارف حول دخول اللاجئين وحصلت الجزيرة نت على نسخة منه، فإن مراكز استقبال اللاجئين الإثيوبيين في حمداييت الواقعة بولاية كسلا الحدودية استقبلت 8544 لاجئا.
وأشار التقرير إلى أن العدد الكلي للذين تم ترحيلهم من مراكز الاستقبال في شرق السودان إلى المعسكرات الدائمة بكل من أم راكوبة والطنيدبة بلغ حوالي 43 ألفا و187 لاجئا من التيغراي.
أما العدد الكلي لمن تم ترحيلهم من مراكز الاستقبال في الدمازين إلى معسكر رقم “6” حتى 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري فبلغ 3541 من قبيلة القمز، وبلغ العدد الكلي للذين تم ترحيلهم من مركز استقبال باسندة إلى معسكر بابكري حديث الإنشاء 1465 من قبيلة الكومنت.
كما أن العدد الكلي لمن تم ترحيلهم من مراكز الاستقبال في شرق السودان إلى معسكر الطنيدبة حتى اليوم بلغ 22 ألفا و571 من التيغراي.
مخاوف
ويتخوف المسؤولون في مراكز الإيواء التي أقيمت للاجئين الإثيوبيين من حدوث أزمات صحية وغذائية، في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية، وعدم قدرة المنظمات الدولية على توفير الاحتياجات الغذائية نظرا لتزايد معدلات اللجوء بشكل يومي.
ويقول مسؤول مركزي معسكر المدينة رقم “8” ومعسكر أم قرقور بولاية القضارف مصطفى أنور إن المنظمات لم تتمكن من تقديم المعينات اللازمة للاجئين.
وأكد أنور أن أداءها في توفير الاحتياجات الضرورية ضعيف للغاية، مشيرا إلى أن بعض المنظمات العاملة في هذه المعسكرات أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على الحكومة السودانية.
وأضاف أن المنظمات الدولية باتت تعتمد على السودان في توفير الاحتياجات الضرورية للفارين من الحرب الإثيوبية رغم أن السودان يقع على عاتقه فقط توفير المكان الذي يقيمون فيه.
صعوبات الترحيل
وتواجه السلطات السودانية صعوبات كبيرة في ترحيل الآلاف من الذين تمكنوا من عبور الحدود، بسبب أن بعضهم دخلوا الأراضي السودانية بممتلكاتهم، خاصة الذين يعملون بمهنة الزراعة.
وأقر أنور بوجود إشكاليات كبيرة تواجه نقل بعض اللاجئين من مركز الاستقبال المؤقت في معسكر المدينة رقم “8”.
وقال إن دخولهم بممتلكاتهم الخاصة عطّل نقلهم لمعسكرات دائمة، وشدد على أن الحكومة تخطط لتفريغ معسكري المدينة رقم “8” وأم قرقور بنهاية العام الجاري، لما يشكلانه من تهديدات أمنية لقربهما من الأراضي الإثيوبية.
وعن الإشكاليات والمخاطر الأمنية التي ترتبت على استضافة آلاف اللاجئين، يقول أنور إن أبرز التحديات الأمنية تتمثل في قرب معسكري المدينة “8” وأم قرقور من الحدود.
وأشار إلى المخاطر الصحية كنقل الأمراض المعدية بحكم أن آلاف اللاجئين عبروا الحدود دون أن يتم إخضاعهم لفحوصات طبية تثبت سلامتهم من الأمراض.
حالات لجوء جديدة
وتخشى الحكومة السودانية من أن استمرار المعارك سيخلق مزيدا من حالات اللجوء الجديدة، وفقا لما يقوله مدير معسكر حمداييت بولاية كسلا محمد يعقوب.
وأكد يعقوب في حديثه للجزيرة نت أن تدفق اللاجئين يفوق قدرة حكومتي ولايتي القضارف وكسلا في شرق السودان، موضحا أن انتشار الجيش الإثيوبي في المناطق القريبة من معسكر حمداييت يشكل خطورة بالغة على وصول اللاجئين الجدد.
من جانبه، يقول مسؤولون في معسكر أم راكوبة إن معتمدية اللاجئين السودانية تقوم بحماية الموجودين في المعسكرات بالتنسيق مع مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، إلى جانب مراقبة أداء المنظمات والإشراف على عملها في المعسكرات.
جرائم عابرة للحدود
وسبق أن أعلنت الحكومة السودانية عن تطبيق إجراءات أمنية شديدة في الحدود، لمنع تدفق اللاجئين بصورة يومية، إلا أن هذه الإجراءات تم تخفيفها لظروف إنسانية.
وأوضح يحيى جبريل -وهو أحد مشرفي معسكرات باسندة بولاية القضارف (شرقي السودان)- أن استمرار الحرب وعدم توقف الهجمات العسكرية أسهما في استمرار موجة اللجوء بشكل يومي.
وأشار إلى أن أغلب الذين يعبرون الحدود هم من النساء والأطفال وكبار السن، وفي ظل هذه الحالة المضطربة تنشط مجموعات إجرامية في المنطقة الحدودية مستغلة الوضع لتنظيم عمليات تهريب للبشر والاتجار بهم وتهريب السلاح.



