في اليوم العالمي لضحايا الإختفاء القسري .. أُسر مكلومة ومصير غامض لعشرات المفقودين

* رئيس هيئة محامو دارفور صالح محمود : من المرجح أن يكون من بين الجثامين المقرر دفنها “مفقودين”.
* والدة المفقود محمد عبدالمنعم : موظفة بمحكمة الأسرة والطفل قالت ليّ :”خليتهو يطلع المظاهرات ليه”؟
* أسرة المفقود المكاشفي: نبحث عنه منذ (٣) سنوات ونُناشد المساعدة للعثور عليه
* مفوضية حقوق الإنسان :واجهنا تحديات عديدة في ملف التحقيق في قضايا الإخفاء القسري.
الجريدة : سلمى عبدالعزيز
تقول والدة المفقود الطفل محمد عبدالمنعم،السيدة زينب عزالدين عكاشة والدموع تُغطي وجهها المجهد إنّها لم تترك في رحلة البحث عن ابنها بابًا إلا وطرقته بيد أنها عادت مِنها جميعًا بخفي حُنين.
يابة الأسرة والطفلخرج محمد عبدالمنعم – يبلغ من العمر ١٦ عامًا – بمعية المئات من المتظاهرين في مواكب اتجهت إلى القصر الرئاسي في ١٣ من نوفمبر الماضي ثم لم يعد حتى الآن.تقول والدته في ندوة عامة نظمها مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالتعاون مع المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام ومبادرة مفقود بدار المحامين الأربعاء الماضي،تخليدًا لذكرى “الكواكب التي ضلت الطريق إلى منازلهم” ضحايا الإخفاء القسري في يومهم العالمي الموافق ٣٠ من أغسطس؛تقول إنّها لاتزال تذكر حديث وجهته لها موظفة بمحكمة الأسرة والطفل هرعت إليها عقب تزايد أيام غياب طفلها عن المنزل وفشلها ووالده في العثور عليه. اخبرتها أنه طفل والبحث عنه يندرج ضمن مسؤوليتهم فجاء ردها مباغتًا :”خليتو يمشي المظاهرات ليه ” ؟!.وتابعت : صُدمت من حديثها وايقنتُ أنني سأسير في رحلة البحث عن ابني بمفردي.السيدة الموشحة بالسواد لم تستطيع تمالك نفسها فانهمرت دموعها وسط موجة من الحُزن غشت أوجه جميع الحُضور.تقول إنّ أُسرتها على المحك،واشقاء المفقود الصغار رغم غيابه الطويل لم يكلوا البحث عنه،حيثُ تمضي الأيام بلا طعمًا ولون،أحياناً يوصلون الليل بالنهار،ويأكلون ليتمكنوا من العيش فقط . وتؤكد أنها وبقية الأسرة لن يكلوا البحث عن “محمد عبد المنعم” حتى العثور عليه إن شاء الله.لم تكن والدة المفقود المكاشفي مهدي علي – أحد مفقودي مجزرة القيادة العامة – في العام ٢٠١٩م، أفضل حالاً من سابقتها،حيث اعتلت المنصة بيد إنّها لم تتمكن من الاسترسال في الحديث ظلت تُردد بصوت خافت “ليه تلاتة سنة بعيد مننا،ما تستاهل يا ولدي،ماتستاهل ياولدي،ماتستاهل ياولدي”. ثم تابعت :”المكاشفي طيب شديد وزول اخوان وحافظ للقرآن، فرقته مافي زول بسدها،ليه تلاته سنة غايب من البيت”.المفقود المكاشفي علي أحد مفقودي مجزرة القيادة العامة في الثالث من يونيو ٢٠١٩، ووفقًا لمبادرة” مفقود” فإن قُرابة (٢٠) شاب لم يتم العثور عليهم حتى الآن،منذ العام ٢٠١٩.لم تستطيع والدة المكاشفي إكمال الحديث فأناب عنها شقيقه الذي لخص حديثه في مطالبتهم بالمساعدة في البحث عنه،وأن الأسرة لن تستسلم وإن طالت مدة غيابه.
قانون حماية الأشخاص من الإخفاء القسري
في السياق ذاته طالب رئيس هيئة محامو دارفور صالح محمود بضرورة تفعيل قانون حماية الأشخاص من الإخفاء القسري والتي تم اعتمادها في العام ٢٠١٠ وتم التوقيع عليها من قبل الحكومة السودانية في العام ٢٠٢١م.وشدد على أن جريمة الإخفاء القسري تكمن خطورتها في أنها جريمة ترتكبها الحكومات و يزداد عدد الضحايا في ظل السلطة الديكتاتورية أو النزاعات القبلية، وأشار إلى تزايد عدد ضحايا الإخفاء القسري في السودان عقب جريمة فض اعتصام القيادة العامة وأيضا عقب إنقلاب (٢٥) أكتوبر الماضي. واستنكر “محمود” قرار النائب العام الأخير خليفة أحمد خليفة القاضي بدفن جثامين مجهولي الهوية في مشارح العاصمة الخرطوم والبالغ عددها (٣) ألف جُلها في مشرحة ام درمان. وقال محمود إنّ القرار محاولة لطمس الحقيقة والبينات وإنه من المرجح أن يكون من بينها جثامين لضحايا الانتهاكات.
جرائم ضد الإنسانية
يُعرف محمد النعمان الجرائم ضد الإنسانية بأنها تلك الجرائم التي ترتكب على نطاق واسع وممنهج من قبل السلطة ضد المدنيين. وأشار إلى أن جريمة الإخفاء القسري والتي تزايد عدد ضحاياها الآونة الأخيرة يمكن عدها واحدة من الجرائم ضد الإنسانية.وشدد على ضرورة تعاضد منظمات المجتمع المدني والناشطين والمحاميين والإعلاميين لتسليط الضوء على القضية ومساندة أُسرة المفقودين. وتابع :”يجب أن لانترك هذا الحزن الكبير لقلوب الأمهات”. فيما وضعت مسؤول مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان إسعاف بن خليفة عددٍ من الإرشادات التي يجب أن يتبعها أُسر المفقودين أولها الإبلاغ الفوري عن الحادثة ومتابعة ملف القضية والاستعانة بمكتب حقوق الإنسان . وكشفت إسعاف عن مواجهتهم تحديات جمة فيما يتعلق بالتحقيق في قضايا الإخفاء القسري.
٢٥ مفقود _ أين هُم؟
في رده على سؤال الجريدة حول عدد المفقودين منذ فض اعتصام القيادة العامة مرورًا بالانتهاكات التي صاحبت انقلاب ٢٥ أكتوبر وما بعده، قال عضو مبادرة مفقود عثمان البصري،إن الإحصائيات لديهم وثقت (٢٥) مفقود؛ (٢٠) منهم عقب فض الاعتصام، و(٥) منذ ٢٥ أكتوبر.
الجريدة