بين السياسة والصحافة في السودان

صدي

بين السياسة والصحافة في السودان

أمال عباس

٭«لو ترك لي الخيار لأن أقرر عما اذا كان من الافضل أن تكون لنا حكومة بلا صحف وأن تكون لنا صحف بلا حكومة فلن أتردد لحظة في الأخذ بالخيار الثاني».
٭ هذا هو خيار الرئيس الامريكي طوماس جيفرسون ضمنه في خطاب بعثه الى السادس عشر من يناير عام 7871 للكولونيل ادوارد كارينجتون.
٭ ذات الخيار جعله الدكتور محجوب عبد المالك إستهلالاً لمقدمه وضعها لكتابه ( بين السياسة والصحافة في السودان في الفترة ما بين 4291-0691.. وقال وطبيعة الحال فان للصحف وظائف عديدة بيد الذي يهمنا في هذا الكتاب هو علاقتها العضوية بالسياسة والعكس صحيح أيضاً أى أن التوكيد هنا هو النظر اليها من منظور كونها مؤسسة سياسية في الدرجة الاولى.
٭ وثمة دراسات علمية عديدة تؤكد الافتراض الذي يذهب الى وجود علاقة عضوية بين السياسة وبين وسائل الاعلام عموماً وبين الصحافة على وجه الخصوص ولذلك فان أية محاولة لدراسة علمية جادة للصحافة في أى زمان ومكان لا يمكن أن تتم بمعزل عن النظام السياسي القائم وأن الدراسة المقارنة للصحافة تثرى بلا ريب الدراسة المقارنة للنظم السياسية المختلفة والعكس صحيح أيضاً.
٭ وأن هذا الكتاب إنما يذهب الى تعزيز الافتراض القائل بوجود علاقة عضوية بين السياسة والصحافة..
٭ أنه ليس مجرد تجميع لوثائق بقدر ماهو دراسة لحالة ألصحافة السودانية ابان الحقبة الاستعمارية في السودان وهى وثائق تكشف بوضوح مدى الارتباط العضوي بين الصحافة والسياسة أما أن يكون هذا الارتباط مباشراً أو غير مباشر فالأمر سيان.
٭ ونشأة وتطور الصحافة في السودان شبيهان بنشأة وتطور الصحافة في أفريقيا.. مثلاً أصبحت الصحافة أداة سياسية جماهيرية وتعبوية بدرجات نسبية متفاوتة.. ولكن مهمتها تلك كانت في غاية الصعوبة وربما كانت مستحيلة في أغلب الأحيان.
٭ ويقول دكتور محجوب بالرغم من صعوبة المهمة إلا أن في السودان وفي ظروف الاستعمار ومن بين القوى الوطنية التي نشأت تحت مظلة الاستعمار فئة الصحفيين وهى إحدى شرائح الطبقة الوسطى الجديدة في المجتمع ومن بين المؤسسات السياسية الوطنية التي نشأت تحت تلك المظلة الصحافة الوطنية التي لا زالت تعاني في عهود الاستقلال الوطني من متاعب المهنة ومحاولات السيطرة الرسمية عليها.
٭ وقد كانت الإدارة البريطانية في الخرطوم تخشى النمو المتعاظم للصحافة السودانية التي يرجع تاريخها الى عام 3091 حينما صدرت أول صحيفة في السودان أجنبية الملكية أجنبية التحرير.
٭ ويثبت دكتور محجوب حجم معاناة الصحافة السودانية عندما أصبحت سودانية الملكية وسودانية التحرير من خلال رأى الحاكم العام السير جون القائل ان الصحافة في البلدان الخاضعة للوصايا قد جلبت أضراراً لا حدود لها وأنه يتحتم علينا أن نتخذ حيالها سياسة تقييدية صارمة قبل ان يفلت الفرس من باب الاسطبل.
٭ وفي علاقة الصحافة السودانية بالسياسة يقول دكتور محجوب (لقد ارتبطت الصحافة السودانية منذ صدور أول صحيفة وطنية في البلاد وهي صحيفة «حضارة السودان» في المرحلة الثانية والهامة من تطورها عام 0291 بالسياسة ففي العشرينات رفعت صحيفة الحضارة اختصاراً للاسم شعار (السودان للسودانيين) ذلك الشعار الذي ظل محوراً للصراع السياسي في السودان منذ ذلك الحين حتى الاستقلال عام 6591 وقد اخذت تلك الصحيفة على عاتقها مهمة الدفاع عن السياسة البريطانية في السودان رافعة راية العداء لمصر والمصريين.
٭ كانت الصحافة السودانية بمختلف اتجاهاتها ومذاهبها السياسية هى مهد الحركة الوطنية في البلاد وقد نشأت تلك الحركة قبل نشأة مؤتمر الخريجين العام عام 8391 وكان رجال الإدارة البريطانية ينظرون الى الصحافة الوطنية على أنها هدم وتدمير وإشانة لسمعة الحكومة ولم يتورع بعض اولئك الرجال من أن يسيء للصحفيين السودانيين والوطنيين عموماً بألفاظ ونعوت غير لائقة وأن يتهمهم في اخلاقهم وسلوكهم.
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..