إطلاق أبو عيسى والآخرين.. الإجابة بين الآلية ومكتب الرئيس

كان من الطبيعي أن لا يأتي وزير العدل على ذكر مبادرة آلية (7+7) بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين التي وافق عليها الرئيس عند لقائه بها، إذ كيف له أن يفتي حول هذه المبادرة التي لم يصله عنها بصفته الاعتبارية أي قرار، ولهذا كان أيضاً من الطبيعي أن ينصرف الوزير للحديث عن مذكرة المحامين التي بين يديه، فالمؤكد أن ليس لوزارة العدل ما تقوله حول مبادرة لم يتجاوز علمها بها علم الكافة، وعليه تبقى الوزارة حتى هذه اللحظة ليست هي الجهة الصحيحة التي تسأل عن عدم إطلاق أبو عيسى وأمين وعقار والآخرين. الجهة الصحيحة الأولى التي يفترض أن تسأل عن هذا التباطؤ الذي لازم عملية إطلاق هؤلاء المعتقلين هي الآلية، ماذا فعلت كي تجعل من موافقة الرئيس الشفاهية أمامها بإطلاق المعتقلين قراراً واجب التنفيذ، هل تابعت مع مكتب الرئيس الناقل الرسمي لقراراته وتوجيهاته لجهات الاختصاص عبر مكتوب رسمي، أم أنها اكتفت بتلك الموافقة الشفاهية من الرئيس، فإن كانت هذه الأخيرة وهذا هو الراجح تبقى الآلية هي من يتحمل مسؤولية التباطؤ في إطلاق المذكورين، أما اذا كانت قد تابعت ولاحقت وما تزال تفعل، تكون الجهة الصحيحة الثانية التي تسأل عن عدم إطلاق المعتقلين رغم موافقة الرئيس هي مكتب الرئيس، هل تراجع الرئيس عن موافقته، فإذا كانت الإجابة بلا وهي المتوقعة، هنا يبرز السؤال الثاني، إذن لماذا هذا البطء في تحويل موافقة الرئيس الى قرار نافذ، أما اذا كانت الإجابة نعم هنا تكون جهيزة قد قطعت قول كل خطيب وقبل ذلك قطعت عشم الآلية في مبادرتها.
ما جعلني أتصور أن مبادرة الآلية إن لم تمضِ على النحو والسيناريو المذكور أعلاه سيتطاول أمرها ويطول معه ليل المعتقلين، هو تجربة سابقة عايشتها لحظة بلحظة مع مؤسسة طيبة برس، أفضت الى إطلاق عدد من الزملاء الصحافيين على رأسهم جعفر السبكي، كان ذلك في خواتيم أحد الرمضانات قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وكانت طيبة برس التي اعتادت على إقامة (خيمة الصحافيين) كل رمضان، قد أقامت خيمتها عامذاك بنادي الضباط، وفي خاتمة نشاطها مع خواتيم رمضان، دعت طيبة برس الرئيس لتشريف الصحافيين بختام خيمتهم، استجاب الرئيس للدعوة وشارك فيها بخطاب قصير أعلن في ختامه قراراً شفاهياً بإطلاق سراح كافة الصحافيين المحتجزين، وكان قد سبق الرئيس بالحديث اثنان من كبار الصحافيين نوهوا الى قضية زملائهم، أعقبهم الفنان الكبير محمد الأمين الذي أنشد في ختام وصلته النشيد الأكتوبري الشهير (مبدأ الحرية أول).. لم يكن ذلك القرار الرئاسي الشفاهي كافياً لإطلاق سراح من شملهم كما ظن أهل طيبة بذهابهم مباشرة للنائب العام لتكملة الإجراءات، فقد فوجئوا منه برد فحواه لا علم لنا بهذا القرار ولم يصلنا شيء عنه، وإنما تطلب إنفاذه اتصالات مكوكية جرت بين منظمي الخيمة وعلى رأسهم الأستاذ محمد لطيف، ومكتب الرئيس لتحويل القرار الشفهي الى ديواني مدون الى وزارة العدل، وهذا ما كان وتم على ضوئه إطلاق الصحافيين.
التغيير