مقالات سياسية
د. أحمد عثمان عمر المحامي24 نوفمبر، 2022
انفراد العصابة بإستخدام العنف ، هو جوهر التسوية المرفوضة!!!


أحمد عثمان عمر
اكدت مليونية الثالث والعشرين من نوفمبر ٢٠٢٢م ، ان الصراع السياسي الآن فرزه واضح بين معسكرين . معسكر الثورة الرافض للتسوية ، ومعسكر التسوية الراغب في الشراكة مع العسكر وتنفيذ مشروع الدول الاستعمارية وربائبها في المنطقة.
وفي مواجهة اصرار الشارع السياسي الثائر ، لا تجد سلطة اللجنة الامنية للإنقاذ الحاكمة ، إلا تصعيد القمع وممارسة العنف المفرط ضد الثوار. فالمليونية ووجهت بقمع واسع وبكثافة في إستخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية الموجهة مباشرة لتحقيق إصابات قاتلة ، من قبل مليشيات العصابة الحاكمة المزعوم أنها اجهزة نظامية تخدم الشعب. فالنظام الحاكم في سبيل الحفاظ على سلطته وتمويه تمكينه عبر التسوية مع التيار التسووي ، يستخدم الآليات التالية:
١- الحفاظ على اجهزة القمع وأدوات القمع تحت قبضته ، والإنفراد بالحق في إستخدام العنف ، الذي هو جوهر السلطة وفقا لماكس فيبر . وهو يصر على التحكم في القوات المسلحة والجنجويد وجهاز الأمن والقوات النظامية ومنع إصلاحها ، مع إخراجها من سلطة الحكومة المدنية المزعومة ، بدعوى انها غير منتخبة!!! والإستقلال بادوات العنف و إستخدامها ، يعني ان الواجهة المدنية القادمة ستفتقر الى المظهر الرئيس للسلطة ، وتصبح مجرد غطاء شفاف للسلطة الفعلية المتمكنة منها العصابة الحاكمة.
٢- تصعيد القمع بصورة غير مسبوقة ، بعد تحويل الاجهزة والقوات المسيطر عليها إلى عصابات للجريمة المنظمة ، تاتمر باوامر العصابة ، وتستخدم العنف لكسر إرادة الثوار ، او تحييد قطاعاتهم الانشط على اقل تقدير . وهذا الأمر سيستمر وربما يتصاعد حتى بعد ظهور الحكومة المدنية المزعومة ، التي لن تستطيع أيقافه او الحد منه ، تماماً مثلما حدث لحكومات د. حمدوك.
٣- تغييب العدالة عبر السيطرة على مؤسساتها كالقضاء المسيس غير المستقل التابع للإنقاذ والنيابة العامة ، والحفاظ على محكمة دستورية مغيبة ومسيسة حتماً عندما يتم تعيين قضاتها ، مع التركيز على الحصول على حصانة من المساءلة عن الجرائم المتتابعة التي ارتكبتها العصابة الحاكمة ، والمتمثلة في الانقلابين وتداعياتهما ، وجريمة فض الاعتصام ، وجرائم قتل المتظاهرين المستمرة منذ الإنقلاب الأخير الكاشف ، والجرائم المالية مثل سرقة إحتياطي العملات الصعبة والتصرف فيه بطريقة غير مشروعة مخالفة للنظم المالية المعتمدة.
٤- الإصرار على إنفاذ إتفاق جوبا للسلام لضمان دعم الحركات المسلحة المشاركة في بعض جرائم العصابة والداعمة لها ، والتنسيق مع هذه الحركات ودعمها عبر تواصلها مع القوى الإقليمية المرتبطة بالعصابة، وتكوين تحالفات جديدة لها توسع دائرة القوى الداعمة للانقلاب والتسوية. وفي هذا الإطار ياتي إعادة هيكلة الحرية والتغيير التابعة للحركات الداعمة للانقلاب ، وتنصيب جعفر الميرغني رئيسا لها ، في محاولة لإعادة التموضع مع الطائفية المدعومة مصريا.
٥- التوافق مع التيار التسووي على عدالة إنتقالية مؤجلة ، لا تستوفي شروط العدالة الإنتقالية الاربعة ، من محاسبة وتقديم المجرمين إلى محاكم عادلة ، وحقيقة ومصارحة عبر الإعتراف بكافة الجرائم المرتكبة وتفاصيلها ، وتعويض للمتضررين ، مع ضمان عدم تكرار حدوث الجرائم ، بإبعاد من ارتكبوها من مواقع السلطة وتجريدهم من الادوات التي مكنتهم من إرتكاب تلك الجرائم.
٦- الإعتماد على الخطاب غير الشفاف والمرائي للتيار التسووي الذي يحاول تضليل الشارع الثائر ، والعمل مع ذلك التيار على تسويق التسوية على مراحل ، تبدا بإتفاق إطاري يؤكد الشراكة عبر تحديد مصير الشعب السوداني وإبقاء العصابة في المشهد السياسي ، ويسمح بتاجيل كل القضايا التي لا تحتمل التاجيل الى الإتفاق التفصيلي ، ويحافظ على سلطة العصابة من حيث الجوهر وعلى محاصصات جوبا وإتفاقيتها التي لم ولن تجلب سلاما.
والتاكتيكات المتبعة أعلاه وغيرها مصيرها الفشل الحتمي ، لأنها كف صغير لا يمكن أن يحجب ضوء الشمس. فالثورة قطعت شوطا كبيرا ، حقق وعيا متجذرا لا يمكن تخطيه ، وبنى مؤسسات في طريقها للتكامل ، لجعل مصير البلاد في يد منظماتها القاعدية ذات المصلحة الحقيقية في التغيير ، لا في يد التحالفات الفوقية المتهافته لتسوية تعيد إنتاج شراكة الدم ، مع إعادة إنتاج وتعميق الأزمة المستحكمة لمشروع رأس المال الطفيلي ، الذي ترغب الدول الاستعمارية وربائبها في تعويمه ، حتى تتمكن من نهب موارد بلادنا.
المليونية اكدت ان الثورة بخير وان التسوية لن تمر ، وان التآمر على شعبنا لن ينجح ، وأن النصر هو صبر ساعة.
وقوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!!..
