النهضة الاسلامية تستقطب غير المحجبات لحسابات سياسية

قيادي في الحركة الاخوانية يقول إنها لم تفهم المرأة التونسية كما يجب وأنها تسعى للانفتاح أكثر على التونسيات.

ميدل ايست أونلاين

تونس ? منور المليتي

حسابات سياسية

قال القيادي في حركة النهضة الاسلامية حسين الجزيري، إن الحركة “لم تفهم المرأة التونسية كما يجب”، مضيفا أنها تسعى خلال هذه الفترة إلى الابتعاد عن الإيديولوجيا وإلى استقطاب النساء غير المحجبات، في مؤشر على ما يبدو على أن الحركة الاسلامية تعيد النظر في سياساتها ومرجعياتها ضمن حسابات سياسية تأخذ في الاعتبار أن اصوات الناخبات التونسيات في الانتخابات التشريعية 2014 حسمت الفوز لصالح نداء تونس.

واضاف في تصريح أدلى به الخميس لإذاعة موزاييك اف ام المحلية الخاصة أن النهضة تسعى إلى الانفتاح أكثر على المرأة غير المحجبة.

وتبدو تصريحات الجزيري مثيرة لأكثر من نقطة استفهام باعتبار أن النهضة تشترط “ارتداء الحجاب” على كل امرأة ترغب في الانتماء للحركة التي تعتبر الحجاب فرضا ولباسا شرعيا وحيدا للمرأة.

واقترن ارتداء الحجاب في أذهان التونسيين بـالانتماء للحركات الإسلامية وفي مقدمتها حركة النهضة.

ومنذ تأسيسها عام 1981 خاضت الحركة الاسلامية معارك ضد السلطات التونسية والقوى العلمانية التي ترى في الحجاب لباسا غريبا عن المرأة التونسية ولا يعكس بالضرورة تدينها والتزامها بأداء فرائضها الدينية وإنما هو رمز للانتماء لجماعات الإسلام السياسي.

وعلى الرغم من الجهود التي قادتها حركة النهضة لإقناع التونسيات بأن ارتداء الحجاب هو فرض ديني، فإن كثيرا من التونسيات رفضن هذا المنطق على اعتبار ان الحجاب بالمواصفات التي تسوقها النهضة لا يعكس حقيقة تدينهن من عدمه.

وتؤشر تصريحات الجزيري على أن حركة النهضة تحاول التحرر من سطوة مرجعتيها العقائدية التي قادتها إلى فقدان تأييد أكثرية التونسيات المتمسكات بما تحقق لهن من حقوق وفي مقدمتها الحريات ورفض أي شكل من أشكال الوصاية عليهن سواء تعلق الأمر باللباس أو بممارسة حقوقهن الفردية والعامة السياسية منها والمدنية والمشاركة في الحياة العامة.

ومع تأثير الفكر المتشدد منذ بدايات الربيع العربي، ازداد عدد المحجبات في تونس بما في ذلك من لم تتجاوز أعمارهن خمس سنوات.

وانتقدت منظمات ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة سماح النهضة التي قادت الائتلاف الحاكم في مناسبتين، لدعاة متشددين بزيارة تونس ومحاولتهم نشر الفكر التكفيري والدفع نحو تغيير نمط التدين في تونس، وتقويض مكاسبها.

وإزاء انتشار ظاهرة الحجاب التي طالت فتيات لا تتجاوز أعمارهن الـ 5 سنوات تحركت المنظمات النسوية الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة وأطلقت أكثر من صيحة فزع محذرة من خطورة ظاهرة الحجاب على حرية المرأة التي ناضلت من أجلها أجيال من المصلحين والفقهاء المستنيرين وفي مقدمتهم المصلح الطاهر الحداد صاحب كتاب “امرأتنا في الشريعة والمجتمع” الذي طالب فيه بالمساواة بين المرأة والرجل في الحقوق السياسية والمدنية.

ومن أبرز تلك الجمعيات جمعية النساء الديمقراطيات المناوئة لجماعات الإسلام السياسي التي اعتبرت أن الحجاب رمز للانتماء الحزبي، في اشارة إلى حركة النهضة.

وترى المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة أن هناك مشروعا مجتمعيا تتبناه جماعات الإسلام السياسي ويستهدف أساسا الانفتاح والاعتدال في المجتمع التونسي.

واختارت اكثر من مليون ناخبة تونسية في الانتخابات التشريعية 2014 التصويت لحزب نداء تونس العلماني كعقاب لحركة النهضة على توجهاتها وسياستها الاقصائية والتمييزية بحقهن حين كانت في الحكم.

وتؤكد منظمات المجتمع المدني أنه كان لنساء تونس دور حاسم في تلك الانتخابات لصالح نداء تونس وأنهن قطعن الطريق على حكم الاسلاميين وعلى مشروعهم المجتمعي الذي يحطّ من مكانة المرأة.

ويشدد أخصائيون اجتماعيون ونفسيون على أن ارتداء الحجاب هو ظاهرة حزبية سياسية مرتبطة بجماعات الإسلام السياسي أكثر مما هو التزام ديني.

ويرى سياسيون أن حركة النهضة التي استعصى عليها إقناع التونسيات بأن الحجاب هو اللباس الشرعي الوحيد للمرأة باتت مكرهة على التخلص من مرجعيتها العقائدية التي تربط بين تدين النساء وانتمائهن لها.

ويرجح هؤلاء أن الحركة الاسلامية ربما بدأت جديا في اعادة النظر في فكرها وسياستها وأنها تتجه أكثر إلى استقطاب النساء ضمن حسابات انتخابية يبدو أن النهضة بدأت تعد لها مسبقا في ظل حالة الانقسامات والصراعات الداخلية في نداء تونس التي تنذر بتفككه أو اضعافه.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..