من أنتم..؟! من أين أتى هؤلاء..؟!

✍ من أنتم ؟! ..
من أين أتى هؤلاء..؟!
الأولى سأل بها القذافي الثوار الذين دكُوا حصون حكمه، والثانية قالها السودان بأكمله متسائلاً عن طبيعة النظام الحاكم بالبلاد، هل هو يحمل جينات وصفات هذا الشعب الأبي الكريم ؟ أم أنهم أتوا من كوكب آخر…
هل الفساد في المجتمع أم الحكومة هي الفاسدة..؟
إن كان المجتمع هو من يُخرج القادة والمسؤولين لادارة البلاد، فكيف يكونوا صالحين للحكم، ان لم يكن المجتمع صالحاً..؟!
✍ المجتمعات التي تقف متفرجة على حكوماتها من أجل أن يأتيها الرخاء والاستقرار والحياة السهلة، هي مجتمعات واهمة، حالها كحال مجموعة من الطلاب تجتمع للمذاكرة والمثابرة، ولكنها بدلاً عن ذلك تُبدّد وقتها في “الدردشات” و “النقاشات الجدلية” ثم تنشد النجاح والتفوق.
✍ واقعنا اليوم يحكي أن معظمنا أصبح منتظراً ومتفرجاً أن تذهب الحكومة وتتغيّر ليأتي بعدها الرخاء والفرج، وخاصة في ظل احتكار الحكومة لمناصب ومواقع السلطة لسنواتٍ طوال، دون ظهور بصمات واضحة من تنمية أو تقدم اقتصادي، متناسين أن تغيير الحكومات لا يبني الأمم وحضاراتها ونهضتها، وإنما تنمية العقول البشرية ونهضة المجتمعات هي من تأتي بالحكومات الناجحة.
✍ عندما يتم إعداد المجتمعات سلوكياً وأخلاقياً وعلمياً، فتقوم بإعداد الفكر والمنهج والدستور الثابت لنهضتها واستمرار حياتها واستقرارها، ساعتها لن يكون تركيز المجتمع في من الذي سيحكمه، وإنما في الفكر والمنهج الذي سيتم الحكم به، وسيكون القانون والدستور الذي تشبّع بوعيه وادراكه جميع أفراد المجتمع هو الذي يحكم وليس الشخص، فيكون الولاء للنظام المؤسسي وليس للمسؤول، فينهض بذلك مفهوم المواطنة والحقوق والمساواة في الحريات.
✍ من أين يأتي الوزراء والمسؤولون؟ انهم من صلب هذا المجتمع، وتغيير الأشخاص دون نهضة المجتمع وتنميته البشرية، كمن يحاول نظافة أرضية الغرفة دون إصلاح الثقوب بسقفها، المجتمع هو البذرة التي تنتج الأشخاص، فإما أن تكون زراعتها صالحة وعبر عقول مستنيرة فتنتج ثمار السياسيين الذين ينهضون بشعبهم، أو أن تكون زراعتها فاسدة فيكون موسم الحصاد خاسراً منذ بدايته.
✍ الوزير والمسؤول الفاسد، غياب ثقافة الإستقالات، انعدام الكوادر البشرية الفعّالة، كثرة التعدي على المال العام وضعف الأداء المؤسسي، كل هذا عبارة عن نتاج واقعي لسوء التنمية البشرية وهو مُحصلة حقيقية لفشل التنمية البشرية وغياب الحراك الإجتماعي الفكري الثقافي الهادف.
✍ الفهم المجتمعي هو من يقود لاصلاح المجتمع، والحاكم هو صورة تعكس واقع المجتمع، وتجربة الحكم في السودان تعتريها سياسات التغيير للأنظمة الحاكمة بصورة متكررة، عبر ممارسات سياسية خاطئة، من تكوين أحزاب كثيرة، معارضة ومؤيدة وحكومية تفتقد أبجديات الحراك السياسي الفعّال، وتنعدم بها المشاركات المجتمعية الهادفة للتنمية البشرية وللنهوض بالفقه المجتمعي العميق لتحسين مُقوّمات المجتمع البشرية وجودة الانتاج البشري، والدليل على هذا افتقار الوطن حديثاً لشخصيات علمية بارزة متخصصة في كافة المجالات الاجتماعية والأدبية والسياسية والثقافية الفكرية وغيرها من مختلف المجالات بالبلاد.
✍ قرية سيدنا يونس عليه السلام هي القرية الوحيدة التي نجت بعد أن أصابها عذاب الله تعالى، ولكن ندم شعبها واهتمّ باصلاح نفسه عبر تنمية بشرية شاملة لأفراده، فعادوا الى جادّة الطريق وآمنوا، ونتجت هذه التنمية البشرية التي كانت بإصرار من أفراد الشعب النفع وجلب المكاسب، قال تعالى:(فلولا كانت قرية آمنت، فنفعها إيمانها إلا قوم يونس، لمّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا، ومتعناهم الى حين(98) – سورة يونس.
[email][email protected][/email]