أخبار السودان

ارتباك داخل الائتلاف الحاكم بعد تجميد حزب المهدي عضويته لأسبوعين…

«نداء السودان» قد يتخذ خطوة مشابهة

الخرطوم: عمار عوض

تتواصل الخلافات داخل تحالف «الحرية والتغيير» الحاكم في السودان، بعد تجميد حزب «الأمة القومي» بزعامة الصادق المهدي عضويته لمدة أسبوعين ، وفيما أرسل التحالف وفدا من قادة الأحزاب، لفهم دوافع خطوة المهدي الذي هاتفه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للغرض نفسه، عقد «نداء السودان» الذي يضم بداخله حزب الأمة أيضاً اجتماعا خرج بتكوين لجنتين بغية الوصول لرؤية لإصلاح التحالف الحاكم و«نداء السودان» نفسه، وسط مؤشرات بأن النداء يتجه لتجميد وضعه في التحالف الحاكم، ما سيعطل عملية تعيين الولاة برمتها.
يأتي ذلك في وقت تسعى في «الجبهة الثورية» لإنشاء تحالف جديد يضم أعضاء من «نداء السودان» والمجلس المركزي وقوى غير ممثلة في «الحرية والتغير» ، بينما أكد حزب «المؤتمر السوداني» على تماسك التحالف الحاكم، ووضع مسارين لذلك أحدهما تنظيمي والآخر سياسي، عبر مؤتمر يعقد عبر الوسائط الإلكترونية.

«الاهتمام بالمكون العسكري»

وكان حزب «الأمة القومي» فاجأ الأوساط السياسية بتجميد عضويته وتقديمه مذكرة لما سماه عقدا اجتماعيا شن فيها هجوما على طريقة إدارة الأزمة الاقتصادية وعملية السلام والمجلس المركزي للحرية والتغيير الذي اعتبره «غير مؤهل لحسم الاختلافات ومكونا بصورة خالية من التوازن».
ودعا لـ «ضرورة الاهتمام بالمكون العسكري في البلاد لأنه شريك حقيقي في التغيير، بالانحياز للثورة وحمايتها مع الإسراع بتكوين المجلس التشريعي بصورة متوازنة تعكس حجم القوى السياسية وتحديداً الحزب، وحجمه النيابي في آخر انتخابات حرة».

وزاد: «المطلوب بإلحاح، العمل من أجل تكوين اصطفاف تشترك فيه القوى السياسية والمدنية الجادة، وتشترك فيه لجان المقاومة المستعدة لدور بناء بعنوان مؤتمر القوى الجديدة».
ودعا إلى «جدولة انتخابات التحول الديمقراطي بدءاً بالاتفاق على قانون الانتخابات المحلية وإجرائها فوراً، ثم انتخابات المجالس التشريعية الولائية وانتخاب الولاة، انتهاء بقانون الانتخابات العامة لتجري في نهاية الفترة الانتقالية.

ويرى أحد السياسين السودانيين المخضرمين في واحدة من المنظمات الدولية في حديث مع «القدس العربي» أن «تحرك حزب الأمة الغرض منه رج الطاولة السياسية ليضمن لنفسه وضعا سياسيا مريحا في حكام الأقاليم وفي المجلس التشريعي المقبل الذي سيحكم اللعبة السياسية وسيغير الوثيقة الدستورية ويضع قانون الانتخابات وكذلك الدستور المقبل».

وأضاف : «هذا التحرك الأخير من حزب الأمة جاء وعينه على اتفاق السلام الذي اقترب كثيرا وبدوره سيغير قواعد اللعبة بناء على النصوص والاستحقاقات المكتوبة والتفاهمات غير المرئية، لذا خلط الأوراق ليتأكد من هم حلفاؤه الذين سيمضون معه إلى النهاية، ومن الذين يمكن أن يستقطبهم مستقبلا، ومن هم الذين سيتركهم على قارعة الطريق».

في حين، بين القيادي في «الجبهة الثورية» محمد سيد أحمد أن «تحرك حزب الأمة أتى استباقا لتحركات قاموا بها والمتمثلة في الاجتماع الذي عقد في دار الحزب الاتحادي يوم الثلاثاء الماضي وضم مكونات من الحرية والتغيير ومن أحزاب داخل المجلس المركزي وقوى غير ممثلة، مثل تيار الوسط وحركة الخلاص وتجمع أساتذة جامعة الخرطوم وتنظيمات من داخل نداء السودان نفسه».

تغيير تركيبة التحالف

وأضاف «نحن أصحاب الدعوة الأصلية لإصلاح «الحرية والتغيير» ، في ظل انفراد بعض المكونات بالقرارات، ولوضع حد لعملية المحاصصة وتقاسم السلطة بين مكونات محددة في التحالف وتهميش دور البقية، وحزب الأمة استبق تحركنا لقطع الطريق على سعينا لإصلاح الحال المائل».
ووفق أحمد «الجبهة الثورية وحزب الأمة متفقان الآن على ضرورة تغيير تركيبة التحالف عبر عملية الإصلاح»، لكنه لم يخف «تطلعهم لبناء مركز جديد يقود الحرية والتغيير في الفترة المقبلة يستوعب كل القوى الحية التي استبعدت من صناعة القرار الذي استفردت به نحو 3 تنظيمات وأشخاص محددين على أصابع اليد الواحدة».

«الجبهة الثورية» تسعى لإنشاء تحالف جديد… و«المؤتمر» يؤكد تماسك «الحرية والتغيير»

وكان القيادي في «الجبهة الثورية» الأمين العام لتحالف «نداء السودان»، مني أركو مناوي، دعا إلى اجتماع طارئ عقد أمس الأول، وخلص لتكوين لجنتين بسلطات الأمانة العامة للنداء لتطوير وتبني رؤية وخطوات واضحة لعملية الإصلاح التنظيمي والسياسي داخل الحرية والتغيير والثانية لقوى نداء السودان برئاسة نائبي الأمين العام كمال اسماعيل ومريم الصادق المهدي.

مصادر مطلعة شاركت في الاجتماع أكدت لـ «القدس العربي» على أن «تحالف نداء السودان سيمضي في طريق تجميد عضويته داخل الحرية والتغيير بشكل كامل في الاجتماع الذي حدد له يوم الثلاثاء المقبل».
وبينت أن «التجميد هو النتيجة الحتمية حتى يعاد تشكيل مركز القرار بشكل واضح أو قيام المركز الجديد للتحالف الحاكم الذي سينهي عملية سرق أصواتنا المستمرة وعلى حزب الأمة أن يختار مابين أكل الكعكة أو الاحتفاظ بها».

الأمين العام لـ«المؤتمر السوداني»، خالد عمر يوسف، وهو أحد مكونات «نداء السودان» والمجلس المركزي لـ«الحرية والتغيير» أشار إلى أن «حزبهم باق في تحالفاته، ولو أدى ذلك لسوقهم للمشانق عبر الانقلاب الذي يدعمه البعض بوعي أو بدون وعي»، مع تأكيده على أن «مجمل مسار المرحلة الانتقالية يحتاج إلى إصلاحات جذرية في ظل حالة عدم الرضا عما حققته المرحلة الانتقالية التي لا يمكن التغاضي عنها، ومسارات الإصلاح تتمثل في عقد مؤتمر تداولي للتحالف، جرى تأجيله بسبب جائحة كورونا وسيعقد لاحقاً عبر الوسائط الإلكترونية بحيث تشارك فيه كل مكونات الثورة من أحزاب ومهنيين ومنظمات ولجان مقاومة وتنسيقيات ولايات».

ويناقش المؤتمر، وفق المصدر «ورقة سياسية توحد الرؤية حول مسار الانتقال المعقد، وورقة تنظيمية تراجع الهيكل لتقوم بتوسيع قاعدة المشاركة لتشمل كل قوى الثورة وضبط طرق اتخاذ القرار ومراجعة كفاءة وفعالية الأجهزة التنظيمية».

وأضاف خالد أن «المسار الثاني يتمثل في إصلاح السلطة الانتقالية لتفعيل عملها عبر المصفوفة التي جرت إجازتها لإنهاء الأزمة الاقتصادية وتفكيك دولة التمكين وتحقيق السلام».
وذكر أنه «لا يمكن لأي جهة أن تستأثر منفردة بالقرار وثمرات الانتقال ولن يفلح من يظن أنه يمكنه القفز من المركب طلبا لسلامته الشخصية، ولن تجدي محاولات تبرئة الذات، فقوى الثورة شريكة في النجاح والقصور، وستنجح موحدة ولا سبيل للخلاص بتفريق الصف وتشتيته».

في الموازاة، استبعدت نائبة رئيس حزب «الأمة القومي» مريم الصادق المهدي، انسحاب حزبها من قوى «الحرية والتغيير».

وقالت إن «حزب الأمة من مؤسسي قوى التغيير وهو لا يطعن من الظهر ولا مفارق للصفوف ولا عودة إلى قوى الردة، ما حدث خطوة شجاعة وصرخة لمعالجة الخلل في قوى التغيير».
وزادت أن الحزب «ظل طيلة الشهرين الماضيين ينادي بالتطوير للمرحلة الانتقالية، خاصة تقسيم المهام داخل المجلس المركزي».

وأضافت أن «حزب الأمة مكون أساسي لقوى التغيير وسنعمل على إصلاحها، ولا نبارحها، وسندعم حكومتنا الانتقالية».

وقبل أن تكشف أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك أجرى اتصالا الخميس بالصادق المهدي، حول إعلان حزبه تجميد نشاطه داخل «قوى التغيير» الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية، لفتت إلى أن « المهدي أرسل رؤية حزبه حول إصلاح قوى التغيير إلى حمدوك، وأتوقع انعقاد اجتماع بينهما خلال ساعات».
وكان وفد من قادة «الحرية والتغيير» التقى المهدي أمس الأول لفهم موقفه ومراجعته فيه. وضم الوفد رئيس حزب «البعث» علي الريح السنهوري، والمهندس صديق يوسف من الحزب الشيوعي، وآخرين.في وقت قال فيه دبلوماسي سابق في السودان لـ«القدس العربي» إن الأمور ستظل مجمدة لجهة التعيينات السياسية، خاصة في مسألة الولاة والمجلس التشريعي، وهما مسألتان سببتا الأزمة، إلى حين توقيع الجبهة الثورية على السلام المرتقب منتصف الشهر المقبل، وبعدها يمكن إجراء إصلاحات هيكلية في مجلس الوزراء، وربما تصل رئيس الوزراء نفسه، وتعيين الولاة وحكوماتهم ومن ثم تعيين المجلس التشريعي فهو الطريق الإقرب للاصلاح.

وإضاف «حزب الأمة عينه على التفاهمات التي تجري أمام عينيه بين رئيس الوزراء وقادة الجبهة الثورية وبعض قوى الحرية والتغيير مع الجنرال حميدتي الذي ربطته به علاقة في الفترة الأخيرة، والآن هو يريد أن يقول إنه قادر على إرباك المشهد أو تغيير موقفه نحو الطرف الآخر الذي ينظر بريبة كبيرة لتحركات الجنرال حميدتي، لكن من المؤكد أن اصطفافا جديدا في طريقه للحدوث في السودان».

القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..