حكومة عطال ضل الضحوية !ا

حكومة عطال ضل الضحوية !
محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]
في العهود السابقة ، وتحديدا منذ أن وعينا على الشأن السياسي المبكر ، كطلبة صغار ، قدرنا أن نبتلي به الى يومنا هذا كهم وطني لابد منه !
كنا نسمع بحكومات العهود الديمقراطية على علتها وقصر عمرها وهي تتشكل من عدد محدود في تكوينها الوزاري كجهاز تنفيذي وفوقها سلطة دستورية تسمي مجلس السيادة من خمسة شخصيات وطنية قومية يساعدها في التشريع برلمان معقول العدد منتخب بصورة أو بأخري لايهم ، وكان هنالك منصب الوكيل الدائم لكل وزارة ، وهو أعلى منصب في التسلسل الاداري على مستوي الخدمة المدنية فيها ، ولا يتأثر شاغله بتبدل الوزير ، وربما لا تتأثر الخطة العامة للحكومة بذهاب أو دخول الوزراء!
كان السودان بحجمه الكبير مقسم الى تسع مديريات ، على رأسها محافظ له هيبة الرئيس في نطاق عمله جغرافيا واداريا ، يتبع لوزارة الحكومات المحلية ، ومن ثم يندرج تحت سلطة ذلك المحافظ ضباط المجالس الريفية والمحلية الذين يوازنون في سلطتهم وصلاحياتهم ربما حزمة من محافظي وزن الريشة في العصر الحالي !
كانت عجلة الحياة تمضي كعقارب الساعة من حيث النظام الاداري والانضباط في توصيل الخدمات وتبادلها بما كان يعرف بالعشور والعتب أو ضرورات من الضرائب على قلتها والتي يدفعها المواطنون للسلطات المحلية ، وبمساعدة رجال الادارة الاهلية من النظار والعمد وشيوخ الحلال والفرقان ، وكانت تلك السلطات ترد على ذلك التجاوب دون توان بجلب الخدمات للناس ، حيث كانت مسئؤلة عن المدارس الصغري المجلسية ومتابعة اداء الشفخانات ونقاط الغيار بالتواصل مع الجهات المختصة بالصحة لضمان وفرة مدخلاتها من الأدوية والالتزام تجاهها برواتب العاملين من التمرجية والفراشين ، وكانت تقوم بتدبير وقود بيارات المياه ، وضباط صحة البيئة بزيهم الكاكي وطربوشهم المهيب يحاصرون جيوش الناموس والحشرات قبل أن تحلق بعيدا عن مواطنها ، ويراقبون الكناسين في اصغر القري ويفحصون الذبائح عند طلوع الفجر وقبل أن يطرق باعة الرغيف الفاخر المتجولون فوق الدواب على صناديقهم لايقاظ عيوننا الحالمة بذلك العيش الطرى والطبيعي الخالى من مدخلات التنفيخ الاصطناعي ، وتتداخل كل تلك الحركة الدؤوبة عندنا في الجزيرة مثلا مع زخم الخدمات الاجتماعية التي تسعي بها ادارة المشروع للناس دون أن يركضوا لاستجلابها ، فكانت الاندية الاجتماعية تمور بالانشطة المدعومة لاستنهاض الرياضة والثقافة ، والسينما المتجولة تطرق ابواب القري دون سابق انذار وكابينات الهواتف في القناطر تستقبل ارساليات الري في الترع التي كانت تماثل الخزانات في فوران مياهها وما كان يسمي ( بالكول بوكس ) لخدمات الهاتف ينتصب قريبا من دكاكين التجار في الحلال ، أما المدن ، فشأنها آخر لا يتسع المجال للتذكير به !
ولا ننسي السيارات الأنيقة بمن تحمل من المرشدات الرقيقات ، تدور من قرية الى كمبو لتعليم النساء في حلقات محوالأمية و التدبير المنزلي والحياكة ، فكم من حبيب أهدته الخطيبة أو بنت العم طاقية ، أو منديلا ، جعله يتغنى ..
( انت جميل والجابك ليا ملاك وجميل يا منديل )!
مر ببالي كل ذلك الشريط بالأبيض والأسود خلف غلالة الدمع، وأنا اطالع شاشة عهدنا الحالى الليلة البارحة و بالألوان الطبيعية وهي تفضح فقدان المقارنة والشريط الأخباري يمر من تحتها كالثعبان المارق ، وحروفه ترسم كالسموم و تنسل الى العيون الحيرى ، وهي تنبيء بتعيين المزيد من المستشارين ووزراء الدولة للتبطل في ظلال ضحوية الحكومة السائبة بلا وجيع ، والتي بشرتنا عند مجيئها المشئوم بتقصير تلك الظلال ، لتسهيل مهمة المواطنين بوصول السلطات اليهم وتوصيل
( طيبة الذكر الخدمات )
الأن تكاثر الوزراء الاتحاديون ومستشارو الرئاسة ومساعدو الرئيس والولاة ووزراؤهم ومستشاروهم والمعتمدون وأعضاء المجالس التشريعية الاتحادية والولائية والمحلية !
وتراصت الأجساد حتي شكلت ظلا ثقيلا على ميزانية الدولة ، التي رفعت يدها عن كل شيء لتطيح بها على صدغ المواطن ورأسه صفعا بالجبايات والزكاة ورسوم ما أنزل الله بها من سلطان في كل بوابة يطرقها وسرقة مقنننة ومشروعات قائمة على الفساد والعمولات وهيمنة أفراد باتوا ملاكا لها وليس خداما عليها!
وطبعا الحديث عن بنود الصرف المفتوحة أكثر من مصارف المجاري المسدودة في قرية كبيرة اسمها العاصمة القومية ، فحدث ولا حرج وقد وجهت لجيش يحارب من ؟ وأمن ليؤمن من ؟ ، ونثريات دستورية وبرتكولية بسيطة لا تتعدي ثلثل تلك الموازنة المصابة بفقر الدم !
فذلك جوابه عند السادة المعلقين ، ليفشوا غلهم مثلنا وهم في استرخاء هذه الجمعة ، هذا ان لم تصادر منهم و منا حكومة ضل ضحوية التبطل ، ما تبقي لنا من ظل ، فقد تحتاجه ليسع المزيد من عطال تشكيلها الجديد ، المعينين ، دون شغلة أوالواقفين في شمس عشم المشاركة في شملة فلانة ، الثلاثية أم قدا خماسي !
والله المستعان ..
وهو من وراء القصد..
إشهد ربى انت جميل فى كل شئ يابرقاوى .. وبمناسبة المرشدات عندنا جدنا رحمة الله عليه
شاعر نص كم … والمرشدات كما قلت كانت تحملهن السيارات الانيقة وتدور القرى
والكنابى .. وكانت واحدة من المرشدات تدعى قسيمة . وعندما تاتى لقريتنا كان جدى يقول
لها .. البورى ضرب وست قسيمة ادلت متل السحابة الضلت وهكذا كان الزمن الجميل وإنت
جميل والجابك ليا ملاك وجميل يامندل .. رحم الله جدى ورحم الله ست قسيمة ورحم الله الزمن
الجميل .. ولك القومة والود يارجل يافلتة .. وجمعة طيبة
الله الله يابرقاوى
هذا السودان الذى كنا نحلم به شاهدناه وعايشناه معك ولولا اننا عايشنا كل تفاصيل تلك الاشياء ماكنا صدقنا وأمنا بان القادم سيكون اجمل لقد شرّبنا ذالكم العهد بالوطنية والقومية وحب السودان كنا نرى اننا افضل بلاد الدنيا ليس حلما ولا وهما بل حقيقة ماثلة جسدتها انت الان فى شريط ذكرياتك اعطيك مثالا واحدا فقط انت تعرفه بعمنا ود ازرق حامى حمى الصحة فى الحصاحيصا وكيف يمثل قمة النزاهة والطهر وقوة الشخصية وعفة اليد لوحده يحمى كل السوق ماذكرته فقط مثال لرجالات الخدمة المدنية وليس الاشخاص فى ذاتهم وعليه قس كل منفذ او ادارة او هيئة تهتم بخدمة الناس فى تجرد وامانة وكيف ترى الحكومة ممثله فى اشخاصها فى الشارع تؤدى مهامها دون كلل او ملل وبما ينفع الناس ومقارنه بالان لاترى فى الشارع سوى رجالات التحصيل والجبايات والعسكر المراقب لانفاس الناس المستعد للانقضاض على رقاب فرائسه من الناقمين على الوضع وفى المقابل ترى الانهيار فى كل مناحى الحياة والبؤس الظاهر عيانا بيانا سوى من تفلتات النفعيين المختلسين التى تناقض الواقع عربات فارهة وشوارع متهالكة وعمارات شوامخ واطنان من الزباله تحوم حولها
لكن سنبنيهو البنحلم بيهو يوماتى وان طال الزمن
سمعنا على ايام الديمقراطية عن ما سمي " بند العطالة " و هو بند في ميزانية الدولة استحدثه المرحوم الشريف حسين الهندي لتوظيف الشباب في وظائف مؤقتة او نحو ذلك – نرجو من الملمين بتفاصيل ذلك البند افادتنا –
بند الشريف كان حين كانت للسودان دولة يقوم عليها ولاة امر منتخبين من الشعب و يجيدون ما يفعلون و حين كان الجنيه السوداني يعادل ثلاثة دولارات و ثلث و حين كان الحجاج و المعتمرين يهربون العملة الصعبة جدا آنذاك و هي الجنيه السوداني! بند العطالة في ذلك الزمن كان دليل على عافية الاقتصاد التامة و دليل على ان هنالك فائض ميزانية لتوظيف المواطن استثنائيا …
الآن يتم توظيف الموالين و النصابين و الهتيفة و تمومة الجرتق على وظائف وزراء و وظائف دستورية بالمئات حيث يحظون بالامتيازات التي تحير لب العاقل ثم لا يمارسون اي عمل حيث انهم فعلا عطاالى… الفرق بين هذا الزمن الردئ و ذلك الزمن الصالح ان ميزانية الدولة كانت تفيض في حين تعجز الآن و ان المعينون كانوا مواطنين من شعب السودان و الان منافقين و لصوص و ما كان يصرف على بند العطالة نزر يسير من ميزانية البلاد و هي خدمة للشعب اما ما يصرف الآن على العطالى الدستوريين هو اكثر من ثلث ميزانية البلاد و الحكومة تفشل حتى في تقديم الرعاية الصحية مدفوعة الثمن ناهيك عن المجانية…
الحكومة و عطالتها الفاضحة غير المقنعة هي نوع من انواع الطفيليات عالية الخطورة التي تلتصق بجسم الوطن و تغرز ماصاتها القوية و تمتص دماء الوطن بلا رحمة!
فلنقض على هذه العوالق و الطفيليات قبل ان تسلب الروح من جسد الوطن فقد انهار الوطن الآن و هو ينازع!