عــنـــدمـــا تتحـــدَّث العـــيون والخلجـــات …. تعابـير الوجـه.. لغــة تفضــح مكــنون النفس!

الخرطوم- نهلة مجذوب
كثيراً ما تُعطي تعابير الوجه ردة فعل تُبنى عليها حالة الفرد. فهي مهمة لتخاطب الآخرين أيّاً كانت تلك التعابير من ابتسامات فرح أو مجاملة أو شكر إلى التقزُّز وظهور اليأس والخوف والحزن والدهشة وغيرها، ويُشار إلى أن الغضب إذا لم يتأثَّر صاحبه يظهر جلياً في الوجه ويتمركز في العينين والحاجبين. ويوضح جداً أن لهما الكثير من التعابير. فالتعابير تظهر أثناء الحوار أو النقاش بين الناس ومهما حاول الإنسان أن يخفي ما يشعر به، فلابد من وجود نقاط ضعف تكشف حقيقة ما يفكِّر فيه الشخص.
حول هذا الموضوع غاصت «الأهرام اليوم» في آراء وتفاصيل بعض الذين استفسرتهم:
تقول سارة محمد إن تعابير الوجه تدل على الكثير الذي يكمن داخل الإنسان من أحاسيس وعبارات، وأحياناً مشاعر جيّاشة. وزادت إن بعض الناس يفهمون تعابير ولغة الوجه، فمثلاً يقولون للطفل ومنذ صغره هذا سينشأ مثل والده تماماً أو جده، وذلك إذا كانت ملامح وجهه بشوشة أو صارمة. وأضافت يقولون بالدراجي (من وشو كدا ظاهر عليه كذا وكذا).
ربة المنزل نجاة محجوب قالت إن تعابير الوجه كافية تماماً لمعرفة بعض الذي يُراد أن يُقال لك. وأوضحت أن والدتها منذ الطفولة كانت تنظر لها إذا أخطأت أمام جمع من الناس، فتبتعد تاركة الخطأ خشية أن تعاقبها، وأضافت أنها الآن كثيراً ما تستخدم تعابير وجهها في التخاطُب مع أبنائها خاصة في الأماكن العامة داعية لهم بالإنضباط والصمت. وزادت ربما تفلح تعابير وجهها في فض مشاجرة بين أبنائها دون أن تُصدر أي تعبير أو كلمات.
وأشار محمد خالد ـ معلِّم ثانوي، أن تعابير الوجه تُحدث تغيير لدرجة أنه يمكن أن تظهر في نبرة الصوت، وذلك يبدو الأزواج عدم التوصُّل لحل مشكلة ويغلب الاستياء.
وفي السياق يرى والي الدين (موظف)، أن تعابير الوجه تنبع من دواخل الإنسان وتعكس حالته المزاجية. وأوضح أنه يستطيع أن يقرأ تعابير زوجته في حالات الشوق والحنين كما في حالات النرفزة والضيق.
الحبوبة فاطمة الأمين قالت لي إن الحبوبات حكيمات، ولديهن معرفة عميقة لكشف تعابير الوجه. وضربت مثلاً إذا أتت بنتها من منزل زوجها ولديها خلاف معه، فدون أن تتحدث تسألها في حنو وهدوء (وشك ما عاجبني يا بنتي). كما تقول لابنها الذي طال صمته ويمر بأزمة ولم يفصح عنها (شكلك شايل هم مالك يا جناي)، وزادت حفيدتها ثويبة أحمد أن تعابير الوجه تظهر جلياً في حالات الصدق والكذب وحُسن وخُبث النوايا. وأضافت أنه ومن المؤسف أن توجد هذه الصفات لدى الفتيات وتُنعت الواحدة بذات الوجهين.
وفي السياق اتفق الكثيرون أن تعابير الوجه لغة يفهمها الأصدقاء، والأعداء، الصغار، والكبار، وتظهر جلياً في حالات الخجل والحزن والسعادة، وتُكتشف من الذين يكونون لصيقين ببعضهم.
وفي ذلك يقول الأطباء إن للتعابير مركز حسي يُسمى «اللوزة» يوجد داخل الدماغ، وبمجرد أن يرى الإنسان مشاهد دموية أو مشاهد فرح تُنبِّه هذه اللوزة وتُعطي ملامح ما يشعر به الإنسان.
ولفت سيد البرية سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم»، إلى أهمية التواصل مع الآخرين من خلال تعابير الوجه حيث قال «تبسُّمك في وجه أخيك صدقة» وهذه دعوة منه للتعبير عما ينتشر في المجتمع ويسري أثره على النفس، فيبعث فيها الحب والأمل والتسامح، لذا فبعض التعابير تكون دافعاً للنجاح ونسياناً للجراح، وأخرى تكون مصدراً للفتن وإثارة للضغائن فكم من جريمة حدثت بسبب (عاين لي). وفي هذا الجانب يتعامل المحققون المختصون في الجرائم بكشف الكذب عند المرتكب فهم يقومون بمحاورة المتهم ويتم تصوير ملامح وجهه ثم يُعاد تقطيعها ودراستها ومن ثمّ التأكُّد من المواقع التي ارتبك فيها.
وأثبتت بعض الدراسات التي أُجريت أن ابتسامات الإنسان في الواحد والعشرين تُعطي صفات شخصيته التي يتعامل من خلالها مع الآخرين، مما يُوضِّح مدى نجاحه في الحياة. فكم من ابتسامة ونظرة كانت كافية لبث أجمل الرسائل والتعابير! وفي شِعرنا السوداني الأصيل الكثير من الضرب الذي يُشير إلى دور التعابير، ونجد أن الشاعر الكبير الرقيق سيد عبدالعزيز ومنذ الحقيبة ذو رقة في الأحاسيس المعبِّرة حين قال (يالمنظرك للعين يطيب.. تبدِّل الظلمات بنور، وتبدِّل الأحزان سرور، إن شافك المرضان يطيب)..

الاهرام اليوم