وإذا جلستَ وكان مثـلُكَ قائمًا فمِن المروءَة أن تقـومَ وإن أبَـى.. معاناة المرأة في المواصلات

الخرطوم – زهرة عكاشة
يستعين الناس في كل مكان بالمواصلات العامة، للذهاب والإياب من العمل أو قضاء زيارات خاصة، لأماكن لا يمكن أن تصلها راجلاً، وليس أمامك سواها، وهنا تكمن أهميتها.
وفي كثير من الأوقات تجدها مزدحمة، خاصة وقت الذروة، وهو زمن انتهاء عمل موظفي الدولة وطلبة المدارس والجامعات والمعاهد العليا، ورغم أنها مواصلات عامة لكن تحدث فيها أشياء غريبة تثير العجب وتعقد حاجباك من الدهشة.
رجال وشباب
ولأننا في بلد بات يحب كل من فيها نفسه، تجد الرجال والشباب يتزاحمون أمام أي مركبة تقف، في بادئ الأمر كان الفتيات والنساء يقفنّ بعيداً على استحياء حتى يصعدوا، في ما تبقى ? إن وجد- من كراسٍ يمكن أن تستغلها واحدة منهنّ، ومع تكرار المشهد يومياً تقول بتول صالح: “لم يعد بإمكاننا الانتظار وإفساح المجال للرجال والأولاد، لأنهم يسبقوننا على المركبة، وكما ترين دخلنا في النص حتى نجد مكاناً وسطهم، فالأمر غير محتمل خاصة عندما تجد في مواجهة أشخاص انعدمت عندهم القيم والعادات السمحة”. وأضافت: “رغم أن المزاحمة وسط الرجال لا ترضيني لكنني مضطرة لفعل ذلك، خاصة وأن الرجال وحتى الشباب لم يراعوا وضعنا كما كانوا يفعلون في السابق”.
مسافة وتقديرات
ظلت المواصلات في الآونة الأخيرة مثار جدل ولغط لما يحدث فيها من تجاوزات لم تجد الحسم إلى الآن، حتى صار الحديث مكروراً وماسخاً وليس ذا جدوى، لأن المتتبع لحركة المواصلات العامة يجدها تسير على نفس المنوال وذات العبث، لم تحدث رقابة لسير العربات وخطوطها ولا للتعرفة المضاعفة، والأمر هنا لا يخص (الحافلات) فقط، وإنما الهايس والركشة والأمجاد التي تحدد تعريفتها حسب المكان وليس المسافة، أي إذا حظك التعيس ساقك إلى حي راقٍ، لابد أن تدفع ضريبة ذلك مالاً، وإلا لن تصل أبداً.
متعب وصعب
وفي المواصلات أيضاً تجد أن هناك فتيات يخترن المقعد الذي يجب أن تجلس فيه، وليس المعيار أقرب مقعد فاضي، ووسط الزحمة وأنت تبحث عن مقعد تجد أن هناك فتاة تقف حائط صد وسط المركبة فقط لأنها لا تريد الجلوس في المقعد بجوار السائق، الحقيقة أدهشتني الفكرة، لأنها مركبة عامة وليست خاصة، لكن محمد إبراهيم (سائق مركبة عامة) أرجع السبب إلى أن الكرسي الذي يجاوره متعب ويصعب على الفتاة الجلوس عليه. وقال: “لا تستطيع الفتيات والنساء الجلوس في هذا المكان لأن المقعد في أغلب المركبات من غير مسند ظهر، مما تضطر للإمساك بماسورة حديدية أمام طبلون العربة حتى لا تتمايل يميناً ويساراً وهو أمر مزعج”.
تكدس في الباب
عند مرور بص الوالي يستغرب كل الواقفين كيف يحمل ذلك البص هذا الكم الهائل من الركاب، حيث تجد البعض (متشعلقين) رجل على طرف باب البص وتتأرجح الأخرى في الهواء بالخارج، وفي جانب النساء، ولأن البص مقسوم بالفطرة الجانب الأمامي لولوج الفتيات والسيدات والخلفي للرجال والصبيان، تجد أنهنّ يتكتدسنّ في الباب وبجانب السائق وما تبقى من القسمة فارغاً. في ذلك استنكرت أميرة السيد (ربة منزل) ذلك السلوك. وقالت: “ليس من الطبيعي صعود كل فتاة على البص والوقوف هكذا على سلم الباب تقف بجانب السائق ويفصلنّه تماماً عن باقي الركاب الذين يجب أن يراقب حركتهم داخل البص، ويتركنّ باقي المساحة فاضية ووسيعة، والأغرب من ذلك أنهنّ لا يسمعنّ كلام أحد، تتحدث مع الفتاة وكأنك (تؤذن في مالطة) لا استجابة”. وتابعت: “هذا سلوك غير صحيح يجب التخلي عنه حتى لا نضايق أحد”.
وأخيراً اسأل الرجال لماذا تجلسون في المركبات العامة براحة وتستلمون المقعد على حسابكم وكأنها مركبة خاصة، لماذا لا تراعون لوجود الفتيات بجانبكم، هل انتهت الكرامة الإنسانية والاحترام بين الناس، أم سادت الفوضى حتى بتنا لا نراعي سلوكنا العام؟ ماذا لو كانت تلك الفتاة أمك أو أختك أو زوجتك هل سترضى أن يلتصق بها أحد هكذا فقط لأنها أرادت أن تصل إلى وجهتها مثلك أم ماذا؟

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..