من يان كامبرت إلي الاستاذ محمود محمد طه

الان ارى النهار يبزع
و تنبسط الحواجز الحديدة العاليه .
يالهي، اجعل موتي خفيفاً ،
وان اخطأت ذات مرة ،كما
يخطأ كل من يواجه الموت ،فأغفر لي،
لكن امنحني نعمة الموت
كما ينبغي لرجل ان يسير
مرفوع الهامه الى فصيلة الاعدام .
تعتبر قصيدة يان كامبرت(1902-1943) قصيدة لثمانية عشر محكوم بالاعدام من اشهر أشعار المقاومة في الادب الهولندي و التي كتبها خلال فترة سجنه في معتقل ألماني نازي أثناء الحرب العالمية الثانية حيث قضي نحبه في المعتقل
تأثرت الحركة الادبية و الثقافية الهولندية كثيرا بالحرب حيث سجن العديد من المثقفين و المبدعين و توفي الشاعر الكبير مارسمان غرقا اثناء محاولته الفرار الي بريطانيا أما الشاعر أدغار دوبيرن فمات منتحرا عند سماعه إجتياح القوات النازية لهولندة
يان كامبرت يهدي بكل حب و عرفان الاستاذ محمود محمد طه
هذه القصيدة و يضع علي قبره أجمل ورود هولندة
قصيدة لثمانية عشر محكوم بالاعدام
يان كامبرت Jan Campert
(1902-1943)
حجرة طولها مترين
وعرضها بالكاد مثل طولها
لكن تلك الحفرة التي حفرت في مكان ما
ما زلت اجهله
ضيقة وقصيرة
حيث مرقدي الاخير
مع رفاق نكبتي
نبات سوية بلا هوية :
كنا ثمانية عشر شخصاً على قيد الحياة
لكن بعد حين لن نرى غروب الشمس .
اييييه من عذوبة نور بلادي
اييييه من سواحل هولنده الحره
التي امست فريسة للعدو ،
كيف يتسنى لي ان انعم بالهدوء ؟
حتى لو كنت صادقا ووفيا
ما الذي بوسعك ان تقوم به في هذه المحنة ؟
امنح ولدك وزوجتك قبلة
وانطلق الى النضال من اجل قضية سامية.
لن أتجاهل الخطر الذي يحيق بي
ولا الغضب والالم الذي احتبسه في داخلي،
قلبي هو حافزي ومرشدي
لا اقوى ان اكبح نفسي ،ولا حتى الموت،
اعلم علم اليقبن ان من واجبي
ان اكرّم بلدي
فالحرية طريقها شاق
كيلا اشعر ان كرامتي مهدده
حينما ينوي ذلك الهمجي اغتصابها .
لنمنع قصف المدفع القاتل ،
كيلا تمسي هولنده الرقيقه الوديعه
سجينة طائر شرس ،
قبل ان يتبجح الالمان بخطاباتهم
انهم وضعوا امتي في طوق ،
وقبل ان ينهبوها جزء جزء
كأي لص مبتذل.
عازف ناي برلين يعزف بمزاجه
ليستدعي الفئران الاوروبيه ،
لكن رجال الحق
رفضوا عرضه…
سأفارق الحياة يوما ما،
ولن ارى رفاقي
ولن اقاسمهم الخبز والحليب
لتحفظ ذاكرتك بوفاء
ثمانية عشر رفيقاً واجهوا الموت
ولا تنسى تلك التضحية
بأصرارهم وموتهم ،
نحيا اليوم
ولدينا وطن وشعب :
سنواصل كل يوم ، والى الابد
وستمضي كل غمامة ، وكل محنة .
الان ارى النهار يبزع
و تنبسط الحواجز الحديدة العاليه .
يالهي، اجعل موتي خفيفاً ،
وان اخطأت ذات مرة ،كما
يخطأ كل من يواجه الموت ،فأغفر لي،
لكن امنحني نعمة الموت
كما ينبغي لرجل ان يسير
مرفوع الهامه الى فصيلة الاعدام .
عادل عثمان عوض جبريل
لندن ايسلنجتون
[email][email protected][/email]
وان اخطأت ذات مرة ،كما
يخطأ كل من يواجه الموت ،فأغفر لي،
لكن امنحني نعمة الموت
كما ينبغي لرجل ان يسير
مرفوع الهامه الى فصيلة الاعدام .
***
كلام قوى ومعبر وقد سار الاستاذ الى منصة مرفوع الهامة وودع جلاديه بابتسامة حرمت الكيثر منهم النوم
ولنبدأ الآن في نقد الفكر الجمهوري:
كيف يصل الإنسان لمرتبة الإله من الكمال وكيف يكون الله وقد اجمعت الرسالات وكل الأنبياء والرسل على اختلاف على التوحيد الا يكون لله شريك في اسمائه ولا صفاته وليس كمثله، كيف يكون الإنسان بمنزلة الإله ويكون الله والله تعالى يقول في سورة الشورى «فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ». من اين اتى محمود بهذا التعريف الغريب للسنة حيث يحصرها في عباداته او منهجه على المستوى الشخصي ليضع منهجين للشريعة والعبادة منهج يخصه صلى الله عليه وسلم ومنهج لأتباعه ؟؟ ألم يكن النبي الكريم يصلى كما نصلي اليوم ويأمرنا بذلك، الم يحج كما نحج ويقول خذوا عني مناسككم ؟؟؟: «عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» رواه البخاري ومسلم. فمن الذي وقت لانتهاء صلاحية العمل بهذا الحديث وقد اطلقه النبي الكريم هكذا وحدد فيه اركان الاسلام التى هدمها محمود ركنًا ركنًا؟ فالشهادة عنده تنتهي بـ «لا اله الا الله» المجرد، فعلى اي اساس بتر منها محمد رسول الله مدعيًا انه لا يقلد الرسول؟ على اي دليل يستند محمود في ترك الصلاة الواردة في الحديث ليستبدلها بصلاته المبتدعة والتى يسميها بصلاة الأصالة؟ من الذي اوحى لمحمود برفع الزكاة وإلغائها لتحل محلها الشيوعية الاقتصادية فينفق الفرد ما زاد عن حاجته إلزامًا وهذا يعني ضمنًا نسف المواريث لأن الميراث لا يقوم من دون موروث فائض عن الحاجة. والحج ايضًا نسفه محمود ولم يحج كما ذكرت بنته أسماء، لا عجزًا ولكن لأنه أصيل وله عباداته الخاصة به !!! اما الصوم فقد استبدله محمود بالصيام الصمدي وهو صوم المواصلة المنهي عنه.
محمود يدعي ان الله آتاه فهمًا خاصًا واذن له بالكلام ولم يستطع هو واتباعه من بعد ان يثبتوا كيف اعطي هذا التفويض ولم يقدموا دليلاً واحدًا على ذلك.
تطوير الشريعة التى يدعيها محمود ايضًا بدعوى ارتفاع البشرية عن مستوى الشريعة يكذبه الواقع قبل النصوص، فمن فينا اكمل إيمانًا من ابي بكر واعدل من عمر واكثر إنفاقًا من عثمان واشجع من علي رضي الله عنهم حتى نكون نحن أعلى من مستوياتهم؟ من فينا شهد الصحبة وتعلم على يديه الكريمتين وتبرك بمصافحته وتقبيل بطنه ودعائه صلى الله عليه وسلم له بل وبشهوده لهم بالجنة حتى نكون ارفع منهم، ومن فينا شهد البيعة وكان من اصحاب الشجرة الذين نزل فيهم قرآن بالرضى عنهم يتلى أبد الدهر؟ كيف يكون القرن العشرين افضل من صحابة رسول الله والقرن العشرين وما تبعه يشهد تقنين زواج المثلين وتجارة الخمور وادوات ومواقع الفاحشة تباع على قارعة الطريق في جل اركان الأرض؟ أينا احق بالحجاب، نساء القرن السابع الذي يقول شاعرهم انه يغض الطرف إذا ما بدت له جارته ام نساء عصرنا حيث تحاصرهن الكاميرات وآلات التصوير والتحوير والتزوير والنشر في جوالاتنا وسياراتنا وشاهقات المباني تصور ليل نهار.
كيف يصير الإنسان اصيلاً ليأخذ شريعته من الله مباشرة واين العدالة هنا في توزيع التكاليف وكيف تقام الحدود وتحد الحرمات ولكل شريعة ولكل حلاله وحرامه الذي يختلف من بلد لآخر بل من فرد لفرد فبشرع مَن نحتكم وبدين مَن نقيم الحقوق والعقود والعهود؟
إنها شريعة الغاب وعصر الفوضى ونسف القيم!! بالطبع لم يسكت المسلمون على ما يدعيه محمود فقد عقدت له محكمة في الستينيات وحكمت عليه بالردة ولكنه افلت من التنفيذ لعدم وجود إرادة في وقتها ولعدم وجود قانون ردة حينها.
كان محمود من مناصري النميري لأنه كان يرى في حكمه الليبرالي حينها خلاصًا من دعاة الشريعة الذين كان يسميهم بدعاة الهوس الديني ولذا سكت على جرائم مايو المريعة في الجزيرة ابا وودنوباوي. وعندما أعلن النميري قوانين الشريعة الإسلامية في العام 1983 اصدر محمود محمد طه منشورًا رفض فيه الشريعة ووصفها بأنها قوانين تذل البشرية فتم القبض عليه فعقدت له محكمة ردة وحكمت عليه بالإعدام ليؤيد الرئيس النميري الحكم وتنكر أقرب الأقربين له ويقرون بضلاله علنًا في التلفاز في تخاذل وخذلان مريع قل مثله في التاريخ، وينفذ فيه حكم الردة يوم 18 يناير 1983 وتلقى جثته في مكان مجهول ولم يصل عليه فرد ولا جماعة. الغياب المباغت والموت المفاجئ لمحمود ترك اتباعه في ذهول حيث كان بعضهم يعتقد في نبوته وانه لن يموت ولن يستطيع الشعب السوداني بأسره ان يأخذ شعرة من رأسه. بموته فقد الجمهوريون الأصيل والمشرع الأوحد ولم يكتب حرف واحد في الفكرة بعد ان توقف مداد محمود ليتشتت اتباعه في تنظيمات اليسار وغيرها من الفرق العلمانية ويؤسسوا موقعًا الكترونيًا جمعوا فيه كتبه ومؤلفاته ومنشورات الفكرة كما حولوا داره المتواضعة في ام درمان الى مركز محمود محمد طه الثقافي وهكذا انطوت تلك الفترة وانتهى ذلك الهراء وهوى الصنم الى الأبد وبقيت الآثار والركام التى تتحرك في يناير من كل عام…..اللهم ألعن الهالك المرتد محمود محمد طه وأذياله…اللهم أجمعهم في سقر التي لا تبقي ولا تذر.