سلفا كير يحل هياكل الحركة الشعبية بداية جديدة لدولة حديثة

للمرة الثانية في اقل من عام يتخذ سلفا كير قررا كبيرا وهاما. يوم أمس قام رئيس دولة جنوب السودان بحل هياكل الحركة الشعبية لتحرير السودان. الحركة تاسست عام 1983 بقيادة الزعيم الراحد جون قرنق .استمرت في تطوير نفسها من كتيبة صغيرة متمردة إلى حركة ثورية ثم حكومة. لم يكن ذلك سهلا .تحقق بالنضال المستمر للحفاظ بالحركة موحدة وحرب استمرت واحد وعشرين عاما. توج النضال بقيام دولة جنوب السودان صبيحة الإنفصال من السودان .حكم د. قرنق واحد وعشرين يوما ورحل .
بعين دامعة تسلم بعده سلفا المهمة الضخمة.واجهته كثير من الضغوطات التي عطلت تشكيل الدولة الجديدة. جنوب السودان أحدث مولود في الاسرة الدولية. تعثرت خطواتها بسبب الفساد وتجاذبات القوى التي تقوم على أجنحة تتقوى بالقبيلة .أموال ضخمة انهالت على حكام الجنوب.عائدات البترول المليارية وأموال كثيرة انسابت من المجتمع الدولي . رغم ذلك ظل التغيير بطيئا بالنسبة للمواطن الجنوبي.تراكمت إشكالات ترحيل الجنوبيين لوطنهم الجديد.تباطأت وتيرة التنمية بدلا من أن تنطلق بقوة البداية الجديدة والثروة الضخمة.
في أغسطس الماضى شكل سلف حكومة جديدة بكل شجاعة.هز الطاولة بعنف أطاح بجنرالات الحركة من مراكز القوة. وهاهو الآن يهز بعنف كل بناء الحركة الشعبية.هذان القرارن -ومعهما عدد من القرارات الأخرى- قرارات شجاعة. في حركة تمرد قادتها ضد الحكومة المركرية في السودان وعرفت بإنشقاقات قيادية حادة عبر تاريخها فإن شجاعة سلفا تستحق التقدير العميق.توحيد قبائل متنافرة وفوضوية في بعض الأحيان يتطلب قدرا من الحكمة والكثير جدا من الشجاعة.
لكن ما الذي يجعل رئيس جنوب السودان يخاطر بمنصبه وحياته ويتخذ هذه القرارات .أنه لا يريد المال فتحت تصرفه أموال كثيرة .ولا يبدو ان هنالك من يجري حسابات دقيقة لأموال تعتمد على بترول يتذبذب إنتاجه وأسعاره.ولا يريد منصبا فهو الرئيس بالفعل.إذن الرئيس الجنوبي يفعل فقط ما يعتقده صحيحا لمصلحة شعبه .عانى الجنوبيين أهوال كثيرة من جراء أطول حرب في أفريقيا .لم ينعكس عليه شيئا ملموسا بعد أتفاقية السلام الشامل (نيفاشا) 2005 م ولا بعد الإنفصال 2011 م.
قرارات سلف كير تبدو وراءها قوة دفع جبارة. الأرجح انها غضب إيجابي وإنفعال شديد بقضايا بمواطنيه.الإحساس بمعاناة المواطنين والعمل بقوة لتغيير حياتهم نحو الأفضل.هذا فقط هو ما يجعل الرؤساء يجازفون بمناصبهم وحيواتهم من أجل فعل الأمر الصحيح .
حل هياكل الحركة الشعبية هو خطوة صحيحة . قيام هياكل ومؤسسات جديدة جدير بتحريك عجلة التنمية في جنوب السودان .القادمون الجدد من من بين المواطنين عادة يحملون أفكارا جديدة ومشبعون بالطموحات لخدمة أهلهم إن لم تفسدهم السلطة.
الكتابة عن الوطنيين المخلصين والتوثيق لسير من خدموا قضية الجنوب يحفز القادمون الجدد نحو المناصب لتقديم ما يخلدهم في التاريخ .هكذا يأمن المال العام على نفسه من التجاوزات. يبذل كل فرد جهده بإخلاص طالما هنالك قيادة تهتم لأمره وتعمل لمصلحته وتحفظ له حقوقه. هذه هي الخطوات الصحيحة لبناء دولة حديثة.
التحية لسلفا كير رئيس جنوب السودان وهو يتخذ القرارت الصحيحة لصالح مواطنيه.