تعقيب على مقالة الطرابيلي في صحيفة مصر اليوم حول سد النهضة والحراك النوبي

(ملاحظة: تجاهلت الصحيفة نشر التعقيب)
1. المدخل: مقتطفات من المقالة بعنوان (النيل.. من إثيوبيا.. للنوبة!!/ مصر اليوم 4/2/2016
(من قال إن إثيوبيا وحدها هى التى تهدد بالنيل لتموت مصر عطشاً، الحقيقة أنها ليست وحدها، فى هذا الاتجاه أو المخطط. …. ودولة النوبة تتحكم فى بحيرة السد العالى كلها.. كيف هذا؟)…(ودولة النوبة – التى يدعو إليها خوارج أهل النوبة – سوف تتحكم – إن قامت – فى كل بحيرة السد العالى وتجعله حبل مشنقة لمصر وشعبها.. كيف؟!”أمريكا تتبنى فكرة إنشاء دولة نوبية تضم كل بلاد النوبة من جنوب أسوان وحتى حدودنا عند خط عرض ٢٢ شمالاً، وتضم أيضاً إقليم النوبة فى شمال السودان.. وبذلك تدخل كل بحيرة السد العالى داخل نطاق الدولة النوبية المقترحة، وهدفها ليس فقط إحياء مملكة كوش النوبية التى حكمت مصر فى أواخر العصور الفرعونية. ومعروف أن بحيرة السد العالى – كلها – تمتد لمسافة ٥٠٠ كيلومتر منها ٣٥٠ كيلومتراً داخل دولة و١٥٠ كيلومتراً داخل دولة أخرى ومتوسط عرض البحيرة ١٢ كيلومتراً ومسطحها نحو ٦٥٠٠ كيلومتر.. أى إذا تحقق مخطط ضرب مصر بإنشاء دولة النوبة الموحدة فإن كل هذه البحيرة تصبح داخل نطاق الدولة التى تستهدف أمريكا ضرب مصر بواسطتها.. ولهذا – ومن خلال منظور إعادة تخطيط المنطقة بفصل سيناء عن شرق مصر وفصل النوبة عن جنوبها ــ تصبح مصر «بدون بحيرة السد».. حتى وإن بقى جسم السد صامداً كمبنى عند أسوان. والانفصاليون، وهم حتى الآن قلة من أهل النوبة جنوب مصر.. يهدفون إلى الانتقام من مصر التى شتتت بلادهم وأسرهم منذ بناء خزان أسوان «الأول» عام ١٩٠٢ وتعليته الأولى عام ١٩١٢ ثم التعلية الثانية عام ١٩٣٣، ذلك أنه نتجت عن خزان أسوان ــ بكل مراحله ــ أضرار بالغة بالنوبة وأهلها.. وجاء مشروع السد العالى ليكمل المأساة.. ويتم إغراق كل بلاد النوبة المصرية وعددها ٤٤ قرية كبيرة.. مع غياب التعويض العادل عما حدث لهم.. وبذلك نبتت فكرة الانفصاليين النوبيين وهم أقلية بين أهل النوبة ليردوا الضربة لمصر وينتقموا لما حدث لهم ولبلادهم.. وبذلك «يلغون تماماً» فوائد السد العالى، وتصبح كل بحيرة السد تحت سيطرتهم.. يفعلون به ما يريدون…. هذا هو المخطط – حتى ولو كان بعيد المدى – ولكنه قائم فعلاً وحقيقة لتركيع مصر.. وكل ذلك بسبب غياب العدالة المصرية تجاه أبناء النوبة.. وللأسف نحن لا نتعامل – بجدية – مع فكر القلة الانفصالية من أبناء النوبة.. فمتى نتعلم.. ونعى، قبل أن ننعى كل المصريين.. فمن لن يموت من العطش.. سيموت من نقص الكهرباء؟!).
2. التعقيب
إلي الأستاذ الطرابيلى ومن شايعه
قد ينطبق عليك في موضوعك يا أخي مثل بني جلدتكم القائل ( اللي على رأسه… يتحسس عليها)، ليس فيه اجتهاد ولم تأتي بجديد لأن أطروحة الدولة النوبية أو دولة كوش قديمة ترجع إلى العقد الأول من القرن المنصرف بل هي سابقة لوعد بلفور وكان خيارا لدى الاستخبارات البريطانية.. تتلخص الأطروحة في تأسيس دولة في حدود الشلال الأول إلى الشلال الرابع اعتبارا لامتداد الثقافة واللغة ووحدة الأصل،، وبالطبع تعارض هذا الطرح مع سوءة النرجسية وإدمان التعالي الزائف الراسخة في الشخصية وفي عهود الحكم شمال الوادي. بالمناسبة توجد وثيقة تحتوي على خريطة الدولة المقترحة ،، كما توجد إشارة لها في كتاب توثيقي عن مناضل أرقين حلفا الراحل الأستاذ صالح عثمان وكان قائدا لمجموعات الرافضين للتهجير في الستينات، وإذا كنت مغالطا يمكن إرسالكم نسخة منها…. يا أستاذ من الثابت أن الحدود الفاصلة بين القطرين الواقعة على منتصف امتداد القطاع الشمالي من الأراضي النوبية ( خط عرض 22 ونصف شمال الممتد جنوب أسوان في قرية قسطل وشمال قرية فرص حلفا) رسم استعماري منصوص به في اتفاقية الحكم الثنائي التركي الإنجليزي للسودان، بل ومعترف ومعمول به حتى 1964 ،، ومن الثابت أن الحضور النوبي على حزام أواسط وادي النيل سابق لما يعرف حتى بدولتي مصر والسودان وهو حضور ثقافي أصيل وعريق وراسخ منذ آلاف السنيين قبل الميلاد،، ولا أظنك غائب من أن دراسات الآثار الحديثة قد أثبتت أن أساس ومنبع حضارات النيل في نطاق الأراضي النوبية قد تغير مما كان يعرف بالدراسات المصرية Egyptology إلى الدراسات النوبية في أعرق جامعات العالم ، كما وأنه من المؤكد أيضا أن مسألة بناء السد العالي أيضا على الخط الفاصل بين النوبيين الفدجا في مصر والسودان كانت في الحقيقة تحوطا من انتفاضة النوبيين وكانت من موبقات الناصرية لخدمة دعاوي وشعارات القومية العربية التي قد تجاوزها التاريخ،، إذن أين التآمر في المطالبة بحقوق مغتصبة وفي مقالكم اعتراف باحتلال مصرلأراضي سودانية تمتد 150 كلم والواقع أنها 200 كلم اعتبارا من خط عرض 22 درجة ونصف شمال وليس 22 درجة كما تدعي مصر وتحتل على مرجعيتها مثلث حلايب وشلاتين شرقا.
يلاحظ أن في صيغة عنوان مقالكم استخدام مصطلح (النوبه) وليس (النوبيون )،، أرجو آلا يكون في هذا تمويه مقصود لأن المسمي الثابت هو الحضارة النوبية ويعني حضارة أرض الذهب وليس حضارة النوبة المشيرة إلى جبال النوبة في أواسط السودان،، لا عليك،،على هذا الفهم نشرت الكثير من الإخراجات المسنودة بتشابه بعض المفردات اللغوية بين بعض اللهجات في تلك المنطقة ولهجتي الفدجا والأوشكرين المكونتين اللغة النوبية، وهكذا التشابه إن لم يكن مسنودا بنتائج حفريات الآثار، هو تشابه ناتج من طبيعة انسياب العلاقات الطبيعية والتواصل بين الشعوب وتأثيرات التداخلات والتبادل،، يا أخي،، في اللغات العربية واللاتينية والأمهرية والأمازيغية وحتى في الشعر الجاهلي بعض المفردات من اللغة النوبية ولا غرابة في الأمر.. النوبيون لا يستنكفون ولا يتحسسون عن هكذا الطرح والاجتهاد البحثي،، بل أن هكذا الدراسات الإخراجات تثبت أصالة وأقدمية وعراقة وانتشار الحضارات النوبية.
السؤال المطروح لماذا يبادر أهل مصر باتهام الآخرين في مطالباتهم بالحقوق المغتصبة،، لماذا المغالطة في أحقية النوبيين بدولتهم والحدود الفاصلة بين الدول أصلا رسم استعماري قائم على موازنات المصالح في تاريخ سابق وفي بيئة مختلفة،، أليس في هذا تمثيل لمقولة ( اللي على رأسه… يتحسس عليها)… أما حول سد النهضة من المعروف أن إثيوبيا ومنذ إبرام اتفاقية قيام السد العالي في 1959 قد سجلت اعتراضها وتحفظاتها على تقسيم المياه الجائر،، وقد سبق السيف،، وكنتم في غفلة لم تستبينوا الأمر إلا والسد قائم لا محالة،، ولماذا البكاء على لبن مسكوب… إن في سد النهضة استجابة ربانية لتوسلات النوبيين بأن ترجع حلفا لسيرتها الأولي بعد تجفيف مخزن المياه المعتدي على أراضيهم.
في الختام أتمنى توسعة المشاركات في ندوتكم المزمعة حول هذا الموضوع والسماح فيه للرأي الآخر،، وكفاكم مناكفات يا صحافة أهل مصر.
محجوب بابا / هاتف محمول 0097339347132

[email][email protected][/email]