المسيرية.. وفقه المرحلة

زمان مثل هذا
المسيرية.. وفقه المرحلة
الصادق الشريف
? عيون حذرة تنظر من بعيد وتراقب ما يحدث في الخرطوم.. وما تتناقله صحفها من علاقات كادت أن تصل حدّ المصاهرة بين الخرطوم وجوبا.. وتتساءل في وجل: (أين نحنُ من كرنفالات الخرطوم؟؟). ? دعوات العشاء الثلاثة.. والحريات الأربعة.. والتصريحات الستة.. والابتسامات الثمانية.. والعناقات العشرة المتبادلة بين الوفود.. تكادُ تجبُّ ما قبلها من حرب الكلام والميدان.. والعيون الحذرة تتساءل من بعيد (اين نحنُ من تفاهمات أديس أبابا؟؟). ? قبيلة المسيرية.. التي كانت رأس الرمح في العلاقة بين دولتي الشمال والجنوب.. القبيلة التي بايعت على الموت.. وقاتلت من أجل الحياة.. حياتهم على أرضهم.. تنظر الآن إلى الخرطوم وتقول: (اللهم أجعله خيراً!!). ? جآء وقتٌ لم يكد العالم الخارجي يجدُ فارقاً بين حكومة الخرطوم وقبيلة المسيرية.. حتى أنّ أحد الكتّاب اليمنيين.. علّق في صحيفة خليجية قائلاً: (يبدو أنّ قبيلة المسيرية هي القبيلة الأكبر في السودان.. لذا لا تستطيع الحكومة السودانية.. بدء المفاوضات مع حكومة الجنوب دون الاتفاق مع المسيرية على أجندة التفاوض)!!. ? والكاتب يضعُ في ذهنه قوة القبائل في اليمن.. القبائل التي تمتلك فيالق مدفعية وفرق مشاة وأسلحة استراتيجية وتكتيكية.. ولا تجد حرجاً وهي تقول (لا) للحكومة المركزية.. تقولُ (لا) ولا تبالي.. تقولُ (لا) وتستتر خلف أسلحتها. ? الوضع هُنا يختلف كماً لا كيفاً.. ومع ذلك فإنّ الحكومة هي التي صنعت ذلك الوضع.. بحيثُ أنّ رغبات قبائل المسيرية كانت جزءاً لا يتجزأ من الرغبة الحكومية.. أثناء التفاوض.. وعند التغاضب. ? الآن.. جاءت اتفاقية الحريات الأربعة.. والاختلاف حولها بيِّنٌ.. تكاد لا تخطئه إلا عين الرضا.. ولكن تساؤل المسيرية يبقى وليداً ل(فقه المرحلة) الذي أرسى دعائمه المؤتمر الوطني. ? هل كان تستر المؤتمر الوطني خلف رغبات قبيلة المسيرية جزءاً من فقه المرحلة.. مرحلة ما بعد انفصال الجنوب؟؟.. حتى إذا جاء وقت التفاوض على القضايا الكلية.. لم يسأل أحدٌ (ماذا يريدُ المسيرية؟؟). ? حتى لحظات كتابة هذه الأسطر لم يبرز من الغرف المغلقة ما يشير إلى (أبيي).. ولكن من أدرى مَن بالخارج أنّ أبيي لم تكن هناك؟؟.. مَن يؤكد أنّها لم تكن ملفاً مفتوحاً أمام المتفاوضين الذين يسهرون شغفاً.. ويتوقون شوقاً لعودة النفط إلى مجاريه؟؟. ? ما يُتصوَّر أنّه أمام نظارات المتفاوضين هو قضايا الترتيبات الأمنية والحدود والجنسية (لنسمها تلطفاً الحريات الاربعة).. يتعجلُ المفاوضون لإنهائها حتى يصلوا بسرعة إلى ملف النفط.. قبل أن يحل يومُ الثلاثاء.. الثالث من أبريل. ? ولكن.. اين ملف أبيي؟؟؟. ? هذا أضخم الملفات وأكثرها تعقيدأ.. بلغ من تعقيده انّه خرج من كردفان براً.. وخرج من الخرطوم جواً.. ورسى في محكمة العدل الدولية. ? بالأمس يقول الأستاذ عبد الرسول النور القيادي المسيري (كلما يظهر باقان أموم ودينق ألور مقدِّمين السبت.. نخاف من يوم الأحد).. ومن يعطي السبت- دائماً- ينتظر الأحد. ? والقيادي الجنوبي دينق ألور ابن أبيي يقول انّ أبيي هي (قضية حياته).. ولكنّها يا ألور (أبيي قضية حياة آخرين بايعوا على الموت).
التيار
يا أستاذ الصادق، مصلحة المسيرية مع الدينكا، لذلك ما كان ينبغي لهم تسليم دقنهم للحكومة التي نجحت في إيغار صدورهم على الدينكالأنها رغبت في استخدامهم بدون مراعاة لمصالحهم أو مصالح الدينكا، كما لعبت على المسيرية يسماع وجهائها من “رفاق السلاح” الذين وافقوا على موالاة الحكومة لأن قادتها”عساكر زيّهم”. و الحكومة الآن، و من أجل الحصول على “قرشيتات” البترول مستعدة تبيع لباسها. على المسيرية أن يتخندقوا مع الدينكا، وضد الحكومة خدمة لمصالح أهل المنطقة من الطرفين.