مقالات وآراء

البون الشاسع بین (الفحولة) والتمدن !

بثینة تروس

بالرغم من انشغال العالم بالحرب المأساوية وعنفها بين روسيا وأوكرانيا، الا ان انظار ملايين المشاهدين قد شغلت اليومين الماضيين بحادثة السقوط الأخلاقي للفنان المتميز ويل سميث، حين صفع زميله الكوميدي كريس روك صفعة كانت صادمة في حفل تقديم جوائز الاوسكار في الاحد 27 مارس 2022، إثر تندر (تنمر) قل! كريس على فقدان جادا بينكيت سميث زوجة ويل لشعرها، دون مراعاة لحالة اصابتها بمرض (الثعلبة)..

وبالرغم من ان ويل سميث اعتذر عن ذلك العنف والسلوك الرجعي الذي لا يمت للتمدن بصلة، الا انه فقد الاحترام لدي الراي العام المستنير.. ورد في معرض اعتذاره قوله (تصرف غير لائق، انني مخطئ، وانا محرج، وسلوكي لا يمت بصلة للرجل الذي ارجو ان اكونه، اذ لا مكان للعنف في عالم الحب والسماحة)..  بالرغم من ذلك ضجت صفحات التواصل الاجتماعي في محيطنا!  بدفوعات العقل الذكوري، المشحونة بحنين اعراف عنف الغابة، والعصر الحجري، والاعجاب (بفحولة) سميث في الدفاع عن زوجته، ورجولته، وحرارته، وقوته، وغيرته على انثاه!! غير عابئين بتملصه بعدها من النسب لتلك الصفات وذاك السلوك المشين!

وهو نفس العقل الذكوري الذي يسارع في تسبيب وتبرير عنف الرجل، بانه خطيئة المرأة، من شاكلة لو انها لبست محتشم لما تحرشوا بها، ولو انها ما خرجت للاعتصام، والمظاهرات، ما تمكنوا من اغتصابها!! ولو لم تأت بفاحشة مشينة تستحق القتل، لما قتلها زوجها أو والدها! وهذه الذهنية هي التي اعانت على الظلم والطغيان والفساد في المجتمع، حين صمتوا، وصمت الإعلام والرأي العام الذي يخضع لسياسات حكومة الاخوان المسلمين من ادانة العنف على الناشطات، والمعارضات السياسيات، كما اخرست السنتهم، وصمت اذانهم عن صرخات المغتصبات في دارفور ومناطق الحروب 2003.. كما جبن علماء السلطان، ورجال الدين عن كلمة حق امام فساد الحكام، بل حتى عجزوا عن ادانة امام الجامع الذي اغتصب طالبة الثانوي، وادانته المحكمة، ثم عفا عنه الرئيس المخلوع وأسقط عنه العقوبة، وعاد يخطب في الناس عن الحلال والحرام ويصلي بهم الجمعة!!

ذلك الصمت الخؤون عن إقامة العدل والسعي من اجل المجتمع المتمدن، وعدم محاكمة ومحاسبة الجناة، جعل اليوم مليشيات الجنجويد، ومنتسبي اللجنة الأمنية، وكتائب الظل يتجاسرون في ظل حكومة البرهان والانقلابيين، على اغتصاب الشابات، واختطافهن، والتحرش بهن، وترويع اسرهن، وذل الرجال بهتك اعراض نسائهم، حتى في محيط القصر الرئاسي بالخرطوم.

علي التحقيق البون شاسع بين الفحولة والتمدن في عصرنا الحاضر، اذ الفيصل هو اخذ الحقوق بالقانون، لقد تيقنت الانسانية انه لا مجال للانتصارات باتخاذ سبل العنف البربري، كما قضية المرأة وحمايتها، لا تحتاج طريقة صراع (الفحول) حول الاناث! او لإشهار السيوف (واذُلّاه.. يا لتغلب).

ان مطلب المجتمع المتمدن والحكم المدني والسلام مطلب عزيز تراق من اجله في ثري الوطن كل صباح حزين دماء الشباب الطاهرة، لذلك موروث التسلط الذكوري العنيف  المستند على دفوعات الأعراف، والمجتمعات، والأديان، لن يصمد طويلا حين يتحقق في ظل حكومة الحكم المدني، لكل فرد حقوق المواطنة المتساوية، المسنودة بنظام عدلي ومؤسسات حقوقية، لا يضام فيه رجل او امرأة، بسبب العرق او الجنس او الديانة،  لقد دفعت الإنسانية غزير الدم والدموع في مسيرتها للمجتمع الانساني المتمدن، الراقي الذي يدفع بالوعي الجمعي ليخدم قضايا المجتمع نحو مزيد من الانسنة، والتخلص من جلافة العنف، وإرساء قيم الاخلاق الرفيعة.

ان المرأة بحكم كونها أكبر من استضعف على هذه الأرض، ووقع على كاهلها كل موروث التسلط أصبحت صاحبة قضية التغيير والسعي لكمال الحقوق..  وفي المقابل العقل الذكوري صاحب مصلحة في محاربة التغيير، الذي يسحب من تحت اقدامه المكتسبات الازلية والتمييز السلطوي، ونخلص الي ان الذكور موروثهم من العنف كثيف؛ لذلك النساء متقدمات انسانياً عليهم..

[email protected]

‫5 تعليقات

  1. الفحولة من الله انا شخصيا لست فحل ولا احتاج لفحولة.

    احتاج ان اجد قوت يومي وأمن في سربي وفقط.

  2. والله انا شدة ما فحل…بغير علي زميلاتي من القسم في العمل من اصدقائي وزملائي في العمل بس من قسم تاني. مع العلم انو انا عايش في دولة أوربية ولي زمن ما شفت السودان..بس لسه الحرارة..الرجولة..القلب الحاااار موجود فينا…وهذا ما يميز الرجل كا رجل…اما المدنية والحضارة والرقي لا تعني ان يتخلي الإنسان عن تركيبتة النفسية و الفيزيائية

  3. واضح ان هذه كانت رد فعل انفعالية بسبب تصرف صادم غير متوقع من شخص اخر.ومع ذلك اعتذر الرجل اعتذارا رقيقا مهذبا.واعتقد ان ذلك يكفي وزيادة .ولذلك فان الامر لا يستحق ابدا وليس من المنطق ربطه بآية سلوك ذكورى او فحولة . بل بالعكس ان تصرفه بالاعتذار هو قمة التمدن .
    بثينة تروي لها كتابات منطقية لكن في هذه المرة بدت غير ذلك وربطت بين الاحداث ربطا غير مقنع بالمرة وفيه إقحام امواضيع اخرى لا تمت للواقعة بصلة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..