محاولة لفهم مبسط لمسألة الجبر و الأختيار بموجب القرآن الكريم (3/3)

محاولة لفهم مبسط لمسألة الجبر و الأختيار بموجب القرآن الكريم (3/3)
فهمي المبسط لمسألة الجبر و الاختيار هو كالتالي : أؤمن بأن الانسان مخير في محيط يحدده له الله , اي أنه في أي موقف يمر به الانسان فالله يضع أمامه عدة خيارات يختار الانسان منها خيارا واحدا , تماما مثل الامتحان الذي يتطلب اختيار الاجابة الصحيحة من عدة أجابات Multiple Choices .
محيط خيارات كل أنسان يضيق و يوسع بموجب عوامل عدة . منها عوامل جبرية لاخيار له فيها تبدأ من لحظة مولده , فهو لايختار والديه , لايختار وطن والديه ولايختار الطبقة الاجماعية أو المالية التي ينتمي لها والديه , لايختار شكله أو لونه أو طوله ولا في أي عام سيولد . كل هذه العوامل ستشكل مدي ضيق أو سعة محيط خياراته في الحياة .فمن كان ميلاده لأبوين فقيرين في القرن التاسع عشر بقرية كاب الجداد تختلف خياراته ممن ولد في القرن الحادي و العشرين بمدينة سان فرانسسكو .
ربما يسأل سائل , هل من العدل اعطاء فلان خيارات كثيرة جدا و اعطاء علان خيارات اقل ؟ أقول بانه بقدر ماستعطي من خيارات بقدر ماستتم محاسبتك , يقول القرآن الكريم ” وتسألون يومئذ عن النعيم ” و تقول اﻵية 12:36 في انجيل لوقا:”من أُعطِي الكثير, سيُطلب منه الكثير “.
طالما أنت حر في الدائرة التي حددها لك الله فسيصبح السؤال الذي غرق فيه الفقهاء “هل الانسان يخلق فعله , أم أن الله يخلق فعل الانسان ؟” يصبح هذا السؤال عبثيا , لماذا؟ لأنني في أي موقف يتطلب الاختيار فأنا مقيد بأختيار أحد الخيارات التي حددها الله لي . مثلا: لنفترض أن لديك خالة تعيش في مدينة بعيدة عنك , وهي مريضة مرض لاشفاء منه , وبلغك أنها ترغب في رؤيتك قبل أن تموت . في رد فعلك لطلب خالتك هذا أنت لن تخرج أبدا عن الخيارات التي سيحددها لك الله . يمكنك أن تختار عدم الذهاب لرؤيتها ولو أخترت الذهاب لرؤيتها فلا يمكنك أن تطير كالطائر و تهبط في مدينتها لأن الله لم يخلق لك جناحين كالطائر . ولو كنت فقيرا فلايمكنك أن تسافر لها بسيارتك لانك لاتملك سيارة . لايمكنك أن تمتطي طائرة لمدينتها لأن ثمن تذكرة الطائرة فوق أمكانياتك المادية . خياراتك هي ركوب بص سفري او درجة ثالثة قطار. وعلي ذلك يمكن قياس كل أفعالنا .
يبقي السؤالأ: هل الله يجبرنا أحيانا علي فعل شيئ محدد, في زمن يختاره لنا بالضبط ؟ الاجابة نعم ولكن الله لن يجبرك أبدا علي ارتكاب خطيئة ثم يعاقبك علي ذلك لأن ذلك يتناقض مع صفة العدل والتي هي أسم من أسمائه الحسني . أحيانا يجد المرء أنه قد فعل شيئا ما دون أي تفكير أو قصد , ثم يكون لفعله هذا تداعيات كأنما كان فعله الذي لم يقصده مرتبا تماما ضمن سلسلة من الاعمال تجمعه وآخرون لتحقيق هدف محدد .
قرأت في كتاب اسمه “علامات ” مؤلفه رجل دين مسيحي تحدث فيه عن مثل هذه المواقف وحكي فيه قصة رجل وأبنته التي تم قبولها في جامعتين كل منهما في ولاية بعيدة عن مقر سكنهما . كان الأب والابنة محتارين في أي جامعة من الجامعتين تذهب الابنة ؟ تناقشا في ميزة و عيوب كل خيار ولم يصلا لشيئ وحان موعد العشاء . فطلبا بيتزا عن طريق الهاتف , بعد نصف ساعة طرق الباب حامل البيتزا , عند فتح الباب ذهلا عندما رأياه يلبس قميصا مكتوب فيه أسم أحد الجامعتين بوضوح شديد! ربما يقول قائل بأن تلك كانت صدفة , ولكن الأب و الابنة فهما غير ذلك , فهما قد فهما بأن تلك أشارة ربانية لهما تخبرهما بالخيار الصحيح.
لو فهمنا هذه الحادثة هذا الفهم الايماني فيمكننا القول بأن الله أجبر سائق سيارة البيتزا في ذلك اليوم ليلبس ذلك القميص المحدد , وشاءت المشيئة الالهية بأن يطلبا البيتزا من ذلك المحل الذي يعمل فيه دون المحلات الاخري , ثم شاءت المشيئة أن يكون هو السائق الذي سيحمل لهما طعامهم بدلا من ال 10-15 سائق الذين يعملون في المحل . بهذا الفهم فأن السائق كان مجبرا علي لبس ذلك القميص في تلك الليلة و استخدمه الله لتنفيذ مشيئة الهية محددة , ومايعلم جنود ربك الا هو , ولكن هذه الجبرية لم تكن في مناط تكليف يحاسب عليه .
يبقي السؤال الذي يغرق فيه الكثيرون وهو “علم الله الكلي و الذي بموجبه سيعلم الله ماهو الخيار الذي سنختاره – قبل ان نختاره – هل معني ذلك أن الله أجبرنا علي خيارنا؟” . أشكالية صعوبة الفهم هنا تنبع من أننا البشر مقيدين بالزمان في شكل ماضي و حاضر و مستقبل , ويعجز الكثيرون منا في تخيل أن خالق الزمن لايسري عليه قيد تسلسل الزمن (ماضي , حاصر و مستقبل). عندما يري أحدنا نفس الفيلم مرتين , في المرة الثانية سيعرف بالضبط ما ستفعله شخصيات الفيلم ,فهل علمه هذا هو الذي أجبر شخصيات الفيلم علي أفعالها؟
يجب فهم أن الله خالق المكان و الزمان لايحده المكان و الزمان , بمعني أنه سبحانه و تعالي لا يقيده أطار الزمن والابعاد الثلاثة التي تقيد الانسان و التي بموجبها لايستطيع الانسان تخيل أي شيئ يقع خارج نطاق المكان بأبعاده الثلاثة و الزمن بماضيه و حاضره و مستقبله.
من الآيات القرآنية التي ساعدتي في الوصول لفهمي الذي وضحته أعلاه ألآية الكريمة: (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُور) وبالذات هذا الجزء من الآية ( وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) .فالله لايرضي الكفر الذي هو ظلم عظيم ولكن يسمح بوجوده كخيار لنا و هو لايرضي لنا الشرور التي يركتبها الانسان ولكنه يسمح بوجود هذه الشرور , وذلك لأن الشيئ يعرف أكثر بمعرفة نقيضه . فلولا شناعة الظلم لما عرفنا سماحة العدل وعلي ذلك يمكن القياس .
ايضا هنالك أيآت قرانية تعطي المؤمن خيارات ليختار منها مايلائمه في أموره الاجتماعية أو الدينية كقوله تعالي: ” الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ” , والاية: ” فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ” و لو كان الامر جبريا لما كان هنالك أكثر من خيار واحد.ايضا .
بدأت هذا البحث وأنا أميل أكثر لرأي المعتزلة في حرية الانسان وأنهيته و أنا أكثر اقتناعا بأن المسالة أكثر تعقيدا مما كنت أظن. و أن هنالك ثنائية يتداخل فيها الجبر و الاختيار بطريقة نفهم جزء منها ولانفهم الجزء الآخر. وهنا تخطر بذهني الثنائية التي مازالت تحير علماء الفيزياء في محاولاتهم الفاشلة في المائة عام الأخيرة للوصول لقانون فيزيائي موحد يجمع بين دقة قوانين نيوتن و انشتاين لفهم حركة الاجسام الكبيرة و بين قوانين ميكانيكا الكم التي تشرح فيزياء جسيمات الذرة و لكنها تخالف قوانين انشتاين و نيوتن .
اذن فما يهمنا في كل ذلك هو ان قوله تعالي “وهديناه النجدين ” و قوله “أما شاكرا واما كفورا” يدل علي وجود خيارات نختارها في هذه الدنيا تتم بموجبها المحاسبة يوم القيامة . فلنسعي لنلقي الله بقلب سليم و نحن متيقنين تماما بأنه سبحانه و تعالي أرحم الراحمين “وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا” و ” وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ”
حسين عبدالجليل
[email][email protected][/email]
بسيطة لتفهم يجب عليك تغير النظرة للانسان والخالق (تاليه الانسان وانسنة الخالق)اى بمعنى ان الانسان ليس هو محور الكون الذى يشغل الخالق جل وعلا (نعم الخالق خلق الكون والنواميس التى تدير هذا الكون ولم يظلم احد او يحابى احد والبتالى تجد التوافق التام بين المشيئة الالهية والعدل الالهى )
بسيطة لتفهم يجب عليك تغير النظرة للانسان والخالق (تاليه الانسان وانسنة الخالق)اى بمعنى ان الانسان ليس هو محور الكون الذى يشغل الخالق جل وعلا (نعم الخالق خلق الكون والنواميس التى تدير هذا الكون ولم يظلم احد او يحابى احد والبتالى تجد التوافق التام بين المشيئة الالهية والعدل الالهى )
استاذ حسين شكرا على تبسيط المسألة. ولكنها أبسط من ذلك فهما خياران لا ثالث لهما (انا هديناه النجدين) و(شاكرا أو كفورا) وهذا في مجال المحاسبة ولذلك أرسل الرسالات وأنزل الدين أما في مجال الفعل فإنهتحكمه مشيئة الفاعل والله تعالى قد أعطى هذه المشيئة لجنس الحيوان (الكائن الحي عموما) ولكنها مشيئة محدودة بفطرته فالحيوان يتحرك بفطرته ويبحث عن الظعام ويلتهمه ويهرب من الذي يريد التهامه من الكائنات الأخرى الحية منها والجماد (الطبيعة) لإدراكه للخطر واحساسه بالجوع أو الشهوة ولاخيار له في التحرك بإرادته لوحده نحو ذلك أو الهروب اشباعا لغريزة الجوع أو الخوف دون تدخل من أحد غيره وكذلك الانسان وفي جميع الأحوال فإن مشيئة الحيوان في التحرك لإشباع غريزته للشبع والنجاة والانتقام محدودة بمقدرته الخلقية فلا يستطيع تحقيقها مالم تكن لديه القدرة المادية لذلك والانسان سواء في هذا مع الحيوانات الأخرى فهو ليس مسلوب الارادة في التصرف ولكن ارادته محدودة بقدرته الذاتية أي المحدودة بطبيعته ومحدودية القدرة لا تعني انعدام المشيئة والارادة عند الحيوان والانسان وليست سلبا لها فالارادة موجودة لدى كل كائن حي. وهذه الارادة الكامنة في كل حي ليست مناطا للحساب ولا للارادة مع القدرة فقط ولكن الحساب على استخدام هذه القدرة فعلا وهنا يختلف الانسان عن الحيوان فالحيوان تركه الخالق هكذا يفعل ما يقدر عليه أما الانسان وبما ميزه به الخالق بأن أعطاه عقلا أكبر من عقل الحيوان يدرك به مازاد عن المحسوسات وهي قدرة يستطيع بها اما تعمير الارض التي خلق فيها مع بقية الحيوانات أو تدميرها على نفسه وعليها فقد أخلفه فيها وكلفه باعمارها دون تدميرها وهداه الى ذلك بالدين لمعرفة خالقه وخالق الأرض التي هو عليها وخالق الكون كله وأنه اليه المصير باستعادة خلقه هذا في نهاية المطاف وحتى دلك الحين كلفه باعمارها وامره بعدم الافساد فيها واعلمه بالثواب والعقاب على طاعته وعصيانه في ذلك ولتحقيق العدل في ذلك كله فقد بين له وهداه في هذا الدين النجدين ببيان الأوامر والنواهي وتركه حرا في اختيار الطاعة أو العصيان ولم يقيد حريته في هذا الاختيار الا بقدرته على الفعل لأن القدرة الكلية لله وليست لمخلوق كان ولا يعقل ان تكون هذه القدرة المطلقة لغير الخالق فلزم ان تكون قدرة الانسان مقيدة في مجال قدرة الخالق في التصرف. في كونه ومخلوقاته وعليه فلا يسأل الانسان الا فيما تمكن من فعله ولا يحاسب اللهعلى النوايا وما حاك في نفس الانسان دون أن يظهره بفعل واكثر من ذلك فانه يستر من استتر.
وعليه فأنا معتزلي ولا اقبل بدغمسة الأشاعرة في عدم القول بعدم خلق الانسان لفعله المختار فيه لأن القول بذلك تهرب من المنطق السديد فإما القول بنسبة الفعل للانسان أو نفيه عنه ومن ثم هدم القول بمسئوليته في هذا الحال واثارة الشك في عدل الله وظلمه للعباد تعالى عن ذلك وأبان في محكم التنزيل كما أشرت أنت.
استاذ حسين شكرا على تبسيط المسألة. ولكنها أبسط من ذلك فهما خياران لا ثالث لهما (انا هديناه النجدين) و(شاكرا أو كفورا) وهذا في مجال المحاسبة ولذلك أرسل الرسالات وأنزل الدين أما في مجال الفعل فتحكمه مشيئة الفاعل والله تعالى قد أعطى هذه المشيئة لجنس الحيوان (الكائن الحي عموما) ولكنها مشيئة محدودة بفطرته فالحيوان يتحرك بفطرته ويبحث عن الطعام ويلتهمه ويهرب من الذي يريد التهامه من الكائنات الأخرى الحية منها والجماد (الطبيعة) لإدراكه للخطر واحساسه بالجوع أو الشهوة أو الانتقام (ادراك محدود) فهو يتحرك بإرادته لوحده نحو المصدر أو الهروب منه اشباعا لغريزة الجوع أو الخوف دون تدخل من أحد غيره وكذلك الانسان وفي جميع الأحوال فإن مشيئة الحيوان في التحرك لإشباع غريزته للشبع والنجاة والانتقام محدودة بمقدرته الخلقية فلا يستطيع تحقيقها مالم تكن لديه القدرة المادية لذلك والانسان سواء في هذا مع الحيوانات الأخرى فهو ليس مسلوب الارادة في التصرف ولكن ارادته محدودة بقدرته الذاتية أي المحدودة بطبيعته ومحدودية القدرة لا تعني انعدام المشيئة والارادة عند الحيوان والانسان وليست سلبا لها فالارادة موجودة لدى كل كائن حي (كالأسد في الشرك دوماً يريد النجاة ولكنه لا يقدر على ذلك). وهذه الارادة الكامنة في كل حي ليست مناطا للحساب ولا حتى للارادة مع القدرة فقط ولكن الحساب على استخدام هذه القدرة فعلا وهنا يختلف الانسان عن الحيوان فالحيوان تركه الخالق هكذا يفعل ما يقدر عليه أما الانسان وبما ميزه به الخالق بأن أعطاه عقلا أكبر من عقل الحيوان يدرك به مازاد عن المحسوسات وهي قدرة يستطيع بها اما تعمير الارض التي خلق فيها مع بقية الحيوانات أو تدميرها على نفسه وعليها فقد أخلفه الله فيها وكلفه باعمارها دون تدميرها وهداه الى ذلك بالدين لمعرفة خالقه وخالق الأرض التي هو عليها وخالق الكون كله وأنه اليه المصير باستعادة خلقه هذا في نهاية المطاف وحتى دلك الحين كلفه باعمارها وامره بعدم الافساد فيها واعلمه بالثواب والعقاب على طاعته وعصيانه في ذلك ولتحقيق العدل في ذلك كله فقد بين له وهداه في هذا الدين النجدين ببيان الأوامر والنواهي وتركه حرا في اختيار الطاعة أو العصيان ولم يقيد حريته في هذا الاختيار الا بقدرته على الفعل كسائر الحيوانات لأن القدرة الكلية لله وليست لمخلوق كان ولا يعقل ان تكون هذه القدرة المطلقة لغير الخالق فلزم ان تكون قدرة الانسان مقيدة في مجال التصرف الإلهي في كونه ومخلوقاته وعليه فلا يُسأل الانسان الا فيما تمكن من فعله ولا يحاسب الله على النوايا وما حاك في نفس الانسان دون أن يظهر ذلك بفعله واكثر من ذلك فانه يستر من استتر. وعليه فأنا معتزلي ولا اقبل بدغمسة الأشاعرة في عدم القول بعدم خلق الانسان لفعله المختار فيه لأن القول بذلك تهرب من المنطق السديد فإما القول بنسبة الفعل للانسان أو نفيه عنه ومن ثم هدم القول بمسئوليته في هذا الحال واثارة الشك في عدل الله وظلمه للعباد تعالى عن ذلك وأبان في محكم التنزيل كما أشرت أنت، وإما إثبات فعل الانسان له في ماهو مخير فيه ومن ثم إثبات عدل الخالق بشأن عقابه وثوابه.
أؤمن بأن الانسان مخير في محيط يحدده له الله
يعني نرعي بقيدنا، وما دام نرعي بقيدنا فلن نعلف إلا ما يبلغه قيدنا، أما إذا سؤلنا لماذا نعلف الخبيث والضار فالإجابة هي (ذلك ما بلغه قيدنا) يبقى: يا تفكونا نرعي على كيفنا بعدين تحاسبونا أو نرعى على كيفكم لكن ما في حساب
ومخير الله
(وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) .. الآية دي حسمت الأمر ، ليس للإنسان إرادة مستقلة أو حرية إختيار في كل جزئية من حياته ـ هو مُسيَّر في كل ما يفعله و ما لا يفعله ـ الإرادة والإختيار للمُريد الواحد المختار ـ لله وحده ـ الصوفية بقولوا مجرد أن تزعم أن لك إرادة مُستقلة عن الله ـ فهذا شرك بالله ـ وكثير من الناس لا يعرفون معنى الأمانة التى عرضها الله سبحانه وتعالى على السماوات والأرض فأبينَ أن يحملنها وأشفقنَ منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا ـ هذه الأمانة هي الإرادة ، التي نتوهم أننا نملكها !! والقرءان يجارينا بآياته وحُسن بيانه ، لينقلنا من هذا الوهم الذي نزعمه لأنفسنا ـ وهم الإرادة المُستقلة ـ يجاري وهمنا على مكث و تؤدة ـ لنسلم هذه الإرادة إلى أصلها ـ إلى الله المريد الواحد !! وهناك كثير من الآيات تفصل في حقيقة هذا الأمر ، و توضح أن الإنسان مُسيَّر تسييرا لافكاك منه .
الانسان ما شاوروه في ان يأتي الى الوجود اساسا، حيكون حر كيف؟ جابوه بالغصب، وحيطلعوه بالغصب. والوجود بشكله الراهن، بكل لاعقلانيته برضو مفروض على الانسان.الانسان مسير تحت وطأة احتياجاته المخلوق بيها، واذا حاول يتهرب منها سيواجه الالم والعذاب. وبعد ده كله مافي اي انسان، سواء مؤمن او ملحد، ان يجزم بالتأكيد، ما سيحدث للانسان بعد موته. الانسان محكوم عليه بان يواجه طوال حياته، طلاسم الوجود، الغير مفهوم.
الرد على سوداني حول المشيئة والصوفية
الثصوف أو الصوفية هي محاولات تسامي فوق الشريعة باعتبار الشريعة بمثابة القانون الذي يوضع لضبط سلوكيات الناس وخاصة ما شذ منها عن الحد الأدنى من المستوى الأخلاقي المطلوب شرعا لقيام المجتمع الفاضل وهذا الاتجاه للتسامي بدأ أصلاً في مجال العبادات والتعبد أي في مجال العلاقة بين العبد وربه وهو في الأساس اجتهاد فردي أو فرداني من العبد بالسعي والسير نحو خالقه والتقرب إليه ليكون بمعيته المجازية بحيث يستحوذ الحضور الرباني على كل أحواله فلا ينطق إلا ذكرا ولا يصدر من التصرف والسلوك إلا ما يرضي ربه وفي ذلك فإن المتصوف وهو مستغرق في أحوال المعية يكون قد ارتفع وانقطع عن مستوى المسلم العادي الذي هو لازال في مستوى الضبط الشرعي، والصوفي لا يصل أو لا يبدأ هذا المسير إلا بمجاهدة النفس ومغالبة شهواتها وذلك بمحاسبة نفسه بنفسه أمام ربه وكأنه يراه ويستنفذ هذا الجانب لدرجة تجاوز الحاجيات الطبيعية للنفس والجسد من أكل وشراب ويود لو استطاع نسيانها وذلك ليقينه التام بأن الذي خلقه يسترده بل هو في أشد الشوق للقائه بأي كيفية وأعجلها ولذلك فالصوفي يسلم إرادته وكافة خياراتها المتاحة للانسان العادي وتنازل عنها أو تناساها لما عرف مسبب الأسباب بل فر من نفسه وانسلخ عنها ولجأ إلى قرب ربه ومعيته.
ولو كان كل مسلم عادي مطلوب منه هذا المستوى من التعبد فما حاجة المجتمع للشريعة بل وكيف الانسان خليفة الله في الأرض بتعميرها واسعاد عباده عليها، وعليه فإن التصوف هو حالة استثنائية لمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى أي زجرها وأنكر مشيئتها وتركها وفر على ربه.
استاذ حسين شكرا على تبسيط المسألة. ولكنها أبسط من ذلك فهما خياران لا ثالث لهما (انا هديناه النجدين) و(شاكرا أو كفورا) وهذا في مجال المحاسبة ولذلك أرسل الرسالات وأنزل الدين أما في مجال الفعل فإنهتحكمه مشيئة الفاعل والله تعالى قد أعطى هذه المشيئة لجنس الحيوان (الكائن الحي عموما) ولكنها مشيئة محدودة بفطرته فالحيوان يتحرك بفطرته ويبحث عن الظعام ويلتهمه ويهرب من الذي يريد التهامه من الكائنات الأخرى الحية منها والجماد (الطبيعة) لإدراكه للخطر واحساسه بالجوع أو الشهوة ولاخيار له في التحرك بإرادته لوحده نحو ذلك أو الهروب اشباعا لغريزة الجوع أو الخوف دون تدخل من أحد غيره وكذلك الانسان وفي جميع الأحوال فإن مشيئة الحيوان في التحرك لإشباع غريزته للشبع والنجاة والانتقام محدودة بمقدرته الخلقية فلا يستطيع تحقيقها مالم تكن لديه القدرة المادية لذلك والانسان سواء في هذا مع الحيوانات الأخرى فهو ليس مسلوب الارادة في التصرف ولكن ارادته محدودة بقدرته الذاتية أي المحدودة بطبيعته ومحدودية القدرة لا تعني انعدام المشيئة والارادة عند الحيوان والانسان وليست سلبا لها فالارادة موجودة لدى كل كائن حي. وهذه الارادة الكامنة في كل حي ليست مناطا للحساب ولا للارادة مع القدرة فقط ولكن الحساب على استخدام هذه القدرة فعلا وهنا يختلف الانسان عن الحيوان فالحيوان تركه الخالق هكذا يفعل ما يقدر عليه أما الانسان وبما ميزه به الخالق بأن أعطاه عقلا أكبر من عقل الحيوان يدرك به مازاد عن المحسوسات وهي قدرة يستطيع بها اما تعمير الارض التي خلق فيها مع بقية الحيوانات أو تدميرها على نفسه وعليها فقد أخلفه فيها وكلفه باعمارها دون تدميرها وهداه الى ذلك بالدين لمعرفة خالقه وخالق الأرض التي هو عليها وخالق الكون كله وأنه اليه المصير باستعادة خلقه هذا في نهاية المطاف وحتى دلك الحين كلفه باعمارها وامره بعدم الافساد فيها واعلمه بالثواب والعقاب على طاعته وعصيانه في ذلك ولتحقيق العدل في ذلك كله فقد بين له وهداه في هذا الدين النجدين ببيان الأوامر والنواهي وتركه حرا في اختيار الطاعة أو العصيان ولم يقيد حريته في هذا الاختيار الا بقدرته على الفعل لأن القدرة الكلية لله وليست لمخلوق كان ولا يعقل ان تكون هذه القدرة المطلقة لغير الخالق فلزم ان تكون قدرة الانسان مقيدة في مجال قدرة الخالق في التصرف. في كونه ومخلوقاته وعليه فلا يسأل الانسان الا فيما تمكن من فعله ولا يحاسب اللهعلى النوايا وما حاك في نفس الانسان دون أن يظهره بفعل واكثر من ذلك فانه يستر من استتر.
وعليه فأنا معتزلي ولا اقبل بدغمسة الأشاعرة في عدم القول بعدم خلق الانسان لفعله المختار فيه لأن القول بذلك تهرب من المنطق السديد فإما القول بنسبة الفعل للانسان أو نفيه عنه ومن ثم هدم القول بمسئوليته في هذا الحال واثارة الشك في عدل الله وظلمه للعباد تعالى عن ذلك وأبان في محكم التنزيل كما أشرت أنت.
استاذ حسين شكرا على تبسيط المسألة. ولكنها أبسط من ذلك فهما خياران لا ثالث لهما (انا هديناه النجدين) و(شاكرا أو كفورا) وهذا في مجال المحاسبة ولذلك أرسل الرسالات وأنزل الدين أما في مجال الفعل فتحكمه مشيئة الفاعل والله تعالى قد أعطى هذه المشيئة لجنس الحيوان (الكائن الحي عموما) ولكنها مشيئة محدودة بفطرته فالحيوان يتحرك بفطرته ويبحث عن الطعام ويلتهمه ويهرب من الذي يريد التهامه من الكائنات الأخرى الحية منها والجماد (الطبيعة) لإدراكه للخطر واحساسه بالجوع أو الشهوة أو الانتقام (ادراك محدود) فهو يتحرك بإرادته لوحده نحو المصدر أو الهروب منه اشباعا لغريزة الجوع أو الخوف دون تدخل من أحد غيره وكذلك الانسان وفي جميع الأحوال فإن مشيئة الحيوان في التحرك لإشباع غريزته للشبع والنجاة والانتقام محدودة بمقدرته الخلقية فلا يستطيع تحقيقها مالم تكن لديه القدرة المادية لذلك والانسان سواء في هذا مع الحيوانات الأخرى فهو ليس مسلوب الارادة في التصرف ولكن ارادته محدودة بقدرته الذاتية أي المحدودة بطبيعته ومحدودية القدرة لا تعني انعدام المشيئة والارادة عند الحيوان والانسان وليست سلبا لها فالارادة موجودة لدى كل كائن حي (كالأسد في الشرك دوماً يريد النجاة ولكنه لا يقدر على ذلك). وهذه الارادة الكامنة في كل حي ليست مناطا للحساب ولا حتى للارادة مع القدرة فقط ولكن الحساب على استخدام هذه القدرة فعلا وهنا يختلف الانسان عن الحيوان فالحيوان تركه الخالق هكذا يفعل ما يقدر عليه أما الانسان وبما ميزه به الخالق بأن أعطاه عقلا أكبر من عقل الحيوان يدرك به مازاد عن المحسوسات وهي قدرة يستطيع بها اما تعمير الارض التي خلق فيها مع بقية الحيوانات أو تدميرها على نفسه وعليها فقد أخلفه الله فيها وكلفه باعمارها دون تدميرها وهداه الى ذلك بالدين لمعرفة خالقه وخالق الأرض التي هو عليها وخالق الكون كله وأنه اليه المصير باستعادة خلقه هذا في نهاية المطاف وحتى دلك الحين كلفه باعمارها وامره بعدم الافساد فيها واعلمه بالثواب والعقاب على طاعته وعصيانه في ذلك ولتحقيق العدل في ذلك كله فقد بين له وهداه في هذا الدين النجدين ببيان الأوامر والنواهي وتركه حرا في اختيار الطاعة أو العصيان ولم يقيد حريته في هذا الاختيار الا بقدرته على الفعل كسائر الحيوانات لأن القدرة الكلية لله وليست لمخلوق كان ولا يعقل ان تكون هذه القدرة المطلقة لغير الخالق فلزم ان تكون قدرة الانسان مقيدة في مجال التصرف الإلهي في كونه ومخلوقاته وعليه فلا يُسأل الانسان الا فيما تمكن من فعله ولا يحاسب الله على النوايا وما حاك في نفس الانسان دون أن يظهر ذلك بفعله واكثر من ذلك فانه يستر من استتر. وعليه فأنا معتزلي ولا اقبل بدغمسة الأشاعرة في عدم القول بعدم خلق الانسان لفعله المختار فيه لأن القول بذلك تهرب من المنطق السديد فإما القول بنسبة الفعل للانسان أو نفيه عنه ومن ثم هدم القول بمسئوليته في هذا الحال واثارة الشك في عدل الله وظلمه للعباد تعالى عن ذلك وأبان في محكم التنزيل كما أشرت أنت، وإما إثبات فعل الانسان له في ماهو مخير فيه ومن ثم إثبات عدل الخالق بشأن عقابه وثوابه.
أؤمن بأن الانسان مخير في محيط يحدده له الله
يعني نرعي بقيدنا، وما دام نرعي بقيدنا فلن نعلف إلا ما يبلغه قيدنا، أما إذا سؤلنا لماذا نعلف الخبيث والضار فالإجابة هي (ذلك ما بلغه قيدنا) يبقى: يا تفكونا نرعي على كيفنا بعدين تحاسبونا أو نرعى على كيفكم لكن ما في حساب
ومخير الله
(وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) .. الآية دي حسمت الأمر ، ليس للإنسان إرادة مستقلة أو حرية إختيار في كل جزئية من حياته ـ هو مُسيَّر في كل ما يفعله و ما لا يفعله ـ الإرادة والإختيار للمُريد الواحد المختار ـ لله وحده ـ الصوفية بقولوا مجرد أن تزعم أن لك إرادة مُستقلة عن الله ـ فهذا شرك بالله ـ وكثير من الناس لا يعرفون معنى الأمانة التى عرضها الله سبحانه وتعالى على السماوات والأرض فأبينَ أن يحملنها وأشفقنَ منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا ـ هذه الأمانة هي الإرادة ، التي نتوهم أننا نملكها !! والقرءان يجارينا بآياته وحُسن بيانه ، لينقلنا من هذا الوهم الذي نزعمه لأنفسنا ـ وهم الإرادة المُستقلة ـ يجاري وهمنا على مكث و تؤدة ـ لنسلم هذه الإرادة إلى أصلها ـ إلى الله المريد الواحد !! وهناك كثير من الآيات تفصل في حقيقة هذا الأمر ، و توضح أن الإنسان مُسيَّر تسييرا لافكاك منه .
الانسان ما شاوروه في ان يأتي الى الوجود اساسا، حيكون حر كيف؟ جابوه بالغصب، وحيطلعوه بالغصب. والوجود بشكله الراهن، بكل لاعقلانيته برضو مفروض على الانسان.الانسان مسير تحت وطأة احتياجاته المخلوق بيها، واذا حاول يتهرب منها سيواجه الالم والعذاب. وبعد ده كله مافي اي انسان، سواء مؤمن او ملحد، ان يجزم بالتأكيد، ما سيحدث للانسان بعد موته. الانسان محكوم عليه بان يواجه طوال حياته، طلاسم الوجود، الغير مفهوم.
الرد على سوداني حول المشيئة والصوفية
الثصوف أو الصوفية هي محاولات تسامي فوق الشريعة باعتبار الشريعة بمثابة القانون الذي يوضع لضبط سلوكيات الناس وخاصة ما شذ منها عن الحد الأدنى من المستوى الأخلاقي المطلوب شرعا لقيام المجتمع الفاضل وهذا الاتجاه للتسامي بدأ أصلاً في مجال العبادات والتعبد أي في مجال العلاقة بين العبد وربه وهو في الأساس اجتهاد فردي أو فرداني من العبد بالسعي والسير نحو خالقه والتقرب إليه ليكون بمعيته المجازية بحيث يستحوذ الحضور الرباني على كل أحواله فلا ينطق إلا ذكرا ولا يصدر من التصرف والسلوك إلا ما يرضي ربه وفي ذلك فإن المتصوف وهو مستغرق في أحوال المعية يكون قد ارتفع وانقطع عن مستوى المسلم العادي الذي هو لازال في مستوى الضبط الشرعي، والصوفي لا يصل أو لا يبدأ هذا المسير إلا بمجاهدة النفس ومغالبة شهواتها وذلك بمحاسبة نفسه بنفسه أمام ربه وكأنه يراه ويستنفذ هذا الجانب لدرجة تجاوز الحاجيات الطبيعية للنفس والجسد من أكل وشراب ويود لو استطاع نسيانها وذلك ليقينه التام بأن الذي خلقه يسترده بل هو في أشد الشوق للقائه بأي كيفية وأعجلها ولذلك فالصوفي يسلم إرادته وكافة خياراتها المتاحة للانسان العادي وتنازل عنها أو تناساها لما عرف مسبب الأسباب بل فر من نفسه وانسلخ عنها ولجأ إلى قرب ربه ومعيته.
ولو كان كل مسلم عادي مطلوب منه هذا المستوى من التعبد فما حاجة المجتمع للشريعة بل وكيف الانسان خليفة الله في الأرض بتعميرها واسعاد عباده عليها، وعليه فإن التصوف هو حالة استثنائية لمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى أي زجرها وأنكر مشيئتها وتركها وفر على ربه.