فقراء التأمين الصحي

ان كان الصندوق القومي للتامين الصحي اراد فعلا ان يحتفي بعمر الفكرة وبسنواتها التي انقضت علي مدي عشرين عاما منذ صرختها الاولي فمن حقه ان يحتفي ايما احتفاء ولكن لن يكون هذا الاحتفاء مبررا اذا نظر ولاة امره في نتائج وخلاصات هذه العشرين عاما والتامين الصحي يعافر مسيرته برهق وفتور حيث لازالت هناك 60% من الكتلة السكانية الفقيرة خارج مظلته تماما طبقا لاعترافات المدير القطري للتامين الصحي الدكتور طلال الفاضل .
كنا نتوقع ان ياتي اصحاب وولاة امر التامين الصحي وهم يحملون كتابهم بيمينهم يتحدثون بكل فخر وزهو بما هو جدير بالاحترام والاحتفاء من انجازات ومكاسب لسنوات عشرين انقطعت مسافاتها من عمر التجربة لطالما حلم بها المواطن السوداني وينتظر حصادها .. مكاسب تحدثنا عن حقيقة ان كل فقراء السودان اصبحوا تحت المظلة التامينية وان الصندوق يرعي ويشرف علي مشروعات صحية وطبية عملاقة تخفف عن كل مريض عناء ورهق البحث عن مشافي في الداخل او الخارج وكنا كذلك نعشم في ان تتحق في بلادنا منظومة علاجية عبر بوابة التامين الصحي تحقق الكفاية والجودة من الادوية دون ان يتسرب اليها او منها كل ما هو فاسد ومفسد .
وان لم يكن منطق الاحتفاء مرتكز علي ان مشروع التامين الصحي قد اكمل كل حلقاته ونواقصه لبناء مشروع قومي متكامل في مجال الخدمات الطبية والعلاجية فلا نري هناك ما يدعو لكل هذا التداعي والاحتفاء ولسنا هنا في مقام الانتقاص او الاتهام غير المؤسس لمشروع التامين الصحي خصوصا في جانب النظرية والفكرية ولكن تبقي دوما ان مسالب الفكرة وثغراتها يكمن في ان ادارة المشروع ربما عجزت او تقاصرت قامتها في تلبية كل معايير ومطلوبات اي مشروع طبي متكامل للتامين الصحي , ولو ان الذين يقفون الان علي قمة الهرم الاداري لهذا المشروع افلحوا في ممارسة فضيلة جلد الذات بكل صدق وشفافية لما حدثتهم ذواتهم باي فكرة يحتفلون عبرها بمشروعهم هذا ذلك لان المعطيات تشير الي ان التامين الصحي لازال ينتظره الكثير من الاجراءات والتحولات .
هذا ربما يعني ان الصورة الحقيقة لمشروع التامين الصحي بكل جوانبها غير متاحة للجميع وقد يبدو غريبا ونحن نري ان بلادنا تشهد الان هجرة داخلية كثيفة من ريفه الي حضره وبالاخص الي الخرطوم بحثا عن علاجات لان امراض الفقر هناك تمددت كثيرا بالولايات والقري والفرقان واضحي المرضي الان يطوقون مشافي الخرطوم ومراكزها الصحية (الخاصة) بحثا عن العلاج في وقت تتراجع فيه الخدمات العلاجية بالمستشفيات العامة اما التامين الصحي فهو الاخر يعاني في بنياته التحتية نقصا في مواعينه وكوادره وعلاجاته وحتي فكرته تحتاج الي ارادة وقوة دفع جديدة لاقناع كل من تراخي من الدخول تحت هذه المظلة .
ولهذا ان كان مشروع التامين الصحي (القومي) مقنعا وجازبا وذا جدوي اوفائدة حقيقية لكل مواطن لما احتاج الي قانون (ملزم) يصادق عليه البرلمان لاشراك الجميع بقوة وسلطة القانون ولكن رغم ذلك لازالت التغطية لا تتعدي رقعة (ال40%) من المواطنين ,اما السيدة وزيرة الرعاية والضمان الاجتماعي مشاعر الدولب فقد بشرت السودانيين بان الموازنة الجديدة تحمل في بنودها البشريات بدخول 400 الف اسرة فقيرة في المظلة التامينية ولكننا نعشم في ان تحدثنا سعادة الوزيرة لاحقا عن مشروع التامين الصحي من حيث نوع الخدمة وتطورها ومستوياتها وجودتها حتي ندخل نحن المواطنين جميعا (طوعا) تحت هذه المظلة بلا قانون وبلا الزام .
كباتن بحر ابيض ..!
ما الذي يجري في بحر ابيض ؟ هل ارتدت الولاية الي مربعها الاول ؟ ام ان الدكتور كاشا لازال في مرحلة قراءة الملعب جيدا حتي يبدأ انفاذ برنامجه الاصلاحي ؟ شواهد ومعطيات عديدة تشير الي ان جماهير بحر ابيض ينتظرون بشقف نفرة الرجل خصوصا انه كان قد اعلن في ايامه الاولي ملامح خطته (الميدانية) لاصلاح واقع الولاية وترميم كافة اعطابها وازالة مطباتها .المجالس هناك تتحدث جهرا وسرا بان بقايا الوالي السابق وحلفائه يحاولون اجهاض حكومة كاشا ويضعون امامها العراقيل والاشواك في سكته فالذين اخرجوا من الطاقم الحكومي او بالاحري (كباتن بحر ابيض) يبدو انهم يعيشون الان مرحلة نزع الروح اذا جازت العبارة .
“لسان” وناطق ..!
بشكل دراماتيكي ظل الاستاذ كمال عمر المحامي الناشط بقوة في آلية (7+7) يطلق تصريحاته من منصة الانتماء المذدوج لجناحي الحركة الاسلامية بشقيها الوطني والشعبي اذا جازت فرضية ان الوجهين لحركة واحدة او مشروع واحد .
ولان كمال عمر ربما هو القيادي الابرز في منظومة رجال حول الشيخ وبالتالي فهو الاوفر حظا في ان يكون متحدثا عن مواقف وقناعات وافكار حزبه وربما كذلك مجموعة احزاب حوار قاعة الصداقة وفي ذلك ربما يعتقد الرجل انه صاحب القول الفصل في هذه المنظومة وفي كثير من الاحيان يعتلي كمال عمر منابر “الوطني” متغزلا في مواقفه وسياساته وافكاره ليس انتقاصا من الرجل في حقه من التعبير باشيائه وقناعاته ولكن بالضرورة ربما تنتقص هذه الظاهرة من حق الاخرين خصوصا حينما يتهم كمال عمر ربع الاحزاب السودانية بانها رجعية او متخلفة لا تفكر في غير السلطة وتبريرات الاتهام ذاته وحيثياته يبدو انها تنطلق من قاعدة معايشة الرجل وتواصله المستمر مع اكثر من مائة حزب في حضور يومي علي مدي حوالي ثلاثة اشهر من “الردحي” تحت سقف قاعة الصداقة طرحت فيها كل مكونات الازمة السودانية بتبايناتها واحتقاناتها .
غير ان المثير للغرابة والدهشة في ما قاله الاستاذ كمال عمر الايام الفائتة ان حق الاحزاب السودانية ان حديثه اعطي مؤشرات خطيرة وجديرة بالتامل وكانه يريد ان يبعث برسالة بان السلطة هي دائما هي محور كل خلافاتوان لجنة الحكم من بين اللجان الست للحوار هي التي تشكل عصب الحوار وبالتالي تستاثر بكل اهتمامات المتحلقين خلف مائدة الحوار ولهذا فات اعتقادات كمال عمر حاولت رسم حقيقة المشهد السياسي بين المتحاورين وهم يتسابقون ناحية كراسي السلطة اما القضايا التي تتحدث عنها اللجان الخمسة الاخري فهي جرد مشهيات او معينات لاضفاء المشروعية علي ما يتسابقون من اجله هكذا يتجلي المشهد بان احزابنا ناقصة عقل وفكر ورشد تهرول نحو تجاه السلطة بلا رؤية وبلا ارادة رغم ان الحوار اقترب من خواتيمه . ولكن اخطر ما قاله الاستاذ كمال حينما برأ الانقاذ من مسوؤلية فصل الجنوب وهذه البراءة التي تطوع بها الاخ كمال ربما لا تتسق مع مواقف سابقة للمؤتمر الشعبي بشان قضية الانفصال ومسوؤلية الحكومة فيها .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..