مقالات وآراء سياسية

اتفاق الميناء البحري .. إثيوبيا تقترب من النفاذ إلى سواحل الصومال

أبوبكر عبدالله

 

تدخل العلاقات بين إثيوبيا والصومال مرحلة جديدة بعد توصلهما إلى اتفاق يمنح أديس أبابا فرصة تشغيل ميناء على الأراضي الصومالية، في خطوة تحمل دلالات جيوسياسية مهمة في القرن الأفريقي. الاتفاق، الذي جاء عقب مصالحة برعاية تركية، يعيد ترتيب أولويات إثيوبيا في سعيها للوصول إلى البحر، حيث تراجعت عن خططها لإنشاء ميناء في إقليم أرض الصومال لصالح ترتيبات تُقر بسيادة الحكومة الصومالية.

 

أبعاد استراتيجية وتحولات إقليمية

يرتبط هذا التطور بمحددات سياسية وأمنية معقدة، إذ يسعى الصومال لتعزيز سلطته المركزية، بينما تبحث إثيوبيا عن خيارات بديلة للوصول إلى البحر بعد عقود من الاعتماد على موانئ جيبوتي. ووفقًا لوزير الخارجية الصومالي، من المتوقع أن يتم تحديد الإطار القانوني للاتفاق بحلول يونيو/حزيران المقبل، مما يفتح الباب أمام مفاوضات جديدة حول الجوانب الفنية والتشغيلية.

 

اقتصاديًا، تعتبر إثيوبيا من أسرع الاقتصادات نموًا في أفريقيا، وتسعى إلى تقليل اعتمادها على منفذ واحد لاستيراد وتصدير السلع. ومع ذلك، فإن تشغيل ميناء صومالي يطرح تحديات تتعلق بالاستقرار السياسي والأمني، في ظل استمرار التهديدات من الجماعات المسلحة والتوترات الداخلية في الصومال.

 

انعكاسات إقليمية ودولية

يثير الاتفاق تساؤلات حول تأثيره على ميزان القوى في المنطقة، خاصة بالنسبة لجيبوتي، التي تعتمد بشكل كبير على رسوم عبور التجارة الإثيوبية. في المقابل، تراقب إريتريا التطورات بحذر، نظرًا لحساسية ملف الوصول إلى البحر بالنسبة لعلاقاتها مع أديس أبابا.

 

دوليًا، تحظى موانئ القرن الأفريقي بأهمية استراتيجية، ما يجعل الاتفاق موضع اهتمام قوى إقليمية ودولية مثل تركيا، التي لعبت دور الوسيط، ودول الخليج التي تمتلك استثمارات في الموانئ الصومالية. كما أن الصين والولايات المتحدة تتابعان هذه التحولات عن كثب، نظرًا لتأثيرها على خطوط التجارة والمصالح الاستراتيجية في المنطقة.

 

تحديات وسيناريوهات المستقبل

نجاح الاتفاق مرهون بمدى قدرة الصومال على إدارة الترتيبات مع إثيوبيا دون أن يؤدي ذلك إلى تصعيد داخلي أو توترات إقليمية. كما تحتاج أديس أبابا إلى ضمانات قانونية وأمنية تحافظ على استدامة استخدام الميناء دون اضطرابات.

 

إذا سارت الأمور وفق المخطط، فقد يشكّل الاتفاق خطوة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، لكن أي خلافات حول آليات التنفيذ أو اعتراضات داخلية في الصومال قد تعرقل تنفيذه. الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل هذا الاتفاق وتأثيره على التوازنات الجيوسياسية في القرن الأفريقي.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..