أم دبيكرات قادمة

عثمان يس ود السيمت
بعد مشهد قطع الرؤوس الذي انتشر اليوم وقد يكون قديما لكنه للمتصفح في جميع أرجاء العالم فهو جديد ، ولا يمكن أن نتوقع أن يتابع هذا المتصحف اخبار السودان من الضعين للفاشر لجبل موية ثم سنار وسنجة والدندر. سينظر العالم لهذه الفعال كأعمال وحشية إرهابية جديدة (fresh) تماما كتلك الرؤوس المقطوعة fresh ودمها ولحمها يقطر ببقية عالقة بالحياة تحملنا كلنا وزر قتلها. لم نعد ننتظر إلا مشهد دخول القوات الأجنبية والتدخل الدولي فهم مهما فعلوا فسيكونون أكثر رفقا بالمواطن الضعيف المشرد ويكفي أنه لن يتشرد مواطن وستتوقف سرقات شقاء العمر والنهب والإغتصاب والقتل والترويع واستهداف البنية التحتية. مرحبتين حبابا القوات الأجنبية المحتلة ونحن بنقول ليكم المحتلة من هسي عشان ما تقدوا أضاننا بالقوات المحتلة المغتصبة الكافرة المستعمرة.
حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم اصحابه بالهجرة الأولى للحبشة قال لهم وهو يدري أنه يرسلهم لملك مسيحي (إن بها ملك لا يظلم عنده أحد) أي أنه يرسلهم لمكان تتوفر فيه العدالة وينتفي فيه الظلم. وكان اصحابه المستضعفين عشرات أقل من المائة. ألا ينطبق ذلك على حالنا اليوم. ولكن هل سنرسل الملايين للخارج هربا من الظلم وطلبا للعدالة عند المسلمين و غير المسلمين وطلبا للأمن والأمان. لماذا لا نجلب لهم العدالة والأمن أو شئ من العدالة وشئ من الأمن في بلد انعدمت في العدالة لعقود من الزمان وانعدم فيه الأمن تماما. إن حالنا اليوم يماثل حالنا في نهايات القرن التاسع عشر أبان حكم التعايشي حيث أذاق الناس الأمرين وفعل بهم كل ما يفعله هؤلاء (بالمسطرة) قتل وإغتصاب (وسبي) وتوزيع السبايا على الأمراء بعد أن تفرد للخليفة حصته. وتصادر ممتلكات الناس ومن يحاول إخفائها يقتل تماما كما يحدث الآن. إنعدمت الرحمة تماما وأصبحت الهمجية والفوضى سيدة الموقف بل كانت الإعدامات الجماعية تقام في سوق أم درمان ويشهدها التعايشي جالسا على عنقريب وبرش مفروش كما فعل يوم الاعدام الجماعي لأهلنا البطاحين ، حتى جاء قضاء الله العاجل قبل الآجل وفرش البرش بنفسه وجلس عليه مستسلما في أم دبيكرات لقوات كتشنر.
نحن كحكم (وطني) ووطني هذه بين قوسين فمن يحكمنا (ويتحكم فينا) من طرفي الحرب وإن كانوا مواطنين فهم ليسوا وطنيين بل بينهم والوطنية أبعد من المشرقين. لذلك وبمنطق الأشياء وبحكم الحاجة والإنسانية ولرفع الظلم ووقف مجاعة (سنة ستة الثانية) والتي وقعت الآن وفق إحصاءات برنامج الغذاء العالمي ، ولنشر الأمن ولو جزئيا حتى يستتب الأمر تماما ، لكل ذلك اعتقد أن استدعاء القوات الدولية تحت البند السابع أصبح أمرا ملحا للحفاظ على ما تبقى من وطن وما تبقى من مواطنين.
لقد مكث الإنجليز في السودان 58 سنة كمستعمرين وكانوا يعرفون أنفسهم كمستعمرين ليس كمن يتشدقون اليوم بالإسلام وفعالهم يتبرأ منها الكفر ذاته وطرف آخر يتشدق بالعدل وهو يحتل بيوتنا ونقل كل ما لدينا من حطام الدنيا (لدياره). أنا لم أعد أقول لا للحرب فلحرب الناس في جميع الدنيا اوزار تلقيها عندما تحقق مآربها إلا حرب هؤلاء المجرمين فهي تسير بيننا عارية متفحشة متوحشة ولا اوزار لها لتضعها ولا ولن تنتهي إلا كما أنتهت من قبل في أم دبيكرات.
إن خروج المستعمر مرة أخرى إن إستمرأ المكوث في بلادنا أسهل الاف المرات من خروج هؤلاء فقد (تدربنا) على كيف نخرج المستعمر الأجنبي ولكننا ما كان يخطر ببالنا أن يأتي يوم يكون المستعمر من جلدتنا ويتوحش فينا لا يبغي فينا إلا ولا ذمة .
لعنة الله على الكيزان والجنجويد ومرحب بالاستعمار…..مرحب بالانجليز….اللهم عجل لنا بالبند السابع…
للأسف لا حل يلوح في الأفق غير البند السابع، ذلك لأن منطق القوة قد تسيد الساحة، هناك قوتام غاشمتان تتبادلان كل ما يقع على المواطن من تقتيل وتعذيب وتشريد ولا يوجد حل مالم تتدخل قوة أكبر وأقوى تستطيع تحييد هاتين القوتين ونجدة المواطن المسكين من تحت وطأتهم.