محمد حسن شوربجي
في خمسينات القرن الماضي كان الرئيس المصري جمال عبدالناصر هو قائد الامة العربية التي يصفق له الجميع اعجابا بقوميته..
وكان “جواهر لال نهرو” هو ناصر الهنود وقائدهم في ذلك الزمان ..
وكانوا معا روادا لدول عدم الانحياز التي كان السودان احد دولها..
حينها اقترح الزعيم الهندي على جمال عبد الناصر مشروعا خرافيا يجعل من الأمة الهندية وألامة العربية دولا قوية تغزو الأرض والفضاء ..
حينها رفض الرئيس جمال عبدالناصر ذلك المشروع العظيم الذي جاء مبهرا بكل نكهات البهارات الهندية..
بحجة أنه مشروع صعب التحقيق وسط طموحات عصبة الامم التي كانت تتحكم بكل العالم ..
وكيف لا وقد جاء من عبدة البقر وعبدة الجرذان وهم الهنود آنذاك ..
ولكن انظروا اخوتي اليوم اين هم الهنود ..
واين هم العرب (خير امة اخرجت للناس) ..
فالهند اليوم اخوتي هي معجزة اقتصادية عالمية عملاقة والبنية التحتية للإنترنت في الهند هي الارقي في العالم ..
في الوقت الذي يزداد فيه الإقبال على الاستثمار في أسهم شركات التكنولوجيا على مستوى العالم ..
بدأ المستثمرون الهنود يشهدون رؤية الصعود القوي للقطاع الاقتصادي التكنولوجي في الهند ..
فالهند التي تعد من أكبر دول في العالم من حيث عدد السكان ..
قد اصبحت اكبر دول العالم في المجال الالكتروني ..
والامة العربية مجتمعة تكاد لا تذكر مقارنة بالهند العملاقة ..
وكل ما نفعله هو ان نكون مستهلكين نتوعّد الجميع بزوال حضاراتهم بحجة اننا خير أمة أخرجت للناس دون أن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام على التراب فما بالك في الفضاء ..
فلقد أكدت لنا شعوب كثيرة مثل الهند أن التقدم العلمي ليس حكرا على احد ..
فوراحت تنافس في جميع المجالات وانطلقت ..
ومازلنا نحن نراوح مكاننا نجادل وندخل في فتن مبنية على الأحقاد في قضايا خلافية ..
ففاتنا القطار منذ عقود وصار اللحاق به أشبه بالمستحيل ..
أما الآن فقد فاتنا ايضا القمر الاصطناعي المبحر في الفضاء ولم يعد بمقدورنا اللحاق به .
فمنذ نصف قرن نصح الهندي “جواهر لال نهرو” صديقه “العربي” جمال عبد الناصر بغزو الفضاء فهزئنا منه فبلغت الهند الفضاء وبقينا نحن ففي الارض دون تكنولوجيا صناعية ..
اليوم اخوتي نجحت كل شركات التكنولوجيا في الهند في جمع استثمارات قياسية ..
فلقد أشار تقرير صادر عن مجموعة كريدي سويس المصرفية السويسرية في وقت سابق من العام الحالي إلى وجود حوالي 100 شركة ناشئة هندية تجذب الاستثمارات بقيمة سوقية إجمالية تبلغ 240 مليار دولار في مختلف القطاعات من التجارة الإلكترونية وتكنولوجيا الخدمات المالية إلى التعليم واللوجيستيات ..
ويقول كيرشنان جانيش رائد الأعمال الهندي الذي يروج الشركات التي تجذب مستثمرين مثل سيكويا كابيتال ولايت سبيد فينشر بارتنرز وكوالكوم فينشرز إن “المستثمرين العالميين يرصدون صعود السوق الهندية الضخمة التي لم يتم استغلال كل إمكانياتها..
ومن الطبيعي جداً إطلاق أسماء مثل “جنة التكنولوجيا” على مدينة بانغلور الهندية كونها أكبر موطن لشركات تكنولوجيا المعلومات في البلاد ..
ومن جانبها اختارت صانعة الجوالات الصينية “شاومي” مدينة بنغالور لتكون مقرا لصناعاتها العملاقة ..
والآن قد يعض بعض العرب اصابع الندم لرفضهم الشراكة الهندية التي قدمت علي طبق من ذهب وكانت ستجعل من العالم العربي عالما تكنولوجيا متحضرا ..
وخلاص راحت السكرة وندمنا علي الفكرة ولكن بعد فوات الآوان ..
ماذا تعني بالعرب؟ افلا استبدلت هذه الكلمةاينما وردت بكلمة مصر فعبدالناصر ما ممثلا للعرب و ما حاكما لهم
لا لم يفت الأوان.. فقط نحتاج لإدارة الاختلاف بيننا وإشاعة لغة الحوار والقبول بالرأي الآخر وان لم يعجبنا.. إلا تلاحظ ان الهند صبرت على ديموقراطيتها والتبادل السلمي للسلطة رغم كل المحازير الممثلة في الهوية والخلل الاقتصادي بين طبقاتها المختلفة حتى وصلت إلى ما وصلت اليه.