مساعد رئيس الجمهورية العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي : قيادة الجنوب ستذهب إلى مزبلة التاريخ إذا لم تع مصالحها

حاوره: فتح الرحمن شبارقة

هل إحترق ملف الجنوب تماماً بعد دخول الجيش الشعبي إلى هجليج، أم مازالت هناك فرصة للنجاح ربما؟.. ما الذي تبقى للعقيد عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية الممسك بملف الجنوب بعد حديث الرئيس البشير وتوصيف البرلمان لدولة الجنوب كعدو؟.. ولماذا لم يحدث إختراق في هذا الملف على أيام الحرب والسلام كذلك؟.. هل يمكن أن يتحول الجنوب في يوم ما إلى دولة صديقة بعد إحتلاله لهجليج، أم أن ذلك هو المستحيل بعينه؟.. وما الذي يفعله مسؤول ملف الجنوب هذه الأيام ضمن الخيارات المتاحة من تعبئة واستنفار وإطفاء الحرائق؟
بالطبع، لا يصلح للإجابة على تلك التساؤلات غير العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي نفسه، وهو ما حدث داخل الطائرة التي أقلتنا في معية الوزراء عصر الخميس الماضي من الأبيض إلى الخرطوم ،بعد المشاركة في جلسة مجلس الوزراء هناك، هذا من قبيل التنويه إلى أن هذا الحوار أُجرى قبل إعلان تحرير هجليج الذي توقعه العقيد عبد الرحمن قبل نشر هذا الحوار، وقد صدق في توقعه، وفي الإيفاء بوعده بالحديث لـ (الرأي العام) رغم أن الظرف ? وقتها- لم يكن مواتياً لذلك ، فإلى إفاداته:
* ألا تشعر بأنك مساعد غير محظوظ كونك مسؤولا عن ملف الجنوب الذي يعتبر من أعقد وأخطر الملفات ربما؟
– مافي شك أن هذا الملف معقد لدرجة كبيرة، وهذا لأن الطرف الآخر لا ينظر لهذه العلاقة في حد ما يعلن. فهو له أجندة خفية يعمل على تحقيقها والإنتصار لها، لذلك فهو يشتغل ضد رغباته وضد مصالحه بتوجيهات من جهات خارجية تعمل على أهداف غير الأهداف التي تحقق مصلحته بصورة مباشرة.
* هل الملف إحترق تماماً الآن بعد إعتداء دولة الجنوب على هجليج ،أم مازالت هناك فرصة للنجاح وربما التفاوض من جديد؟
– الآن لا يمكن أن نتكلم عن تفاوض بعد إحتلال جزء عزيز من بلدنا – وبلادنا كلها عزيزة- فالواقع وكل الظروف تقول بأن لا حوار إلى أن يتم تطهير أى شبر من بلدنا، وبعد ذلك لكل حدث حديث.
* من واقع إمساكك بملف الجنوب وإطلاعك على الكثير من المعلومات بشأنه، هل يمكن تحقيق تقدم أو أى نجاح فيه؟
– في ظل هذه العقلية التي تدير حكومة جنوب السودان لا يمكن تحقيق أى إختراق في هذا الملف.
* بعد حديث السيد الرئيس وتوصيف البرلمان لدولة الجنوب بأنها دولة عدو.. ماذا تبقى لك؟
– والله الحديث الذي نتحاور فيه الآن في غير مكانه الصحيح، وفي واقع العمليات الآن لدينا جرحى وأسرى وشهداء ،ولذلك من غير المناسب أن نتكلم الآن عن أى حوار أو إتفاق في هذا الحوار إلا بعد أن تنجلى هذه الظروف ، وستنجلي إن شاء الله بنصر عزيز مؤزر بلا شك، لأننا في الحق ومع الحق..
=مقاطعة=
* وما الذي يجعلك متأكداً من النصر إلى هذه الدرجة السيد المساعد؟
– نحن متأكدون من ذلك ، لأن قضيتنا عادلة وهى قضية موفقة ومسنودة بالجبهة الداخلية بصورة كبيرة جداً، ومسنودة لأول مرة بالرأى العام العالمي وبالإتحاد الأفريقى والأمم المتحدة وحتى البيت الأبيض، فكلهم تحدثوا بوضوح وطالبوا حكومة الجنوب بالانسحاب من الأرض التي إحتلتها ، ولا شك أننا في هذه المرة مسنودون بهذا الطيف الواسع من التأييد، ولذلك أعتقد أننا بعد أن نحرر بلدنا شبراً شبراً كما قلت لك ،لكل حادث حديث.
* باقان أموم تحدث عن مناطق سودانية تماماً وقال إنه لابد من إعطائهم كافي كنجي وجودة فيما أذكر.. كيف يمكن إحداث إختراق في ملف الجنوب في ظل مثل هذه الأحاديث من باقان؟
– قل ليهو:
أنصارك كتار تامين عبِرّت الكيل
وزى نبت الربى وكتين قدوم السيل
هو كان ما جور زمان وناساً فهمها قليل
شرك أم قيردون كيفن بقبض الفيل؟!
ولذلك أنا أعتقد الآن كل الأحاديث التي تقال ستحسم في الميدان، وإلى أن يحصل الحسم ونسترد حقوقنا في الأرض حسب حدود 1/1/1956م ونسترد كل ما من شأنه أن يرجع لنا حقوقنا دون إعتداء وتجاوز للأعراف الدولية أو إختراق للقانون الإنساني الدولي، ومع إحترامنا الكامل لكل تلك القوانين، بعد ذلك إن شاء الله سنأتي، والى ذلك الوقت هو وغيره سيغيّرون رأيهم برأى آخر ويصبحون معقولين.
* الجهد الأول للسيد المساعد الآن هل في التعبئة والإستنفار أم لإطفاء الحرائق؟
سألني:
-(الحرائق الولعها منو؟)
* قلت: دولة الجنوب طبعاً هى التي أشعلت الحرائق في هجليج وغيرها من المناطق؟
فقال:
– نحن الآن في موقع دفاع عن النفس فقط، ومافي أى مجهود آخر غير المجهود الأول والآخير وهو الدفاع عن النفس والدفاع عن السودان وإسترداد الحقوق المغتصبة.
* هل بات مستحيلاً الآن إمكانية أن يتحول الجنوب إلى دولة صديقة؟
– الجنوب مصالحه عندنا هنا في الشمال، والجنوب إمتداده وعمقه وإتجاهه وأشواقه هو شمالاً. لذلك أية قيادة في الجنوب إذا لم تفهم هذه المعاني وعملت عكس هذا التيار، ستجد نفسها انجرفت في خط خاطىء لا يحقق مصالحها وستذهب إلى مزبلة التاريخ.
* ألا يوجد الآن أى نوع من أنواع الإتصالات سواء أكان ذلك بصورة مباشرة أو عبر وسطاء؟
– لا وجود لأى حوار، الحوار الآن فقط في ميادين النزاع، فنحن في وضع دفاع عن النفس وإسترداد للحقوق وإلى أن يحدث ذلك، فإن شاء الله شيئاً، فسيكون.
* من الملاحظ أن ملف الجنوب الذي تمسك به لم يحدث فيه تقدم قبل الحرب وبعدها؟
– هذه الملف لم يحدث فيه تقدم لأن (الجماعة ديل ما شغالين لمصلحتهم) أو للأهداف المعلنة، وإنما يعملون لأهداف خفية ولكن إن شاء الله بعد أن يعوا هذا الدرس، فلكل حادث حديث.
* حتى الآن لم تظهر السيد المساعد كممسك بملف الجنوب بصورة ظاهرة ،وتبدو مهتماً أكثر بقضايا أخرى غير ملف الجنوب.. فلماذا لم تظهر هذا الملف سلماً أو حرباً؟
– هذا الملف أنا مازلت في طور الدراسة بالنسبة له حتى أتمكن من المساهمة فيه مساهمة إيجابية. ويمكن أنت تقصد المفاوضات، فالمفاوضات مختلفة عن العلاقات، والإمساك بالمفاوضات مع الجنوب يختلف عن الإمساك بملف العلاقات. لكن أعتقد أن هذا الملف شائك ومعقد ويجب أن يكون هناك تمثيل لكل الناس في الحكومة العريضة في هذا الملف حتى يستطيعوا أن يدفعوا به نحو التوجهات الإيجابية.
* يبدو أن سياسة حكومة الجنوب أصبحت تقوم على شد البلاد من أطرافها في هجليج ومناطق حدودية أخرى.. فهل تستطيع؟
– شوف.. أنا لا أريد أن أدخل في تفاصيل قوتنا وقوتهم. لكن نحن بكل المقاييس أقوى منهم، صحيح أنهم مراهنون على التدهور الإقتصادي وعلى مسائل كثيرة، لكن نحن إذا جئنا للمقارنة فموقفنا إقتصادياً أحسن منهم، وعسكرياً أفضل منهم. وبعيداً عن المقارنة والمواجهة فلا بد أن يعوا هم بأن مصالحهم شمالاً.
*وما الذي يجب أن نعيه نحن في تعاملنا مع الجنوب؟
– نحن يجب أن نعى ان الجنوب إذا لم نحتوه نحن فستحتويه إتجاهات أخرى لن تكون في صالح المنطقة.
*حكومة الجنوب في جوبا كانت تراهن وتحلم بأنها بقفل أنبوب النفط وشد وتسخين الأطراف ستسقط النظام في الخرطوم.. كيف تنظر إلى إمكانية تحقق مثل هذا الحلم؟
– هذه أحلام ظلوط لذلك لا قيمة لها، ونحن نعتقد أن الحلم والتطلع الصحيح المفروض يتطلعوا له، هو أن يتطلعوا لعلاقة إيجابية سلمية مع الشمال، لأن في هذه مصلحة حقيقية تؤدي إلى تحقيق إستقرارهم وأمنهم وإقتصادهم ورفاهيتهم وتنميتهم وكل المعاني الإيجابية بالنسبة لهم.
* كثر الحديث في الأيام الفائتة عن أن تحرير هجليج في غضون ساعات ولكن تلك الساعات إستطالت قبل التحرير.. فلماذا هذا التأخير برأيك؟
– مافي تأخير، فالمسألة العسكرية هى تعتمد على ظروف الميدان وعلى مسائل ذات علاقة بتقليل الخسائر ما أمكن، فهم دخلوا أرضنا وإن شاء الله سنحرر أرضنا قبل أن يصدر هذا الحوار يوم الأحد، وسيكون لقاؤنا المقبل في هجليج.

الراي العام