ما العمل ..؟!ا

قادة هذا النظام وحزبه وصل بهم حال الاستعلاء والاستبداد بالرأي بأنهم هم الأعلى شأناً على كافة بني البشر في كافة أنحاء السودان ، وهم الذين لا يأتيهم الباطل لا من خلفهم ولا من قدامهم ، وهم إن أرادوا أن يقولوا لشئ كن فيكون .. فيا سبحان الله، والعياذ بك يا مالك الملك.

حسن العبيد مدني

استناداً إلى ما توصلت إليه الحركة الشعبية ? قطاع الشمال بجنوب كردفان- من قناعات راسخة لا تحيطها أي شكوك ، ومن خلال الوقائع الملموسة ، وصلت إلى أن ? النظام الحاكم وحزبه المؤتمر الوطني والذي يمثل امتدادا لنظام المركزية القابضة على السلطة منذ الاستقلال ، هو نظام معادي للديمقراطية والحريات الأساسية للمواطنين . وقد انتهكت خلاله الكرامة الإنسانية من خلال بيوت الأشباح، والفساد المالي والإداري. حيث أضحت الأزمة في أقصى تجلياتها بارتكاب النظام أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان من إبادة جماعية وتطهير عرقي في دارفور ، وامتدت إلى جنوب كردفان . حيث أصبح رئيس النظام مطلوباً لدى المحكمة الجنائية الدولية. كما أصبح واضحاً أن نظام المؤتمر الوطني لم ولن يستجيب للحلول السياسية العادلة إلا تكتيكاً ومراوغة لإطالة عمره في السلطة. وبذلك أصبح مثالاً في نقض العهود والمواثيق.

هذا ما توصلت إليه مقدمة الإعلان السياسي للجبهة الثورية السودانية التي توافقت على ذلك وأصبحت تضم : 1/حركة جيش تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد نور ، 2/ حركة جيش تحرير السودان قيادة مني أركو مناوي ، 3/ الحركة الشعبية لتحرير السودان ? قطاع الشمال بجنوب كردفان بقيادة عبد العزيز آدم الحلو . (الميدان 9 أغسطس 2011 العدد 2402م).

وبهذا ، فقد صاغوا ميثاقاً للتحالف بينهم ووقعوه برسمهم ? بعد قناعاتهم الراسخة ، ومن خلال الممارسة العملية ، والبيان بالعمل ، بأن السلطة الحالية غير جادة في حل قضايا ومشاكل مناطقهم المزمنة ، ونقض كل اتفاقيات والتزامات وقعوها مع أي منظمة ظلت تطالب بحقوق مناطقها العادلة.

واستناداً إلى كل ذلك، فقد خرجوا جميعاً من عباءة المطالب الإقليمية المحدودة إلى فضاء الوطن السودان الواحد. وأرفقوا الإعلان السياسي عالية ببرنامج عمل نضالي موجه لكل القوى السودانية المعارضة. فقد اجتمع ممثلو الفصائل المسلحة أعلاه بمنطقة (كاودا) المحررة بجبال النوبة في الفترة ما بين 1/8/2011 إلى 7/8/2011 وأعلنوا عن تأسيس وقيام تحالف الجبهة الثورية السودانية من الفصائل المذكورة عالية ، وصاغوا أهدافاً واضحة ومحددة لهذا التحالف ومنها على سبيل المثال :

1/ إسقاط نظام المؤتمر الوطني الحاكم بكل الوسائل المتاحة .

2/ توحيد وتقوية جهود القوى السياسية السودانية، وقوى المجتمع المدني والأهلي وقطاعات الشباب والطلاب والمهنيين بتنظيم صفوف المقاومة لإزالة النظام.

3/ تأسيس دولة تُحترم فيها حقوق الإنسان كما حددتها المواثيق الدولية.

4/ تشكيل حكومة وحدة وطنية بفترة انتقالية مدتها ستة أعوام ، تطلع بمهام وضع دستور انتقالي للدولة تضمن فيه مبادئ وأهداف تتعلق بحل كافة قضايا السودان ، وتأمين خصوصيات المناطق التي تأثرت بالحرب ، وعمل إحصاء سكاني عام لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ، إعادة هيكلة وبناء أجهزة الدولة المتمثلة في الخدمة المدنية والقوات النظامية والجهاز القضائي وغيرها من المؤسسات والأجهزة.

5/ ضرورة التسليم الفوري لمرتكبي جرائم الحرب ، وجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، والجرائم ضد الإنسانية لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي.

الخ. وضع دستور مصدره عقد اجتماعي لجميع الشعوب السودانية إلى جانب ماهية الهوية السودانية ومبدأ المواطنة، والحريات العامة وحقوق الإنسان وسيادة حكم القانون، والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة، واستقلال القضاء والفصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية.. الخ .

برأيي ، إن ما توصل إليه هؤلاء الإخوة المناضلون من قناعات صاغوها في إعلان سياسي وميثاق للتحالف مع كل فصائل المعارضة الجادة في الوطن حيث كان في مقدمة ميثاقهم إسقاط نظام الإنقاذ أولاً بوصفه أصبح العقبة الكؤود والمعرقل لأي تطور وطني ، والممارسات لكل صنوف القمع والاضطهاد والذل لشعب السودان الأبي . ويرون بضرورة إسقاط نظام الإنقاذ ينظر بعدها كيف يحكم السودان. وحددوا ذلك بفترة انتقالية مدتها ستة أعوام ودستور انتقالي مؤقت.. حسب ما جاء بميثاقهم.

أمام هذه الأزمة الوطنية الطاحنة بكل مآسيها وبجرائم النظام العديدة المرتكبة فيها والتي هزت كل ضمير إنساني وطني حي وكذا الضمير الإنساني العالمي ، فقد تحركت قبل أيام الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني وعقدت اجتماعاً بالمركز العام للحزب الشيوعي ناقشت فيه كيفية تنفيذ مقررات اجتماع رؤساء الأحزاب واستكمال الورقة الخاصة بمهام الحكومة القومية ، والإعلان الدستوري لحكم الفترة الانتقالية . كما تابع الاجتماع ما توصلت إليه اللجنة الشعبية للدستور المرتقب. كما تطرق الاجتماع لقضية جنوب كردفان وتوصل إلى قرار بالقيام بمبادرة في هذا الصدد ? بعد مقابلة طرفي النزاع ? (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بجنوب كردفان) لوقف الحرب والسماح بمرور المساعدات الإنسانية وتكوين لجنة تقصي حقائق في الإحداث ، مع الاستمرار في العملية التفاوضية لحل الأزمة بشكل نهائي.

كل ذلك يمكن أن يدرج في باب المساعي الطيبة والنوايا الحسنة من قبل الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني.. لكن ماهي حصيلة هذه المساعي ؟ وهل وافق حزب المؤتمر الوطني الحاكم وسلطته المتهمة الأولى بالاعتداء على المواطنين العزل وإجبارهم على النزوح من مدنهم وقراهم بعد أن خلفوا مئات القتلى والجرحى من الرجال والنساء والأطفال والآلاف المشردين في الفيافي ؟! وحيث تتحرك الآن منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع الدولي لتقصي الحقائق وفقاً للبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الإبادة الجماعية . والحكومة ترفض أي توجه من الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في هذا الشأن. وهل قبل المتنفذون من السادة في حزب المؤتمر الوطني باستلام رسالة أو مذكرة من الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني وتحديد مواعيد للقاء بهم ومناقشة مقترحاتهم وآرائهم المرفوعة لهم أو حتى مجرد إعلان باستلام الرسالة؟

برأيي ، أن قادة هذا النظام وحزبه المؤتمر الوطني وصل بهم حال الاستعلاء والاستبداد بالرأي وزهو مقام السلطة درجات جعلت منهم ? وحسب مخيلتهم ? بأنهم هم الأعلى شأناً على كافة بني البشر في كافة أنحاء السودان ، وهم الذين لا يأتيهم الباطل لا من خلفهم ولا من قدامهم ، وهم إن أرادوا أن يقولوا لشئ كن فيكون .. فيا سبحان الله، والعياذ بك يا مالك الملك.

إن رئيس النظام الحاكم هو أول من هدد وتوعد أهل جبال النوبة بالثبور وعظائم الأمور ? قبل انتخابات المجلس التشريعي بالمنطقة ? وهو بمدينة المجلد بقوله: ( حنحاربهم جبل جبل ، وكركور كركور . وتاني خلاص ما في كجور وما في مريسة) يا سلام .. يا سلام .. هذه تقاليدهم وكريم معتقداتهم في من يتوسلون به إلى الرب جلباً للخير ودرءاً للشر ويمزجون هذه الطقوس بصنوف شتى من الابتهالات عبر آلاف السنين لم ينهاهم عنها حاكم أجنبي أو وطني على مر تاريخ السودان. والذين كانوا يدعونهم إلى الإسلام من السلف السوداني الصالح ومن رجال المهدي عليه السلام كان شعارهم الدائم: أدعو على سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة. ولهذا وحده دخل منهم الإسلام رهط عظيم وصار منهم علماء أجلاء يشار لهم بالبنان. فماذا فعل هؤلاء القوم الطيبون البسطاء حتى تسلط عليهم رئيس النظام جيشه ليحاربهم (جبل جبل وكركور كركور؟!!) فماذا يعني كل هذا بالواضح ؟ أليست هي النوايا المبيتة للإبادة الجماعية والتصفية العرقية لإنسان تلك البقاع الرائعة من أرض الوطن لتبقى ملكاً عضوضاً (للجنس الآري السوداني؟؟) .
برأيي المتواضع أن الجلوس والتفاكر مع هؤلاء الاخوة المناضلين والذين رفعوا شعار إسقاط النظام وصاغوا إعلاناً وميثاقاً لهذا الحراك الثوري هو الأفيد والأجدى والأنفع للتشاور السليم لانقاذ ما تبقى من هذا الوطن العزيز.

نحن نعلم جيداً ومن خلال تجاربنا مع كل الانظمة العسكرية الفاشية بأنه عند اكتمال تراكم القوى باختزان الطاقات الثورية ونضوج الأزمة الوطنية العامة وفشل النظام الحاكم في أي حراك أو مناورة ، نعلم بأن ما بين إسقاط النظام وتنفيذه عملياً فترة قد تطول من هذا الإعداد والاستعداد على مستوى الحراك الجماهيري المستعد لخوض المعارك في كل مستوياتها لهذا الفعل الثوري.

ونحن نعلم أيضاً بالتخريب المتعمد والمقصود الذي حدث في كافة مواقع العمل المنتجة والعمل الإداري، والتشريد الذي حدث لكافة القوى الوطنية الديمقراطية والتخريب في حركة المزارعين ووسط الطلاب وإبعاد القوى الحية التي تسهم في توعية الجماهير بقضاياها الآنية والمستقبلية وتقودها بشجاعة وبسالة نحو النصر المنشود : الإضراب العام والانتفاضة الشعبية لإسقاط الأنظمة الفاشية.

ونحن نواجه بلا شك ، وفي قاموس تطور العملية الثورية وتحولها إلى انتفاضات وإلى ثورة ظافرة حتى النصر تحتاج للمزيد من الصبر والصمود في وجه كل هذا البطش السلطوي والعمل لاستنهاض الجماهير في مواقعها المختلفة : من الجماهير وإلى الجماهير من العمل البسيط إلى الفعل الثوري الخلاق.

فالأخوة المناضلون في الحركة الشعبية بجنوب كردفان والإخوة في حركة جيش تحرير السودان عبد الواحد محمد نور ومني أركو مناوي والذين تحالفوا مع الحركة والذين دعوا في إعلانهم السياسي وميثاقهم كل القوى السياسية السودانية لتوحيد الجهود . وهي دعوة برأيي جديرة بالإعتبار للجلوس معاً للتشاور والتفاكر وتحديد ما هو ممكن وناجع من خطوات عملية لمصلحة الحركة الجماهيرية. فإذا توصلوا هم إلى قناعة ? استناداً إلى واقعهم المعاش ومأساتهم المطبقة ? بأن النضال ضد هذا النظام لن يأتي إلا بالسلاح، وبأن السلطة السياسية المنتزعة من أفواه النظام تنبع من فوهة البندقية.. إذاً ، فعلى قوى الإجماع الوطني أن تصيغ معهم المعادلة الناجحة والناجعة وكيف يتم توافق النضال السلمي لإسقاط النظام في مركز السلطة بالانتفاضة الشعبية وكيف تتم حماية الانتفاضة المرتقبة.

في الجانب الآخر آمل أن يتحرك الإخوة المحامون ومن خلال تنظيمهم الديمقراطي (قطاع المحامين) بالاتصال بهؤلاء المناضلون للتفاكر حول ما طرحوه من مقترحات حول الدستور المقترح من جانبهم ومصدره الأساسي ?عقد اجتماعي لجميع الشعوب السودانية ، والهوية ، ومبدأ المواطنة والحريات العامة وحقوق الإنسان وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء ، والفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقانونية .. الخ?.

ختاماً ، آمل وأرجو من الأخوة في حركة تحرير جيش السودان فصيلي عبد الواحد محمد نور ومني أرمكو مناوي وهم يتوحدون في برنامج نضالي مع الإخوة في الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع جبال النوبة) أن يتوحدوا في الحركة الأم التي جمعتهم سوياً وناضلوا من خلالها جنباً إلى جنب هدفهم الأوحد تحقيق مطالب أهلنا بدارفور وليس النضال من أجل مغنم شخصي . والأخ مني يعلم جيداً نتيجة ما آلت إليه (أبوجا) باتفاقياتها العرجاء وتنصيبه (مساعداً) لرئيس الجمهورية .. وحيث أقر هو شخصياً من واقع (التهميش) الذي مورس معه في القصر بفظاظة بأنه لم يعد يسوى (مساعد حلة) في لوري . فهلا وضع الأخوة كل ذلك في الإعتبار أمام مشاكل المواطن الماثلة في كل ربوعه وتنشط الحل الناجع بفضل جهود أبنائها المناضلين المخلصين.

الميدان