من الذاكرة الرياضية !

قليلون هم الذين يملكون مثل هذه المعلومة وذلك نظرا لأن التوثيق لدينا ضعيف ويعتمد في الغالب على الذاكرة والمشافهة مما يضيّع علينا كثير من الحقائق .. موضوع مادتنا هنا رياضي بحت ، يتعلق بلاعب كبير كان له قصب السبق في أن يكون أول لاعب سوداني يلعب في أوروبا في حقبة مبكرة .. هنا محاولة متواضعة لتسليط الضوء عليه.

هذا اللاعب هو إسماعيل محمد سعيد من أبناء أمدرمان – حي القلعة ، برع في لعبة كرة القدم منذ الصغر وأظهر موهبة واعدة وهو يلعب في حواري أمدرمان وميادينها .. إقترن به لقب (برجل) لأن ساقيه كانتا مقوستين بشكل يشبه البرجل في إنفراجته . منذ البدء كان من الواضح أن لديه طموح دراسي وكروي عريض فقد هاجر إلى الخارج في فترة الثلاثينات .. فترة يعزّ فيها مفارقة الوطن نظرا لإرتباط الإنسان السوداني بمجتمعه في ذاك الوقت بشكل وثيق . لكنه عقد العزم وهاجر إلى لبنان حيث التحق بالجامعة الأمريكية وهناك برزت موهبته الكروية في مباريات الجامعة الأمريكية في بيروت ، مما حدا بالإدارة لأن تختاره ليلعب في منتخب الجامعة ، الأمر الذي لفت الأنظار إليه ، لاسيما كشافي الأندية الأوربية . عطفا على ذلك فقد هاجر إلى فرنسا في العام (1938) وتنقل في عدة أندية فرنسية منها : إستراسبورغ وسانت إتيان .. لكن تجربته الإحترافية إنقطعت حينما طالت لظى الحرب العالمية الثانية المندلعة لتوها فرنسا في مطلع الأربعينات .

عندها أضطر (برجل) إلى العودة إلى السودان ، مواصلا نشاطه الرياضي لينضم أولا إلى فريق الهلال لكنه لم يمكث طويلا ، حيث إنتقل بعدها إلى المريخ الذي قضى فيه معظم مسيرته الكروية وحقق نجاحا ملموسا . بعد الإعتزال إتجه (برجل) إلى التدريب فدرّب فريقه السابق ، من أواخر الخمسينات وحتى أوائل الستينات ، كما درّب كذلك فريق بري وهناك طرفة حدثت في تدريبه لفريق بري حينما إستبعد لاعب بري المحبوب (حسبو الكبير) من إحدى المباريات في الدوري ، لعدم حضوره للتدريبات وهو الأمر الذي لم يلق قبولا لدى الإدارة والجماهير ، مما حدا بالإدارة لإقالته وهو حدث يكشف عن شخصيته القوية والجادة في التعامل مع اللاعبين . أسهم (برجل) مع أخرين في مهنة التدريب على تسريع إيقاع الكرة السودانية مثلما كان ذلك طابع الكرة في أوروبا وخلف ذكرى طيبة .. بعدها إبتعد (برجل) عن عالم المستديرة ليعيش حياته كشخص عادي .. رأيته في أواخر سني حياته وهو يسير في أحد شوارع أمدرمان وقد بدأ متماسكا قوي البنية .. توفي رحمه الله في مطلع الثمانينات .

لن أختم قبل أن أمرّ علي سيرة لاعب أخر جرى الإعتقاد على أنه أول لاعب لعب في أوروبا وهو هاشم ضيف الله ، غير أن ضيف الله قدم إلى أوروبا في ظروف مغايرة لـ (برجل) ، إذ كان مبتعثا من قبل الدولة إلى بريطانيا في منحة دراسية بكلية ليستر للعلوم الإدارية وهناك واتته الفرصة لينخرط في تمارين فريق المدينة ، الذين أعجبوا بمهاراته الكروية فجرى ضمه إلى فريق(ليستر سيتي) الذي كان وقتها من فرق الهواه . لعب ضيف الله مع (ليستر سيتي) موسما واحدا فقط هو موسم 1948 .. لكن أيّا كان فإن هاشم ضيف الله يعتبر أول لاعب سوداني يلعب في الدوري الإنكليزي والثاني في القارة العجوز .. رحمهم الله جميعا .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..