مقالات وآراء سياسية

الصراع الحزبي حول لجنة ازالة التمكين

اسماعيل عبد الله

 

في حوار ساخن دار بين رمز من رموز لجنة ازالة التمكين (المزالة) ، وأحد مناصري الجماعة الداعمة للانقلاب العسكري ، برز الصراع الايدلوجي القديم بين المتحاورين حينما تبادل الطرفان الاتهام بالانتماء الحزبي لكل من حزب البعث العربي الاشتراكي والجبهة الاسلامية القومية ، ذلك الجدال الذي اوشك على الوصول لمرحلة الاشتباك الفيزيائي بالأيدي لو لا تدخل الاعلامي مدير تلك الحلقة الحوارية ، ووضح من النبرة المتطرفة للشخصين أن الكيد السياسي قد بلغ أشده بين الانقلابيين الساعين لاعادة تمكين كادر الحزب البائد ، وبين كوادر احزاب اليسار وبعض شخوص الاحزاب الاخرى ، المشاركين في اللجنة المنوط بها تفكيك قبضة الاسلاميين على مفاصل الدولة ، كان مضمون الحوار قد انحصرت اتجاهاته  في العصبية الايدلوجية ، وفي الدفاع عن الحزب بعيداً عن الاهداف الوطنية التي كونت من اجلها اللجنة ، وكعادة قدماء المحاربين المنتمين للاحزاب الايدلوجية والدينية الأصولية ، يهتمون بهذه الولاءات المكرّسة للاجندة الحزبية الضيقة .

التمكين الحزبي سلوك قديم متجدد سلكه اليسار السوداني بعد الانقلاب العسكري للضباط الاحرار وقائدهم جعفر نميري ، لكن ما لبث أن انفض سامر التمكينيين اليساريين القدامى بعد الانقلاب الثاني الفاشل، الذي قاده بعض هؤلاء الضباط الاحرار الموالين للحزب الشيوعي والذين كان من ابرزهم الرائد هاشم العطا والمقدم بابكر النور ، الاحزاب السياسية شاركت في العهد المايوي الثاني الذي اعقب الانقلاب الفاشل ، وبعد انحسار مد الجبهة الوطنية ودخولها في المصالحة، ثم جاء (المشروع الحضاري) التمكيني الأكبر مع اجتياح الجبهة الاسلامية لقلعة السلطة ، التمكين الذي مايزال ماثلاً ومؤثراً على الفعل السياسي ، والذي لم تستطع اللجنة المكونة بعد زوال رأس النظام من تجريف بؤره الفاسدة ، وخطورة التمكين الاسلامي تكمن في أنه رهن اقتصاديات البلاد لقوى اقليمية ، هذا فضلاً عن وضع البلاد ولأول مرة منذ الاستقلال في مواجهة عسكرية مع اسرائيل فضربت العاصمة الخرطوم بغارات جوية أكثر من مرة.

لجنة ازالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو واستراداد الأموال المنهوبة ، بنيت على جرف هار وارضية هشّة ، وولدت في ظل ظروف بائسة وتحت سطوة ذات القوة الأمنية والعسكرية للجبهة الاسلامية الأب الشرعي لحزب المؤتمر الوطني (المحلول) ، توترت العلاقة بينها وبين رموز السيادة (الوطنية) الجديدة والذين يعتبرون امتداداً طبيعياً للنظام البائد ، وجاءت النتيجة كما توقعها المراقبون أن انقلب عليها المكون الأمني والعسكري الموالي للدكتاتور المخلوع ، ومن الطبيعي أن يتعرض اعضاءها للاعتقال والمطاردة وتلفيق التهم واغتيال الشخصية ، فقبول اللجنة بهذه المهمة الثورية مع شركاء حكم نصف ثوريين كان الخطأ القاصم لظهر بعيرها، ولن تجد ابرع منجم وضارب للرمل يستطيع أن يتنبأ لها بمصير غير هذا ، فالذي يبني بنيانه على الباطل لن يحصد غير الباطل ، فحينما استولت الجبهة الاسلامية القومية على السلطة عبر انقلابها المشؤوم ، لم تتسامح مع غريمها البعثي والشيوعي والانصاري والختمي .

المقدم طبيب حينها والمجند لمصلحة الجبهة الاسلامية القومية الطيب ابراهيم محمد خير ، كلف بازالة الكوادر الحزبية غير المنتمية للحركة الاسلامية عبر آلية وزارة العمل والاصلاح الاداري ، مارس ابشع مجزرة بحق الابرياء من موظفي الخدمة المدنية – المتحزب منهم وغير المتحزب ، وذهب نظام الجبهة الاسلامية القومية الى ابعد من ذلك بأن ضيّق على المزالين من الوظيفة الحكومية عندما حاولوا ولوج السوق الاسود – القطاع الخاص –  يستجدون الرزق من رب العباد ، ماذا كان يتوقع الدكتور صلاح مناع وماذا يرجو الاستاذ وجدي صالح من الخلايا النائمة لحزب الجبهة الاسلامية داخل مؤسسات الخدمة المدنية والشركات الحكومية وشركات القاطاع الخاص؟، إنّ إزالة تمكين الاسلاميين لن يتم بالخطب الرومانسية ولا بالمؤتمرات الصحفية المنعقدة بعد الساعة الثانية عشر منتصف الليل ، كما لا يمكن للحزب لايدلوجي ولا الكيان الحركي مسلح أن يقوم بهذه المهمة ، فقط مؤسسات القضاء المستقل يمكنها فعل ذلك.

 

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. الملاحظ ان اسماعيل عبدالله عند المد الثوري يكون ثوري على السكين وعندما يبدا المد الكيزاني يركب الموجة على طول ونفس الكلام ينطبق على الكوز السابق كما يدعي ونراه كوز ليوم الدين الصحفي عثمان ميرغني ومتى ما وجد احدهم فرصة لتشتيت الكورة من امام الثوار فعلها بوجل معتقدين انهم يلبسون طاقية الاخفاء الكوز كوز مثل ذيل الكلب الذي لا ينعدل

  2. بس انت لم تتحدث عن ظلم لجنة التمكين لالاف من الاشخاص على اساس حزبي أو كما قال ودالفكي انهم لجنة سياسية ولا يخجلون من ذلك.. في كتير ناس ظلموا واللجنة نفسها اعرتفت بذلك.
    عمل اللجنة كان سياسيى وليس قانونيا.
    واي شي يجافي العدالة مصيره الحتمي الى زوال،لأن الحقيقة لا تموت.
    هذا هو الاشكال الحقيقي للجنة، التصفية السياسية وليس العدلية!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..