السماسرة

هنادي الصديق
ما زالت أخبار زيادات السلع تتصدر أخبار الصحف السودانية دون أي تقدم في كافة وعود قيادات الدولة والحزب الحاكم، وهذا ما ذكرناه في أوقات سابقة بأن هذه التصريحات مجرد حديث للاستهلاك فقط، ولكسب المزيد من الوقت، ولا مكان لها على أرض الواقع. وبالأمس تناولت صحيفة (الجريدة) هذه الزيادات في تقرير مفصل وضَّح بالتفصيل الأسعار الحقيقية والأخيرة للسلع التي لم تعد في متناول المواطن العادي. فقد جاء في التقرير أن حجم الزيادات وصل لنسبة فاقت (300%) لبعض السلع خلال (10) أشهر.
وإذا أردنا تفنيد هذا الحديث نجد أنه من الصعب على الإنسان الطبيعي استيعاب ما يحدث، حيث أن السلع المذكورة تعتبر من الضروريات وليست الكماليات وتتمثل في اللحوم والسكر والزيت والصابون واللبن والعدس والشاي، وجميعها وصلت الزيادات فيها إلى أكثر من 250% وفي بعض السلع تجاوزت الزيادات حاجز الـ269% الشيء الذي يؤكد أن هذه الزيادت وصلت (للنخاع وليس العضم). وهي سلع أساسية وضرورية لا غنى للمواطن عنها، ويفترض أنها (إنتاج محلي) لا يحتاج (لحنك الدولار ولا استهبال الريال)، فالواقع الماثل لم يتحدث عن جبنة الدويم ولا جبنة الأبيض المضفرة والرومي (ذات الإنتاج المحلي)، وبالتأكيد لم تتطرق الدراسات لأسعار الحلويات ولا الشيكولاتة بأنواعها، ولا المياه المعدنية ولا الغازية، ولم تتطرق أيضاً للجاتوهات ولا كريم كاراميل ولا المايونيز ولا حتى المربى والطحنية. التي تعتبر كماليات.
الحكومة تترك الحبل على القارب للسماسرة وتجار السوق، وتصمت على ما يحدث إزاء هذه الفوضى الضاربة على كافة مفاصل السوق، وهو ما عزز فرضية احتكار هذه الفئة للسوق السوداني وتسببها بشكل مباشر فيما وصلت اليه البلاد من انهيار.
والآن نحن نسمع عن بشريات جديدة بضخ بترول الجنوب ولكن يجب ألا ننسى ولنبدأ سؤالنا عن البترول ومشتقاته، أين ذهبت عائدات النفط عندما كان السودان موحداً؟؟
السؤال الثاني، ماذا عن تجارة القمح، من الذي يحتكر هذه التجارة وهل فعلاً يتم استيراده من دول شرق أوربا (تسليم داخل الدولة البائعة) بأسعار تساوي ثلاثة أضعاف السعر الذي تستورده به جمهورية مصر (تسليم ميناء بورسعيد) مجرد سؤال؟
وما هي قصة سلعة السكر وما هي الجهة التي تحتكرها ومن هو المنافس الذي سخن السوق وأوصل الأسعار إلى ما هي عليه الآن. أما اللحوم فطبيعي أن تكون أسئلتنا عنها أكثر إلحاحاً خاصة ونحن الدولة صاحبة أضخم إنتاج في الثروة الحيوانية إن أحسنا استخدامها وراعينا فيها الله، من الذي يحتكر هذا السوق العالمي. ولماذا يظل السودان هو الأغلى من بين جميع الدول في أسعار اللحوم؟
الأسئلة بالتأكيد ستتواصل ولن نمل طرحها حتى يأذن الله في أمرنا، وسنواصل السؤال عن الأسمنت والعملة الحرة والفراخ والبيض، أما الدواء والطرق والجسور والمواصلات فهذه تحتل مساحة واسعة من أسئلتنا التي لن تتوقف قريباً، ونتمنى أن تجيبنا مؤسسات الدولة المعنية عليها، (فربما كنا مخطئين).
الجريدة