آلية العون الإنساني: (20)مليون سوداني يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي و(24.9)مليون في حوجة للمساعدات الإنسانية

على أعقاب الحرب التي اندلعت في 15 أبريل 2023 بالسودان بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تكبد السودانيون خسائر فادحة في الأرواح وخلّفت دماراً واسعاً في البنية التحتية في قطاعات خدمات الصحة والكهرباء والمياه والاتصالات والمصارف والبنوك والأسواق والنقل. ووفقا للتقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في 14 أكتوبر 2023 فإن عدد السودانيين الذين نزحوا من منازلهم إلى مدن السودان المختلفة أو إلى دول الجوار قد بلغ 5.5 مليون شخص وهو أكبر عدد للنازحين في دولة في العالم، منهم 1.1 عبروا الحدود كلاجئين إلى دول الجوارالمباشر وغير المباشر. وكنتيجة مباشرة للحرب 80 % من المستشفيات الواقعة في مناطق النزاع هي خارج الخدمة بالاضافة لتعاظم خطر الأوبئة في مناطق واسعة من السودان مع تدهور صحة البيئة وغياب التدابير الوقائية، وأن عدد الهجمات على المرافق الصحية قد تجاوز 60 اعتداءا منذ بدء الحرب وتسبب في مقتل 11 كادر من الأطباء والكوادر الأخرى وأصيب أكثر من 60 شخصاً جراء هذه الهجمات، ويواجه أكثر من 20 مليون سوداني خطر انعدام الأمن الغذائي يزيد من حدة هذا الأمر فشل الموسم الزراعي بسبب فقدان التمويل والمطلوبات الأخرى، 24.9مليون سوداني في حوجة للمساعدات الانسانية، وأكثر المناطق تأثراً بالحرب هي ولاية الخرطوم وولايات دلرفور وولايات كردفان
يمثل خطر إنهيار النظام الصحي وفقدانه القدرة على تقديم الخدمات الصحية العلاجية والوقائية وخطر إنعدام الأمن الغذائي وفقاً ل( Integrated Food Security Phase Classification) أبرز المخاطر التي تواجه السودانيين داخل السودان بينما يواجه اللاجئين السودانيين بمعسكرات اللجوء في دول الجوار والمقيمين في المدن بدول الجوار الصعوبات والإجراءات المرتبطة بالدخول والإقامة التي زادت من معاناتهم وضيقت عليهم بجانب ضائقة الحرب، بالاضافة للانتهاكات الجسيمة في حقوق الانسان، وبناءً عليه، فقد فرضت الحرب واقعا غير مألوفا على المواطنين، حيث أصبحت حياتهم صعبة للغاية بسبب النقص الكامل في الخدمات الأساسية والانهيار واسع النطاق لخدمات النقل والاتصالات والصناعة والأسواق والبنوك، مما يحتم وضع تدابير محكمة للتخفيف من وطأة الحرب ومضاعفاتها مع الدعوة الجادة لتوقفها فوراً.
المساعدات الانسانية المطلوبة:
لكل شخص الحق في تلقي المساعدة الإنسانية إذا كانت هناك حاجة إليها ، بغض النظر عن العرق أو الطبقة أو السياسة أو العرق أو الجنس أو أي عوامل أخرى تحدد الهوية. مبدأ الإنسانية يعني أننا يجب أن نسعى إلى معالجة المعاناة الإنسانية أينما وجدت ، مع إيلاء اهتمام خاص لأولئك الأكثر ضعفا. وتذهب مدونة قواعد السلوك الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر إلى أبعد من ذلك ، حيث تحدد الضرورة الإنسانية على أنها: “الحق في تلقي المساعدة الإنسانية ، وتقديمها … حيثما دعت الحاجة”.
ويجب أن تتسم المساعدات بأربعة مبادئ أساسية هي الانسانية وهي السعي لإنهاء المعاناة الانسانية أينما وجدت، وعدالة التوزيع والانصاف وهو ألا يكون هناك تمييز بين المتضررين في التوزيع وتكون الأولوية حسب الحوجة والامكانية، الحياد وهو التأكد من أن الاستجابة الانسانية لا تحابي أحد طرفي الصراع ولا تكون جزءا من صراع سياسي او اجتماعي او ثقافي، الاستقلالية حيث يجب أن تكون الاستجابة بطريقة لا تتأثر بالأهداف السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية.
وبناءً على تقييم الأمم المتحدة والتي حددت في 22 سبتمبر 2023 أن السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية تفوق 2.6 مليار دولار، وفق ما صدر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، بهدف تغطية الضروريات الملحّة وتتوزع على ثلاثة أشكال من المساعدات الإنسانية الضرورية:
– المساعدات النقدية المباشرة للمتأثرين بالحرب
– المساعدات الغذائية وغير الغذائية الضرورية
– توفير الأدوية والمستلزمات الطبية.
تكوين آلية العون الانساني:
في اجتماع المكتب التنفيذي لتحالف الحرية والتغيير بجمهورية مصر العربية – القاهرة بتاريخ 24 – 25 يوليو 2023، استعرضت الاوضاع الانسانية التي خلفتها الحرب وخرجت بقرار قاضي بتكوين لجنة للشئون الانسانية، وفي اجتماع القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري الذي انعقد بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا في يومي 14 – 15 أفسطس وفي استعراض الجانب الانساني أوصى الاجتماع بترفيع اللجنة إلى آلية للعون الانساني وأن تضطلع بمهام تسهيل وتنسيق وحشد المساعدات الإنسانية.
أهداف الآلية :
1. التخفيف من أثار وطأة الحرب
2. العمل على تسهيل عمل الدول والمنظمات التي ترغب في إغاثة السودانييين
3. تصميم وتنظيم آليات توصيل وعمل تدابير تمتاز بالشفافية والموثوقية وتضمن وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها.
4. السعي لتقديم العون للسودانيين الذين لجؤوا إلى دول الجوار المباشر وغير المباشر
5. تجميع وتنظيم جهود السودانيين داخل وخارج في العمل الإغاثي
محاور العمل:
أولاً: توصيل المساعدات
تشير التجربة العملية في السودان، إلى أنه من أصعب المهام هو التوزيع العادل والشفاف للمساعدات للمستفيدين، حيث لم تعد المؤسسات الحالية وغيرها من المنظمات في السودان لديها القدرة أو الكفاءة للمساعدة بشكل فعّال في تقديم المساعدات الإنسانية على النحو المطلوب. ونتيجةً لذلك، ولأن المانحين والهيئات الدولية لديها معايير صارمة متعلقة بالشفافية ووصول المساعدات إلى المستهدفين والتي تعتبر شرط أساسي في تدفق المساعدات، ولذلك حدوث أي خلل في هذه العملية سيؤثر على تصوراتهم وانطباعاتهم بأن المساعدات التي يقدمونها قد لا تصل إلى المستهدفين الحقيقيين، وبالتالي لن يتحقق الغرض الذي من أجله قدم المانحون هذه المساعدات الإنسانية.
نسبةً لغياب سلطة الدولة والفراغ الإداري الكبير وغياب لجهاز الدولة الإداري بعد الحرب تقترح الآلية هذا التصور عبر التدابير البديلة التالية:
آلية توصيل المساعدات وتشكل آلية دولية لتقديم المساعدات (تشاركية) بحيث تتكون من مؤسسات دولية مؤهلة فنيّاً في عمليات المساعدة الإنسانية وتحظى باحترام دولي لاستقبال وتوزيع المساعدات الإنسانية، بحيث يكون للمانحين والمنابر التفاوضية في الشأن الإنساني عضوية دائمة فيها (منبر جدة، مبادرة دول جوار السودان). ويمكن أن تضم الآلية المقترحة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات الاقليمية ذات الصلة والخبرة، ويأتي على المستوى المحلي شبكة المنظمات الوطنية غير الحكومية ذات الموثوقية والمصداقية وممثلي المجتمع المحلي (المدني والأهلي) والذين يتم اختيارهم بواسطة الآلية لتسهيل عملية التوزيع وضمان الالتزام بمبادئها المتمثلة في حياديتها وعدم استغلالها في دعم أطراف الحرب والشفافية في توزيعها، حيث يتم تحديد مهام واختصاصات هذه الآلية بشكل واضح، وتحديد أولويات المساعدات الإنسانية، والتواصل والتنسيق الفعال مع القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بصفتهم موقعين على إعلان جدة لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
1. يتعين على الآلية المقترحة تنسيق عملية تقديم المساعدات بشكل أفضل، ويتماشى بشكل متزايد مع أولويات السودان في الوقت الحالي، وتساعد كذلك في معالجة أوجه القصور المستمرة في نظام حوكمة المساعدات.
2. تساعد الآلية المقترحة في تحسين التفاعل على المستوى القُطري، من خلال خلق قنوات تؤدي إلى مزيد من الحوار والتنسيق بين الجهات المانحة والسودان كجهة متلقية للمساعدات في الوقت الحالي.
3. وفي هذا الشأن فقد تم الإطلاع على بعض التجارب الناجحة هذا الصدد. فعلى سبيل المثال في جمهورية تنزانيا يوجد إطار عمل مطور جيّدا للمساءلة المتبادلة بخصوص المساعدات المقدمة لهم، والذي يعتمد على عمل مجموعة المراقبة المستقلة التي تجري مراجعات كل سنتين لتقدم كل من المانحين والحكومة مقابل التزاماتهم المختلفة – مما يجعل كل من المانحين والمتلقين للدعم الإنساني مسؤولين عن وعودهم. وقد ساعد إطار العمل المذكور في تحسين فعالية المعونة والمساعدة الإنمائية بهدف تحقيق أثر إنمائي أكبر. وفي حال تم تطبيق هذا النموذج فيمكن أن يكون بديلا أمثلا للآلية الدولية المقترحة أعلاه في المستقبل المنظور، ولكن التحول لهذا النموذج يتطلب وجود مؤسسات مدنية فاعلة وحكومة لديها برامج وخطة عمل واضحة المعالم.
ثانياً: الرصد والمراقبة
مهام الرصد والمراقبة هي من المهام الرئيسية وهي من الشروط الضرورية لنجاح عملية التوصيل وتحديد المستحقين الحقيقين للعون الغذائي أو الصحي أو النقدي، وهو كذلك يأتي تغذية راجعة عن جودة التدابير والآليات المستخدمة في موضوع العون الإنساني. والمعالجات المطلوبة او التدخلات المطلوبة في حال حدوث أنحرافات او أخطاء. ومن هنا تأتي أهمية مرصد الوضع الإنساني والاغاثي كواحدة من الآليات المهمة في عملية العون الإنساني.
ثالثاً: قضايا اللاجئين
نتيجة لحالات النزوح الواسعة التي طالت السودانيين جراء الحرب، فإن فئة السودانيين الذين عبروا (لاجئين) إلى دول الجوار المباشر أو الاقليمي يعتبروا من أهم الفئات المستهدفة بالعون والمساعدة، فيما يلي قضاياهم المرتبطة بصورة رئيسية بعملية تسهيل دخولهم لهذه الدول ومعالجة مشاكل إقامتهم بها والدعم الذي يمكن أن يشملهم. وبناءا على ذلك فإن عمل منصة قضايا اللاجئين لحصر هذه القضايا والتحديات التي تواجههم يعتبر أولوية قصوى تساعد في تسليط الضوء وايجاد الحلول.