إنّه دينٌ للحياة

زمان مثل هذا

إنّه دينٌ للحياة

الصادق الشريف

? في إحدى خُطبه بمسجده بجبرة.. قال الدكتور عبد الحي يوسف: (هنالك مسغبة وجوع.. وفي هذه الأوضاع فإنّ الصدقة أهم من الجهاد).. لا فضَّ الله فاه. ? كثيرون مما قاله الرجل -وهو محسوب على المدرسة السلفية السرورية -وهي واحدة من المدارس السلفية المتكاثرة.. والتي لديها اجتهاداتها وأساليبها في إحداث التغيير.. وقالوا رُبّما دخل في مرحلة أخرى من مراحل حياته. ? ولكنّ الأجدر بالتدبر هنا هو أنّ الدين الإسلامي.. دين للحياة.. وليس لاعتزال الحياة.. أو تدميرها.. دينٌ يمسك بضعف الحياة ليقويها.. ويمسك بضلالها ليهديها.. وبسقمها فيربيها. ? والأمثلة على ما نقول لا تُعدُّ ولا تُحصى.. في القرآن والسنة (بل وفي أضراب السُنن الثلاث القولية والفعلية والتقريرية) .. وفي التاريخ الإسلامي. ? وحينما يشتدُّ الجوع بالناس.. وتكونُ الحياة على المحك.. تنتقل أولوية الدين لتصبح هي (الحفاظ على الحياة أولاً).. هدف جوهري لا يعلو عليه هدف. ? والمرجع الأساسي في الدين الإسلامي والذي لا يتوه عنه إلا هالك هو قاعدة (الحلال والحرام).. فالحلالُ بيِّنٌ والحرامُ بيِّنٌ.. والإثم يحوكُ في النفس.. فيعلمُ صاحبه أنّه آثم. ? ولكن حينما تكون الحياةُ على المحك.. تسقط تلك القاعدة الذهبية.. قاعدة (الحلال والحرام).. فيمكن للمسلم أن يرتاد الحرام.. فيفعل.. ويفعل.. إلخ.. وبترخيصٍ من ربِّ العباد.. (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). ? تسقط تلك القاعدة.. ولا يسقط انتماء الرجل إلى الإسلام.. بل يظلُّ مسلماً كاملاً صحيح الإسلام.. فقط يمرُّ بـ(ظروف حرجة). ? وفي قصص كثيرة فإنّ هنالك صحابة كراماً.. أرادوا العمل للآخرة.. واعتزال الحياة.. فحثَّهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم بألاّ ينسوا الدُنيا.. بل وعاتب أولئك الثلاثة الذين اجتهدوا في شأن الزواج والنوم والطعام.. فقال لهم معاتباً: (أما والله إنِّي لأخشاكم لله وأتقاكم له.. لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء.. فمن رغب عن سنتي فليس مني). القذافي.. عبرة جديدة ? بالأمس.. تسابقت الفضائيات لعرض صورة العقيد والرئيس السابق.. وملك ملوك أفريقيا.. والقائد الأممي معمر القذافي.. وهو مجرد قطعة لحم.. فاقدة للروح.. غير قادرة على الفعل.. لا يستطيع أن يهشُّ ذبابة عن أنفه الذي طالما رفعه كِبراً وتيهاً. ? مجرد جُثة مسجاة.. ما بكت عليها السماء ولا الأرض.. بل هلل لموتها أكثر أهل الأرض.. وكأني بملَكٍ مارٍّ بالمحتفين يقول: (وجبت.. وجبت). ? بالأمس لم يعد معمر القذافي من سكان الأرض.. أصبح ينتمي إلى عالمٍ آخر.. وتبقى على سطح الأرض (قذافيون) آخرون.. ليس بالضرورة أنّهم يحكمون شعوباً.. قد يحكم أحدهم بلدة.. أو شركة.. أو حتى يحكم بيتاً.. المهمُّ انّه يمارس (القذففة).. يُتفِّهُ رعيته.. يزجرهم.. يغشهم.. يجرذنهم.. ثمّ يموتُ كما تموتُ العير.. من التراب إلى التراب. ? وحتى كتابة هذا المقال.. لم أتأكد من صحة الحديث القدسيّ المنسوب إلى الله عزّ وجلّ: (الظالمُ سيفي.. أنتقمُ بهِ.. وأنتقمُ منه). ? اللهم اجعلنا ممن يرون آياتِك.. فيعرفونها.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..