مقالات وآراء

النيئ الى النار

محمد مهاجر

تنشط الوساطات هذه الأيام من اجل انقاذ بلادنا من الوضع المتردى الذى سببه انقلاب البورهان – حميدتى . وقد نشطت لجان المقاومة واشتد دأبها من اجل وضع برامج سياسية لقيادة الفترة الانتقالية . والملاحظ ان البرامج التي أنجزت وعرضت للنقاش العام من قبل الجمهور أظهرت كفاءة مميزة للجان المقاومة . هذه النتيجة تجعل من الضرورى ان يسعى الناس الى التفكير الجدى في الخطوة التي تتلو كتابة البرامج .

ان الحصيف هو الذى يتعلم من أخطاء الغير والعاقل لا يكرر أخطاء الماضى, لهذا فان من الواجب ان نطرح البدائل المجربة والفعالة والناجحة. وقد طرح الثوار عدة تصورات حول تشكيل البرلمان . وهذه المقالة تقترح ان يتشكل البرلمان من مجلسين, الأول هو مجلس النواب ويتكون من 299 عضوا ويكون ثلثاه من لجان المقاومة وبقية المقاعد توزع على قوى الثورة الأخرى بالتساوى على ان يراعى تمثيل مناسب للنساء والنقابات . اما المجلس الثانى فهو مجلس الشيوخ وعدد اعضاءه يساوى خمس أعضاء مجلس النواب, اى 60 عضوا, ثلثا هؤلاء الأعضاء هم من الأحزاب والنساء والنقابات والثلث المتبقى من لجان المقاومة. ان المقصد من اختيار مجلس الشيوخ ليس المحاصصة وانما الكفاءة, لان هذا المجلس يقوم بمراجعة التشريعات والقوانين التي يسنها المجلس الأول ويقترح التعديلات والبدائل. وبنفس الطريقة تشكل برلمانات الأقاليم على ان يترك لها تحديد عدد اعضاء المجلس بشرط الا يكون العدد الكلى للنواب اكبر من عدد أعضاء البرلمان الفدرالى.

ان المهام الرئيسية للبرلمان الفدرالى والبرلمانات الإقليمية هي مراقبة عمل الحكومة وسن القوانين إضافة الى اختيار رئيس مجلس الوزراء, ويشترط فيه ان يكون من بين أعضاء المجلس. إضافة الى هذا يقوم المجلس باختيار أعضاء مجلس الدولة, وعددهم ثلاثة من المدنيين, احدهم من شرق السودان والثانى من وسطه والثالث من غربه. هذا المجلس له مهام محدودة وهى تشمل تمتين العلاقات التجارية والثقافية والرياضية مع الخارج واستقبال السفراء ورؤساء وملوك الدول. ويحق لمجلس الدولة حضور الجلسة الأفتتاحية لمجلس النواب ومخاطبته. والغرض من مجلس الدولة هو ان يكون رمزا للدولة فقط ولا يتدخل في المهام التنفيذية ولا التشريعية ولا القضائية. وكل الأجهزة الثلاثة هي اجهزها مستقلة عن بعضها البعض.

ان المهام الملقاة على عاتق البرلمانات لكبيرة جدا, منها مراقبة عمل الحكومة واقتراح الحلول والبدائل الضرورية. ومن المهام العاجلة مساعدة مجلس الوزراء في انجاز اتفاقيات السلام وحل قضايا الحرب والسلام منذ عهد المخلوع البشير وتشمل قضايا الشهداء واسرهم , وكافة الضحايا والمفقودين والذين تعرضوا لانتهاكات حقوق الانسان, وكذلك يناط به اصلاح الجهاز القضائى والادارى والخدمة المدنية, واقتراح القوانين التي تساهم في دعم عمل لجنة إزالة التمكين وسن القوانين التي تبعد المؤسسة العسكرية تماما عن ممارسة العمل السياسى. ويقترح هذا المقال ان يكون وزيرا الدفاع والداخلية مدنيان اسوة بالدول المتقدمة. وفى حالة تعنت الجيش يمكن ان تلغى وزارة الدفاع برمتها او يصار الى تجميدها.

ان المهمة الأولى لرئيس الوزراء هي اختيار الوزراء ووزراء الدولة من شخصيات مدنية ذات كفاءة عالية في مجال عملها السابق والذى يشابه عملها الوزاري الموكل اليها لاحقا, ويتم هذا الاختيار بعد التشاور مع لجان المقاومة وقوى الثورة الأخرى, ويعرض المقترح على مجلس النواب الذى يصادق عليه بالأغلبية البسيطة او يرفضه. مثال اخر هو مشروع الميزانية العامة للدولة.

يقترح هذا المقال على استخدام تعبير مجلس الدولة وليس مجلس السيادة والدافع هنا هو التأكيد على ان السيادة هي للشعب, ولا يجوز لاى جهة او فرد ان يدعى امتلاكه حق السيادة على الشعب, واذا كانت هنالك اى مهام سيادية تؤديها اى جهة حكومية او شعبية فان القانون هو الذى يحددها ويحدد من يقوم بها وكيف يتم ذلك.

لقد حدثت أخطاء كثيرة أدت لاغتصاب العسكر للسلطة, هذا لا يعنى ان المد الثورى قد توقف, على العكس نجد ان الثوار  يعتبرون انها محطات يوظف زمن التوقف عندها من اجل المراجعة وتجويد العمل, والمثل يقول: “النيئ للنار”. والثورة مستمرة.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..