الوطنية.. الوطنية؟؟

٭ الأفق على امتداده يردد أصداءَ متداخلة ومتفاوتة اصداء من كل نوع.. اصداء الظاهرات الاجتماعية الغريبة على المجتمع.. اغتصاب الاطفال.. العنف الاسري.. التفكك الاجتماعي.. اصداء الاحداث السياسية ودلالاتها.. الفجر الجديد.. التكفير.. التلويح بالمحاكمات وبالحظر السياسي.. والاتهامات المتصاعدة بالخيانة والطابور الخامس.. غرقت في هذه الاصداء وبحثت عن مخرج.. لاحقني صوت صاحب الدكان وهو يقول لي ان سعر «جوال الفحم» 041 بالتمام والكمال.. استعذت بالله مددت يدي لكتاب امامي قلبته «يوميات هذا الزمان» فتحت صفحة بصورة عشوائية تسمرت عيناى امام عنوان.. ما هو معنى الوطنية؟ قلت لنفسي انا وقراء «صدى» نطالع ما كتبه الاستاذ أحمد بهاء الدين في ثمانينيات القرن الماضي.
«اننا نرى الحوار والاخذ والرد يبدو ببساطة بين عقليتين بوجه عام.. طرف يريد ان يستخدم اقتصاد البلد في رخاء فئة لا تزيد على سبعة في المائة.. وطرف يريد ان يستخدم اقتصاد البلد في تحسين احوال التسعين في المائة الآخرين او اكبر نسبة ممكنة منهم.
ً٭ ودعونا من كل النظريات والاتهامات والشوشرة الكاذبة ان هذا ببساطة هو محك معنى الوطنية.
دعونا من الذين يكتفون بحب مصر على امواج الاذاعة وشاشات التلفزيون والاناشيد الغنائية والمقاولات الغرامية.. اننا فقط نريد من هؤلاء ان يحبوا مصر في غير التمثيليات والخطب والمقالات والاناشيد نريدهم ان يحبوا مصر بان يحبوا شعبها فهذا هو الحب الاصيل وليس مجرد حبها لظلها الظليل وان يحبوا شعبها هو ان يكافحوا لكي يتعلم الطفل المصري احسن ويأكل احسن ويجد مرافق حياته التي صارت بدائية وبديهية كمواسير المياه والمجاري والمواصلات العامة والشوارع غير المدمرة موجودة.
٭ الوطنية اليوم بالممارسة لا بالاغاني والاناشيد والمهرجانات.. والمصرية هي الانتماء لمصالح شعب مصر الحقيقية لا بالتسلق على اكتافه والاستهتار بالامة ومنع اي كلام يتاجر بمعاناته ثم بالتلويح بالاعلام والهتاف الاجوف باسم مصر.. هذه وطنية القرون الوسطى وطنية المماليك الذين لم تكن مصر لهم الا قاعدة انطلاق وعزبة رخاء وجنود يقاتلون وفلاحون يكدحون لدفع ثمن السلطة.
٭ وطنية اليوم هي حب الوطن من خلال حب المواطنين لا من خلال تقديس الفرعون الذي يقسم المناصب والأرزاق.
هذا مع تحياتي وشكري

الصحافة