أخبار السودان

يراه البعض تجديداً لـ?الحرس القديم? والبيروقراطية، كما يشكل متاريس أمام طموح الشباب

القضارف ? حسن محمد علي
ليس مبكراً الحكم وتقييم التوليفة الجديدة للمديرين العامين لوزارات حكومة القضارف بعد استصدار كشف تعيينهم مؤخراً بواسطة والي الولاية، ميرغني صالح، فالذين تم تعيينهم لديهم رزنامة من الذكريات مع (مدونة) الحكم، بعضها سيء وبائس، وبعضها مشرق، وهي برأي البعض تكشف بُعد والي الولاية عن اختيار التشكيل المثالي رغم عدد سنواته في حكم الولاية، ودرايته باحتياجاتها في التنمية والخدمات والسياسة.
(1)
لا يكترث القيادي بحزب المؤتمر الوطني وعضو البرلمان عن دائرة القضارف الشرقية، علي عبد اللطيف البدوي، كثيرا للتغيير من باب أن وظيفة المديرين العامين في القضارف ليست ذات جدوى، فهو يرى في حديثه لـ(اليوم التالي) أنها تتمخض عن واجب يتعلق فقط بتصديق الوقود والتوقيع على لجان المشتروات، رغم تأكيده والحديث لعبد اللطيف، بأن منصب المدير العام ذو أهمية قصوى، ولا يبدو البرلماني متفائلاً بالقائمة الجديدة، بل يرى فيها مصادرة صريحة لطموحات الشباب المتطلعين للقيادة والمؤهلين، من واقع أنها شملت قيادات مما يطلق عليهم (الحرس القديم).
(2)
وكان الوالي ميرغني قد عين أحمد المصطفى لمنصب المدير العام لوزارة المالية، ومعتصم عبد الرحيم للرعاية الاجتماعية، وسعيد محمد النعيم أحمد لوزارة التخطيط العمراني، وحسن فضل المولى لوزارة التربية والتعليم، ومحيي الدين أبو عجاج للثقافة والشباب والرياضة، ومعاوية عبد القادر لوزارة الثروة الحيوانية، وهو التعديل الثاني خلال عهد الحكومة الحالية، فيما لم يمضِ بعض المديرين في وزاراتهم فترة تمكن من عملهم مثل وزارة التربية والتعليم التي كان يشغل مديرها العام الأستاذ سراج الدين مؤمن، لكن مضت آلة التغيير نحوه بعجالة استغربها المراقبون كون الأستاذ سراج من أميز المعلمين الذين قدموا في الإدارات التربوية والفنية عصارة جهدهم، ووصفه الكثيرون بأنه كان حلقة وصل بين الوزارة والمعلمين من الخارج، فضلا عن الثقة الكبيرة التي يتمتع بها في أوساطهم.
(3)
ويعود عضو البرلمان علي البدوي ليشير إلى أن التغيير كمبدأ مقبول، وهو مطلوب كونه يحقق الدماء الجديدة في العمل، كمرحلة حتمية لابد منها، لكنه يشير لرائحة الحرس القديم من ورائه خاصة في تعيين الأستاذ حسن فضل المولى لوزارة التربية والتعليم، فهو برأيه غير مقبول وسط المعلمين، كما أنه نال أكثر من دورة في العمل التنفيذي، وترأس اتحاد العمال بالولاية لعقدين ونيف، وينعته البدوي بأنه لديه رصيد من الخلافات، وكان الأجدى البحث عن شخصيات جديدة من أبناء القضارف وهم كثر برأيه، فيما يرى النائب البرلماني البدوي أن اختيار المدير العام لوزارة الثروة الحيوانية موفق بحكم جمعه بين العمل المهني والميداني وتجربته في القطاع الخاص، وبدا البدوي زاهدا من أن يقدم المديرون العموميون الجدد تجربة ناجحة أو مبادرات، ومراقبون ذهبوا أيضا في ذات اتجاه علي في اختيار مدير عام وزارة التخطيط العمراني ورأوا أن سنوات عمله لا تؤهله للمنصب، فضلا عن انقطاعه لفترة طويلة عن العمل الحكومي، وقالوا إنه خلافي وحاد وقد يصطدم بالوزير الذي لا يمثل حزبه السياسي، خاصة وأن وزير التخطيط قد أبدى تحفظه على التعيين.
(4)
ورغم ما صاحب التعيين الجديد من أصداء وردود فعل في القضارف، إلا أن عضو البرلمان علي عبد اللطيف يرى أنه مجرد (تحصيل حاصل)، ما عدا انعكاسه السياسي السلبي على قيادات حزب المؤتمر الوطني الذين يرون فيه تجاوزا لوثيقة الإصلاح والتغيير، بحكم أنه شمل شخصيات تقلدت عددا من المناصب بما فيها منصب وزير سابق، إلا أن الاختيار شملهم مرة أخرى، وينتقد البدوي أيضا القائمة من واقع اختيارات لضباط إداريين في المنصب، رأى أنهم ليسوا مناسبين لتقلد موقع المدير العام، وشدد على أن الاختيار كان يجب أن يشمل متخصصين في مجالاتهم، ورأى أن وظيفة المدير العام لم تواكب حتى الآن رغم اجتهادات الوزراء في كل الحقب الحالية والسابقة بالولاية.
(5)
لكن وزير مالية القضارف السابق والقيادي في حزب المؤتمر الوطني، الدكتور موسى بشير موسى، يرى أن قرار تعيينات مديري العموم الجدد، خطوة مقصودة لإصلاح حال الخدمة المدنية التي شهدت تراجعا غير مسبوق في تاريخها، حين غابت عن ممارستها أعمال القوانين والأعراف الراسخة، التي تجعل تبوؤ المنصب مبنيا على الجدارة وتقارير الأداء المهني بمعايير عادلة وصارمة، ويقول هذه المرة جاء التغيير جملة وتأنى متخذ القرار بعكس التعيينات السابقة التي كان يتم فيها التعيين بصورة فردية جعلت الخدمة أشبه بجبة الدرويش، وينوه إلى أن القرار هذه المرة استصحب موجهات برنامح إصلاح الدولة رغم العقبات التي تواجهه.
(6)
وطوال اليومين السابقين فإن كشف تعيين مديرين عامين بالقضارف قد لاقى الكثير من التداول في الأوساط الشعبية والرسمية، بحكم ما حوته القائمة من أسماء، وما يدركه الكثيرون بمكنون المعينين الجدد، لكن الرأي الغالب يؤكد أن التغيير على مستوى المديرين العامين مجرد تظاهرة سياسية، ولا تعبر إلا عن مرحلة جديدة تدخلها حكومة القضارف في مراحل التيه والبحث عن الذات، فمن غير الممكن انشغال الحكومة بتعيين مديرين عامين للوزارات فيما يشكل غياب نائب الوالي ووزير الصحة الدكتور الصادق الوكيل لأكثر من شهرين، والحديث عن استقالته أكبر علامة استفهام بجانب معتمد الرئاسة علي الهندي الذي غادر هو الآخر حتى دون إخطار الحكومة لمدة تجاوزت الآن الثلاثة أشهر.

اليوم التالي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..