مقالات وآراء سياسية

رد المال العام قد يختصمك فيه يوم القيامة ملايين البشر

محمد حسن شوربجي
ما لا يدركه المعتدون علي
المال العام هو ان حرمته تفوق كثيرا حرمة المال الخاص في الكثير من شرائع الدنيا ..
وهناك وفي تاريخ المسلمين الأوائل أمثلة مضيئة لخلفاء وصالحون احترموا كثيرا المال العام..
حتى أن بعضهم كان يتقي الطيب والعود الذي كان فى بيت المال من أن يصيبه منه نفع ولو عبر استنشاقه بغير قصد ..
فالمال العام اخوتي يختصمك فيه يوم القيامة ملايين البشر ..
فلا تمد يدك إليه وكن امينا عليه ما حييت ..
فالسطو على المال العام اخوتي يأخذ صورا كثيرة منها :
سرقة التيار الكهربائى ..
وسرقة قضبان السكك الحديدية ..
وسرقة اراضي الدولة ..
وسرقة كابلات الكهرباء ..
وسرقة أغطية البالوعات ..
وسرقة الاغاثات ..
وسرقة عائدات المشاريع ..
وسرقة سيارات الدولة واستعمالها ..
وسرقة وقود سيارات الحكومة ..
وسرقة وقت الدولة في ساعات الفطور والغياب ..
والكثير الكثير من السرقات التى تضيع بين الأخبار ..
والامر في السودان قد يكون غريبا وعجيبا ..
فلقد سرق بعضهم المئات من الاراضي ..
وسرق بعضهم مشاريعا زراعية ..
وسرق بعضهم خط هيثرو..
وسرق بعضهم مصانعا باكملها ..
فاصبحت ديارنا حزينة حد الكآبه ..
واستوطن الشقاء حياتنا حد الاختناق ..
وامتلأ الأسى عيوننا حد العمي ..
وذبلت من الجوى جفوننا حد الحزن ..
فلا فرحة وجدناها في افق قريب ..
ولا حلول لازمات على المدى البعيد ..
وحين تشريح وقائع حالنا وجدنا أنها تلك اللوبيات والمافيات ..
فكيف اخوتي نجعل من كل فرد في هذا الوطن حارسا للمال العام ..
وكيف نجعله يدرك ان حقوقه عرضة للسرقة في وقت وحين ..
فلقد قتلت الإنتهازية والنفعية كل مبادرات الروح الجماعية ..
كما تفشى الغش بكل أشكاله وألوانه ..
واصبح تقديم الخدمات مقرونا بالرشوة والمحسوبيه ..
وحقا فمن أراد أن يبني وطنا شامخا عليه أن يبني انسانا شامخا قبل كل شي..
وبدون تغييب لكل المعادلات التعليمية والأخلاقية الصحيحة في حياته ..
فحالة البناء تستلزم جهودا جبارة لتجهز مواطنا سليما معافى يستمد اتقاده الذهني من لياقته البدنية القائمة على توفير عناية صحية فائقة الجودة ..
فأولى أولويات البناء هو توفير الصحة والتي بدورها تحتاج إلى الغذاء المتكامل مقرونة بالعلم ..
لأن (العقل السليم في الجسم السليم) ..
وشكرا للشاعر الروماني “جوفينال” الذي قالها منذ أكثر من ألفي عام ..
فاتخذها الناس شعاراً حقيقياً وفكرة لا تقبل النقض ..
وقد أعجبتني قصة الروائي البرازيلي باولو كويلو وهو يحكي عن صبي مع والده ..
فقد كان الأب يقرأ الجريدة..
ولم يكف ابنه الصغير عن مضايقته ..
وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحوي على خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه وطلب منه إعادة تجميع الخريطة ثم عاد لقراءة صحيفته ظنا منه أن الطفل سيبقى مشغولا بقية اليوم ..
إلا أنه لم تمر خمسة عشر دقيقة حتى عاد الإبن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة!..
فتساءل الأب مذهولا : هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا؟! .
رد الطفل قائلا : لا ..
لكن كانت هناك صورة لإنسان على الوجه الآخر من الورقة ..
وعندما أعدت بناء الإنسان أعدت بناء العالم ..
فيا من ذرفت عيناه الدموع حزنا وألما على وطن يئن ..
ويا من تنفس قلبه حب السودان ليخرج زفيره غضبا على انسان يئن ..
ويا من ناح وصاح ليرتاح اهله ..
ويا من إصابته نوبات حزن لأزمة خبز ..
لكل هؤلاء نصرخ أملا في الخلاص ..
لا تتركوا جرح الوطن ينزف علي الدوام ..
لا تتقززوا منه ..
اصرخوا في كل الوجوه الكالحه لتكف عنه ..
اصرخوا في وجه القتلة والخونة والمنافقين والمتخاذلين والمهربين وتجار الدين ..
يقول فاروق جويده في رثاء الوطن :
قد عشت أسأل أين وجه بلادي؟؟ .
أين النخيل ؟ وأين دفء الوادي؟ .
لاشيء يبدو في السماء أمامنا غير الظلام وصورة الجلاد وحكايةٍ عن قلبِ شيخ عاجز قد مات مصلوبًا على المحرابِ
قد كان يصرخ : «لى إلهٌ واحدٌ هو خالق الدنيا .. وأعلمُ ما بى»
ياربِّ سطرت الخلائقَ كلهَّا
وبكل سطر ٍ أمة ٌ بكتابِ
الجالسونَ على العروش توحَّشُوا ولكل طاغيةٍ قطيعُ ذئابِ .
قد قلتُ: إن الله ربٌّ واحد
صاحوا:»ونحن» كفرتَ بالأربَاب ؟ .
قد مزَّقوا جسدى ..
وداسوا أعظمى ..
ورأيتُ أشلائى على الأبوابِ ..

[email protected]

تعليق واحد

  1. و يسرق بعضنا الأرض بالتعدى على الطريق العام بتسوير الرصيف أمام المنزل بسياج و ضمه لبيته، و التعلل عندما يسألون بأن الجيران فعلوا نفس الشيء!

    فقط قم بجولة فى الديم أو إمتداد الدرجة الثالثة أو الصحافة أو القَوْز أو الحلة الجديدة أو جبرة من أحياء الخرطوم فقط على سبيل المثال لا الحصر، و سيندى جبينك خجلاً.

    ياللعار.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..