الحلف السوداني/الجزائري وأحلام مستغانمي

هناك أحلاف شعبية تنشأ بصورة تلقائية بين الشعوب دون أن تعرف أسباب نشوءها وتخلقها على وجه الدقة ولا الميكانيزمات الفنية التى تشتغل بها غير أن الأمر الواضح هو المصلحة المادية والمعنوية من وراء هذه الأحلاف. من أهم الأحلاف الشعبية التلقائية عندنا وأظهرها للعيان هو الحلف السوداني الأثيوبي والأصح هو الحلف السوداني الأمهري على وجه الدقة. هذا الحلف الشعبي عنده تبادلات مادية وإجتماعية وثقافية تتجلى أكثر مما تتجلى في الأغاني والأشعار وعلاقة الرجل السوداني بالمرأة الأثيوبية والعكس.
إذ أن هذا الحلف غير متكافئ في جندريته فمن الناحية الأمهرية تقوده المرأة وحدها ومن الناحية السودانية يقوده الرجل وحده دون المرأة السودانية مما يكلل الأفق بحالة ريبة مسكوت عنها حتى الآن إلا من تململات صغيرة من جانب الأطراف المستبعدة عمداً وهما: المرأة السودانية والرجل الأثيوبي. نجد أدلة لهذا الزعم في الحياة اليومية من الطرفين المغيبين من هذا الحلف الفاره “الرهيب” الذي يتمدد كل يوم ويزداد ألقاً وبالذات في دول الخليج وداخل السودان وحتى في المهاجر الغربية. والسر أن المرأة الأثيوبية تحظى بحرية إجتماعية تجعلها مسئولة وقيمة على نفسها مما يسهل من حركتها ويكسبها حق الخيار الفرداني الحر في الضد من المرأة السودانية المسكونة بهاجس القبيلة. غياب المراة السودانية عن الحلف وفق تلك الأسباب قاد بشكل تلقائي إلى غياب الرجل الأثيوبي، وذاك ما حدد طبيعة وأهداف الحلف المدهش الحميم “المفضوح”!.
هذا الحلف “اللا جندر سينسيتيف” عنده قياداته الفنية والإبداعية والإجتماعية التي تربعت على قمته بصورة تلقائية تشبه إنبعاثه وتخلقه كما عنده تراثه الشعبي من تمجيد لأطرافه ذات المصلحة المشتركة.
وفي ثنايا كل ذلك تقوم المتناقضات والثنائيات التي يؤججها سلطان الحلف الجائر. فالمرأة الأثيوبية تكون مرة في صورة ملاك ومرة أخرى شيطان والرجل السوداني شهم وكريم وأمين ومرة أخرى خائن. وسبب تلك الثنائية هو تغييب أطراف حيوية عن الحلف مما يدعوها إلى الإشتغال من الخلف كجناح منغص ومكدر لصفاء التلاقي الحميم المؤزر بالبخور والعطور والقهوة والموسيقى وسد النهضة.
والحلف السوداني الأثيوبي من الوضوح بمكان لا يقبل الجدل غير أن أغرب الأحلاف هو الحلف السوداني/ الجزائري في بعض المهاجر!. الكثيرون ربما لا يعرفون تلك الحقيقة كون الجزائريين لا يتواجدون إلا في مناطق محددة حول العالم وتحديداً أوروبا الغربية “فرنسا وبلجيكا وألمانيا” وأقليات صغيرة بهولندا وبلدان غربية أخرى. الجزائريون والسودانيون في هولندا “مثلاً” متحالفون بشكل تلقائي People to people
يتقاسمون المأوى والطعام والشراب ويدافعون عن بعضهم البعض لحظة الملمات ولا يهم إن كان أحدهم ظالماً أو مظلوماً. وهذا الحلف حلف ذكورى بحت “حتى الآن” كون خلفيات التركيبة الإجتماعية “النفسية” لأطرافه شبه متطابقة.
لا أحد يعرف أسباب نشوء هذا الحلف العجيب ولكن لا شيء طبعاً يحدث دون أسباب ولو كانت خفية. وأقول “العجيب” لأن الجزائر ليست أثيوبيا أو مصر فلا تربطها حدود جغرافية مشتركة مع السودان ولا يوجد تبادلات واضحة للعيان من أي نوع بين الشعبين في المائة عام الماضية. ربما للأمر علاقة بالبنية الإجتماعية والنفسية للشعبين فهي متشابهة إلى حد كبير وتقوم في الأساس على الفروسية “أعني العشائرية” والغيب “التصوف” فالجزائري يشبه إلى حد كبير السوداني في إنفعالاته التلقائية بالأحداث وحماس منقطع النظير وشيء من العنف والدفء والكبرياء كما مثالب الإنحيازية العمياء إلى الجماعة.
وعندي إعتقاد أن ما كتبته الروائية الجزائرية الشهيرة أحلام مستغانمي في حق الأديب السوداني الراحل محمد بهنس يندرج في ذات مدارج الحلف الجزائري السوداني الشعبي التلقائي الزعم الذي تعضده ردود الأفعال التلقائية الكثيفة حيال الدموع المشعة التي بذلتها مستغانمي في الكلمات الناعية للفنان بهنس الذي مات بالقاهرة بطريقة غير عادية!.
السلام على روح بهنس الشاب المبدع الذي لفعه الموت اللئيم على حين فجيعة والتحية للكاتبة المبدعة أحلام مستغانمي.
والسؤال: هل لاحظ أحدكم من قبل هذا الحلف “السوداني/ الجزائري”؟. أما الحلف السوداني/الأثيوبي فهو أمر مسلم به، أليس كذلك؟.
محمد جمال
ملاحظة: هذه الآراء تقوم على مجرد ملاحظات خاصتي وليست بالضرورة بحث علمي.
صحيح تماما
ولان الاثيوبيين يشبهوننا ومننا وفينا
انا موظف في المنظمات الدولية وعملت في افريقيا واوروبا خلال هذه الفترات التقيت مع اناس من جميع القارات ولكن والله لسبب لا اعرفه عندما اجد جزائري او مورياني بشعر كاني مع سوداني وهم يبادلوني نفس الود والثقة والاحترام
ولا انسي العراقيون النشامي واليمن السعيد والصومال فهؤلاء بيننا الود والاحترام المتبادل وكذلك اخوتنا من تشاد والنيجر مالي
تحليل رصين. لاول مره الواحد يعرف اسباب الحلف الأثيوبي السوداني وعجبتني كلمة مفضوح.
انا اذكر ان الالاف التي حضرت من الجزائر لمساندة فريقها ضد منخب مصر قد عادت لبلادها بانطباع جيد عن الشعب السوداني واخلاقه وصفاته المميزة التي كانوا يجهلونها عكس (اخواننا)!!! المصريين الذين حبكوا دراما اعتداءات الجزائريين عليهم وساهم اعلامهم الداعر والساقط في تلك الملهاة والان تجد الحلف واضحا بين السودانيين والجزائريين في المواقع اللاليكترونية.. التحية لشعب الجزائر الاصيل..