السودان ضحية مصيدة أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية

طاهر عمر
كل المؤشرات تقول لنا أن السودان ضحية قد وقعت في مصيدة أزمة الثقافة العربية الإسلامية التقليدية وللأسف الشديد أن نخبه لم تنتبه الى ذلك البتة بعكس نخب عربية حاولت محاولات جادة في أن تجد مخرج من مصيدة أزمة الثقافة العربية الإسلامية التقليدية ولهم محاولات في نقل زاوية نظرية التاريخ من حيز المجتمعات المتقدمة وعلاقتها بالفلسفة النقدية للتاريخ ومحاولة إنزال مفهوم الديني التاريخي كنتاج لجهود فكرية عمقت علاقتها بالفلسفة النقدية للتاريخ متجاوزة الفلسفة المثالية منذ زمن إفلاطون والى لحظة تجاوز مثالية الفكر المدرسي المسيحي ومثالية الفلسفة الالمانية التي قد وصلت الى منتهاها في الهيغلية والماركسية.
يمكننا أن نضرب مثل بمحمد أركون ومحاولاته في تنزيل فكرة مفهوم الدين التاريخي في جهوده الفكرية ومحاولة توضيح ذلك في كتابه الفكر الأصولي وإستحالة التأصيل أو جهود هشام شرابي في توضيح فكرة أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية ومن نتاجها تسلسل الإختناقات السياسية والعجز الدائم في إنتاج إزدهار مادي لمجتمع عربي تصبح فيه الحرية مطلب جماهيري وعكسهما نجد إصرار النخب السودانية على التوفيق الكاذب ومحاولة التواطؤ مع الخطاب الإسلامي ونجده خطاب متواطئ مع الخطاب الديني حتى في دفاتر قادة اليسار السوداني الرث إبتداء من عبد الخالق محجوب ومحاولة بحثه لدور للدين في السياسة وتبعه محمد ابراهيم نقد وقد وصل لعلمانية محابية للأديان وهنا ينطبق فيهما ما قاله هشام شرابي عن جبن وتواطؤ اليساريين في العالم العربي والإسلامي وقد صادف وصفه لجبن أتباع اليسار وأنطبق على جهود كل من عبد الخالق محجوب ومحمد ابراهيم نقد في محاولتهما في التواطؤ مع الخطاب الديني في السودان.
والأبشع من موقف كل من عبدالخالق محجوب ومحمد ابراهيم نقد في تواطؤهما مع الخطاب الديني موقف الدكتور النور حمد في طرحه المتواطئ مع خطاب الإسلاميين وهو من هو ونقول ذلك لأن الدكتور النور حمد من تلاميذ الأستاذ محمود محمد طه والأستاذ محمود محمد طه يكاد يكون السوداني الوحيد الذي قدم خطاب فكري يقترب من مفهوم الدين التاريخي فكيف لم يلاحظه دكتور النور حمد وويقدم بدلا عنه فكرة المؤالفة بين العلمانية والدين؟ .
الغريب أن النخب السودانية متحمسة بطريقة مثيرة للضحك في تحقيق أزمة الحضارة العربية الإسلامية التقليدية على أرض الواقع حيث نجد أن الأخوان المسلمين قد وصلوا الى السلطة بإنقلاب الكيزان في السودان 1989 وحكموا لثلاثة عقود فضحت وكشفت ضحالة فكرهم وحماس النخب السودانية الطفولي حتى مقارنة بالنخب العربية حيث لم تحكم الجماعات الإسلامية في بلد آخر وقد سدت كل الطرق التي تؤدي لوصولهم للحكم وبعدها إنكشف قبح الجماعات الإسلامية في عشرية حز الرقاب في الجزائر وبعدها في قبح داعش والقاعدة وأقبح من داعش والقاعدة فعايل الكيزان في السودان والظاهر أننا نحتاج لعقود قادمة حتى يتخلص الشعب السوداني من كنس الاوساخ التي زرعوها في عقل الفرد السوداني وحتى الذي لم ينتمي الى قطيع خنازيرهم إلا أنه ممتلئ بفكر وحل الفكر الديني ولا يستطيع منه فكاك.
بل نجد حتى النخب السودانية التي خرجت الى العمل العام وقد تأثرت بمحل قد قضى على أساطير الخصوبة والنماء وأصبح الأذكى فيهم يرزح تحت عقل الحيرة وتسيطر على عقله الإستحالة بعد أن عشعش في عقولهم الخوف المرضي بسبب سيطرة وحل الفكر الديني لثلاثة عقود وقد أصبحت رؤية الكيزان هي التي تسد أفق الشعب السوداني حيث يسود جو الخلاص الأخروي وعقل القرون الوسطى الذي لا يؤمن بالعدالة والحرية.
الأديب الكبير الطيب صالح يكاد يكون قد وفق في وصف إستعجال الكيزان في حلمهم الكابوس حينما قال “أما ما زالوا يحلمون أن يقيموا على جثة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر وبلاد الشام و المغرب واليمن والعراق وبلاد جزيرة العرب؟ من أين جاء هؤلاء الناس بل من هؤلاء الناس” نقول للأديب الطيب صالح هؤلاء الناس هم من تحدث عنهم الفيلسوف الفرنسي ارنست رينان وقبل أن نكتب ماذا قال يجب أن نذكر بأنه من ورثة فكر الإصلاح الديني وأفكار النهضة بعكس فكر نهضة الامام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني حيث أصبح قياس صلاحية أي فكر جديد بالا يتعارض مع الفكر الإسلامي العربي التقليدي فكانت نهضة الامام محمد عبدو نهضة عرجة لم يستفد منها غير أتباع وحل الفكر الديني والمتواطئين معهم من كل شاكلة ولون ولم تنتج غير علاقة مأزومة بين المثقفين العرب والغرب كما يقول عالم الإجتماع الفلسطيني هشام شرابي.
وأصبح العداء الدائم للثقافة الغربية هو إنجاز المثقف العربي الإسلامي التقليدي خادم الثقافة العربية الإسلامية التقليدية وهي في أوج أزمتها ولم تنتج غير الإختلالات السياسية الدائمة والإختناقات الإقتصادية في مجتمع كاسد لا يعرف الطريق الى أفكار الحداثة وأفكار عقل الأنوار وعليه لم تزدهر في حيز الفكر في السودان غير أفكار أحزاب اللجؤ الى الغيب وأتباع الأيدولوجيات المتحجرة والمضحك ومحزن أيضا هذا المثقف التقليدي السوداني المأزوم التابع الى أحزاب اللجؤ الى الغيب يستعجل بإنقلابه الكيزاني في السودان وهو يظن بأنه خيرا عمل عندما إستعجل العودة الى ماضي الإسلام الذهبي وما درى بأنه قد فتح أبواب الجحيم.
وإستعجال الكوز السوداني بإنقلابه وهو يظن أنه عائد لماضي ذهبي ولخلافة في الخرطوم تبايعها بغداد ودمش والقاهرة كما قال الأديب الطيب صالح يدل على أن الكوز السوداني يعاني من أزمة ايمان تقليدي تفصل بينه والعالم الحديث وتثبت كل يوم بأن عقل الكوز ما زال في حيز عقل القرون الوسطى الذي ما زال لا يؤمن بالعدالة والغريب ها هو ولي عهد السعودية محمد بن سلمان في مشروع نقل السعودية أي مشروع 2030 يبعد رجال الدين المزعجين ويقول أن أفكارهم لا يمكن أن تتحقق في ظلها تنمية ولا نقلة نحو أفكار الدولة الحديثة وها هي تونس تنعتق من قبضة عشرية الغنوشي الفاشلة وتحل الجهاز القضائي الفاسد في تونس. والسؤال لماذا إستطاع المثقف التونسي فضح عشرية الغنوشي الفاشلة وقبلها لماذا أستطاع المثقف التونسي أن يجبر الغنوشي أن يقول بأنه سيفصل بين الدعوة والسياسة؟ .
وفي نفس الوقت يفشل المثقف التقليدي السوداني في إنجاح التحول الديمقراطي في السودان وخاصة أن ثورة ديسمبر كانت ثورة أطاحت بنظام كيزاني ديني وأن أغلب ثورات الربيع العربي أسقطت القذافي وصعد بدلا عنه الجماعات الإسلامية وأفشلت التحول في ليبيا ومصر صعد الى الحكم الجماعات الإسلامية وأفشلت التحول الديمقراطي وفتحت الطريق الى دكتاتور كسيسي مصر يؤسس لنظام حكم تسلطي وتونس أسقطت بن علي وصعد الغنوشي بعشرية إسلامية فاشلة وثورة السودان كانت أصلا ضد الكيزان وكان يجب أن لا تفشل في التحول الديمقراطي لو كان المثقف السوداني منعتق من إتّباعه لأفكار أحزاب اللجؤ الى الغيب لنجح في نقل الثورة الى درجة عالية تتيح إمكانية عقلنة الفكر وعلمنة المجتمع وتخلّص من أزمة حضارة إسلامية عربية تقليدية لا تنتج غير وحل الفكر الديني.
ما أود قوله أن ثورة ديسمبر أسقطت الكيزان من المفترض أن يكون إتجاه طريقها نحو عقلنة الفكر وعلمنة المجتمع ولكن كما قلنا أن المثقف التقليدي السوداني غائص في وحل الفكر الديني ولم يعرف الطريق الى الإنسانية التاريخية وإذا به يستدير ويتبع طريق الفشل لثورات الربيع العربي بعد أن سيطر على أفقها فكر الحركات الإسلامية الى درجة جعلت الكوز يتطاول من جديد ويحاول القفز على أثوار ثورة ديسمبر ويجلس مع الجالسين لأن الكوز وجهله لا يفكّر إلا في أنه ينبغي أن يشارك وبنفس فكره الكيزاني ولا يخطر بباله أنه يحمل أثقل سلسلة حملتها البشرية بسبب ايمانه التقليدي وغياب إدراكه لمفهوم الدين التاريخي وبالتالي يكون الكوز أول ضحايا ايمانه التقليدي وأكبر خدمة تقدم للكوز هو أن تخلصه من ايمانه التقليدي وهذا هو مضمون مقولة الفيلسوف الفرنسي رينان الذي ذكرناه في أعلى المقال.
وعليه أي مجاملة تسمح للكوز بالعودة الى الفعل السياسي هي بمثابة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لثورة ديسمبر وشعارها حرية سلام وعدالة ولا يمكن أن يكون الكوز جزء من الحل وهو يحمل أثقل سلسلة حملتها البشرية بسبب ايمانه التقليدي الذي يسوقة الى ترسيخ فكرة اللا عدالة واللا تسامح وكلها أفكار لا تنتج إلا من عقل القرون الوسطى الذي لا عقل غيره عند الكوز وقد بان في بؤس إدراكه خلال فترة حكمهم خلال ثلاثة عقود وفي حربهم العبثية مع صنيعتهم الدعم السريع.
وعليه نقول بأننا قد وصلنا الى رأي جون لوك في قوله وهو يؤكد إذا كان هناك مطلق واحد يجب الايمان به هو فكرة فصل الدين عن الدولة لأنه يؤكد بأنك لا يمكنك أن تتحدث عن التسامح في ظل الخطاب الديني أي دين. ومن هنا نقول للنخب السودانية وجب مفارقة التواطؤ مع الخطاب الديني وها هو ولي العهد السعودي يبعد رجال الدين من ساحة الفعل السياسي. وبالمناسبة لأول مرة يبعد الحاكم في العالم العربي رجال الدين وقد كانوا أداة موت في يد الدكتاتوريات العربية يستخدمها الدكتاتور لقتل الفلاسفة والمفكرين المحاولين نقل أفكار الحداثة وفكر عقل الأنوار وخاصة في الخمسة عقود الاخيرة وبعد تفشي فكر الاحياء الديني وفكر الصحوة الإسلامية وقد رأينا كيف كان ملك الأردن يقظ في تعامله مع الأخوان المسلمين في الأردن.
ومن هنا نؤكد بأنه لا يمكن إتاحة الفرصة للكيزان لأي سبب لكي يعيدوا كرتهم من جديد والأكيد أنهم ليس عندهم أي جديد ولن يقدموا لكم إلا الدم والعرق والدموع كما فعلت حماس في هجومها على إسرائيل وقد دفع ثمنه الشعب الفلسطيني ولكم في ايران ومقاومة الشعب الايراني لكابوس يجسم على صدورهم لأكثر من أربعة عقود عبرة .
“أسقطت القذافي وصعد بدلا عنه الجماعات الإسلامية وأفشلت التحول في ليبيا ومصر صعد الى الحكم الجماعات الإسلامية وأفشلت التحول الديمقراطي وفتحت الطريق الى دكتاتور كسيسي مصر يؤسس لنظام حكم تسلطي وتونس أسقطت بن علي وصعد الغنوشي بعشرية إسلامية فاشلة وثورة السودان كانت أصلا ضد الكيزان وكان يجب أن لا تفشل في التحول الديمقراطي لو كان المثقف السوداني منعتق من إتّباعه لأفكار أحزاب اللجؤ الى الغيب ”
هذا افطر تعميم سطحي طفولي شاذج لتعقيدات تاريخ قريب واحداث راهنة ؟؟؟
حسب هذا المنطق المعوج الاعرج … الجماعات الاسلامية هي التي اسقطت حكومة مرسي واتت بالسيسي وليس دولة واجهزة المخابرات المصرية هي التي اجهضت التحول الديمقراطي في مصر ..
قد يشعر الكاتب بالارتياج بركونه لمنهج الاعتماد الي تفسير التاريج ببوصلة السبب الواحد ولكن هذا الاسلوب لا يقجم معرفة ولا يخدم في استبانه الطريق الي الامام ..
فلنقاي شوف ليك شغلة ومشغلة اخري غير التهجم علي التحليل السياسي ببصيرة حاطب ليل .. او كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى !!
عبد الخالق ونقد سياسيين وليسوا فلاسفة. ان كان لابد من نقد الفكر السوداني دونك الاستاذ محمود محمد طه فو فيلسوف أكثر من انه سياسي.
شكرا استاذ طاهر عمر
مقال كامل الدسم، ولو أنك قد أضفت بضع سطور تشرح وتحلل اسباب هذا الانزلاق الفج فى مهاوى الدين التاريخى للمثقف السودانى ( احزاب اليمين) ومحاوله التوفيق بين الدين و العلمانيه من قبل ( احزاب اليسار) لكان ذلك أجدى.
ياريت فى مقالك القادم ان تكتب بهذا الصدد، لأنى مقتنع تماماً انه مازال هناك من يؤمن إيمان قاطع بالطرح الدينى كحل لكل أزمات الوطن ومنهم من يحيل الأمر برمته وبحماس صبيانى مدفوع بهوس دينى إلى الابتعاد عن الدين وشرع الله. مثل هؤلاء الذين تشبعت عقولهم بفتاوى حاشيه ملوك وخلفاء العهد الاموى والعهد العباسي من تجار الدين الداعيه بضروره الابتعاد عن (دار الفناء) والعمل ( لدار البقاء) سيكون من الصعب عليهم تغيير مواقفهم خصوصاً إذا كان الأمر مرتبط فى اذهانهم بكم هائل من الوعيد والتهديد بعذاب يوم القيامه وعذاب القبر والخروج من المله وموالات الغرب الكافر لمجرد مخالفة ما اتفق عليه فقهاء البلاط الملكى، او لمجرد إبداء رأى مثل طرحك هذا. لذلك ارى ان تكتب سلسله من المقالات فى ذات الموضوع تبداء بشرح الأسباب والتى احسبها سياسيه دنيويه بحته بدأت بعهد معاويه وتعمقت فى عهد الخلفاء العباسيين وتجذرت فى عصرنا الحاضر بظهور محمد بن عبد الوهاب وسيد قطب وحسن البنا.
شكرا مره تانيه على نشر الوعى.
ماذا انتجت الحداثة الغربية والعلمانية التى فصلت الدين عن الكنيسة التطور التقنى اظنك تراه مبلغ ماوصلت له الثورات الغربية ماذا على صعيد الاخلاق والفطرة الانسانية السليمة هل المثليه الجنسية والشذوذ هو مبلغ الحضارة الانسانية هل تظن ان هناك حرية حقيقية وديمقراطة وحقوق انسان هل حرية التعبير والمسيرات فى الغرب انقذت غزة من الموت والقتل ولو سلمنا ان حماس قتلت 1000 اسرائيلى هل من التحضر والانسانية الابادة التى تحدث فى غزه مقبولة عندك لماذا عجزت الامم المتحدة والدول العلمانية من ايقاف الحرب وما موقف العالم من الذى يحدث فى السودان بغض النظر عن الاسباب نحن نتحدث عن النتائج
لا يغرنك بريق الحضارة الغربية وشعاراتها الذائفة انظر ماذا انتجت على صعيد العدالة والحرية والمساواه بين بنى البشر فى الكوكب لاتحاكم الاسلام
فهو انتج حضارة كانت حجر الاساس لماوصل اليه الغرب فى كافة المجالات والعلوم فابن رشد والبارونى وابن خلدون والخ
العيب ليس فى الاسلام ولكن تسلط الغرب وتدخلهم فى شوؤن الدول الاسلامية ومباركتهم لحكم الطغاة
الاسلاميون ومن شايعهم هم من ليست لهم أخلاق البته، أوربا المثليه الجنسية َمعترف بها لكنها ونسبة لتطور الأخلاق فإنها في اضيق حدود ولاتساوي عشر معشار ما يوجد في بلاد الإسلام ودعاة الإسلام .
الأخلاق و المزايدة بالأخلاق هي الكذبة الكبرى التي يعتمد عليها دعاة الاسلام
حقو تخجل لما تكتب ماذا انتجت الحضارة الغربية والعلمانية.
يكفي أن تلك الحضارة قد أعادت للإنسان إنسانيته بإلغائها للرق اولاً وإبعاد أحكام الدين التاريخية عن الدولة.
لو لم تكن لتلك الحضارة حسنة غير تلك لكفتها.
مع كل احترامي للكاتب!! لكن يبدوا أن الكاتب ( سلفي علماني) لا يفقه في العلمانية شيء!! إذا ان الكاتب يريد ( علمنة المتجمع !! و وعقلنة الفكر) ، وهذان امران لا يتفقان مع طبيعة كليهما أي الفكر و المجتمع! إذا انه من المستحيل علمنة اي مجتمع وعقلنة اي فكر!! وإذا كان هذا هو مستوى فكر المثقفاتية أمثال الكاتب ، فلا عجب ان وصلنا إلى هذا الانحطاط ، لأننا نعيش بين مطرفة العلمانية وسندان الايدولوجية الدينية!!
مع كل احترامي للكاتب!! لكن يبدوا أن الكاتب ( سلفي علماني) لا يفقه في العلمانية شيء!! إذا ان الكاتب يريد ( علمنة المتجمع !! و وعقلنة الفكر) ، وهذان امران لا يتفقان مع طبيعة كليهما أي الفكر و المجتمع! إذا انه من المستحيل علمنة اي مجتمع وعقلنة اي فكر!! وإذا كان هذا هو مستوى فكر المثقفاتية أمثال الكاتب ، فلا عجب ان وصلنا إلى هذا الانحطاط ، لأننا نعيش بين مطرفة العلمانية وسندان الايدولوجية الدينية!!
بالعودة إلى تاريخ السلطنة الزرقا المكتوب والشفاهي نجد أنه كان هناك (فصل ما) ما بين الدين والدولة فلكلٍ فضاءتهما المختلفتان. كان الحكيم فرح ود تكتوك ينعي على المتسلقين تعلقهم بالسلطة بقوله:
يا واقفاً عند أبواب السلاطين
ارفق بنفسك من هم وتحزين.
وكان الفضاء العام مشغولاً بمؤسستين ، هما المسيد؛ بما يمثله من جانب روحي (عرفاني) ومعرفي والإنداية وما تمثله من جانب دنيوي متحرراً من القيود الاجتماعية وربما بسقف منخفض من الإلتزام.كلا
المؤسستين كانت لديهما ذات الشرعية في تناغم تام بل و(تغذي) إحداهما الأخرى.ف(التائبون) يؤبون إلى المسيد وصاحبة الإنداية تُخرج مريسة الشيخ وحيرانه بكل أريحية وكرم.
كان هناك أيضاً (بيت الزار) بما يمثله من طقس أفريقي محرراً لصويحباته من القيود الإجتماعية ملبياً ل(إحتياحات) حقيقية أومداعاة.