فيم نخشى المخدرات ونظام التعليم أخطر أثراً على العقول ؟

ثلاث عوامل ينبغي عدم إغفالها لأي متناول عن طبيعة التعليم وأثرها على العقول المراد بناؤها في ظل المنظومة الاسلاموية المتحكمة هي:
أولاً:- الخلفية الأساسية لثقافة النظام .فنحن أمام منظومة تعتد أيما اعتداد بثقافة السير والأخبار من جهة ،وحفظ الموروث المضاف إلى حفظ القرآن واكبر قدر من كتب السنة. ما يجعلها تصل إلى ذروة مبتغاها بإنشاء ما تسمى بالمدارس القرآنية. ما يجعل الخريج نسخة غير مطبوعة لهذا الموروث.
ثانياً:- طبيعة الاقتصاد الطفيلي الذي أدي إلى خلق طبقات جديدة.. لتمتد رغبة الاحتكار حتى إلى التميز الأكاديمي ..فبدا وبان الفرز حتى في المدارس الخاصة وكلفة عامها الدراسي التي تمد لسانها لذوي الدخل الضعيف .
ثالثاً :- الديكتاتورية وأثرها الذي يخترق المنظومة والمجتمع رأسياً وأفقياً. فلا البيت أكثر ديمقراطية من المدرسة ، ولا المدرسة بمختلفة عن الحكومة.ويكون الطالب المثالي هو المطيع .ولا مكان لمتمرد وإن تميز أكاديمياً في هذا التوصيف.
ويحق للمرء على ضوء ما سبق ، التساؤل عن نوع العقول التي تعد لمستقبل البلاد.
لا يحتاج المرء إلى كثير عناء ، ليدرك أنه العقل الذي يمثل نسخة مكررة من الكتاب المدرسي ..الذي يجتهد كل المتداخلين مع الطالب في تعليمه من بيت أو مدرسة عبر تدريسها ونظام امتحاناتها في صياغتها.وستجدون مظاهر متعددة تنتج عن ذلك ،منها:
1/حاجة الطالب إلى تكرار الدروس دون كلل. فقد يعجبه المعلم الذي يدرسه بالمدرسة ، فيدخل معه كورسات مع مجموعة نزولاً إلى الاستعانة به في المنزل عبر الدروس الخصوصية.أما إن كان من الذين يريدون عدم الاستعانة بالمعلم. فإنهم يكررون حل الامتحانات السابقة كلها لحفظ الأسئلة والأجوبة معاً.لذا لا عجب من نسب النجاح التسعينية للمائة الأوائل وغيرهم.ويتضافر ذلك مع ثقافة المشاهدة والاستماع التي تغلب على ثقافة القراءة .
2/ما يولده العجز عن الحفظ أو عدم الثقة في ذلك.بالاستعانة بمطبوعات و(بخرات) ومن واقع تجربتي ،استطيع أن أجزم انه لو طبقت لائحة الامتحانات في اعتبار محاولة الغش غشاً. لتفوقت نتائج الغش على نتائج النجاح.بل وحولت كل تقنيات العصر من حواسيب وماكينات تصوير لخدمة هذا السلوك.( ويتفهم!!) الكثير من أولياء الأمور ذلك!!
3/ عدم ترك الخيار للطالب في دراسة ما يرغب فيه . بتحديد مساره سواء أكان مباشرة أو عبر ترسيخ مفهوم تميز تخصصات تتناسب مع رغبات الأسرة ومركزها الاجتماعي . وأصدق تعبير عن أثر ذلك، ما كتبه طالب متميز في كلية الهندسة بقوله(لنا مع الدنيا شأن آخر بعد الخروج من سجن الهندسة!!)
4/ التفاوت المريع ما بين درجات الدخول للمرحلة التعليمية ونسبة الأداء فيها.فلن تعجب إن كانت نتيجة طالب في الشهادة السودانية أقل من سبعين في المائة ، في حين أنه قد كان فاقداً لأقل من عشرة درجات في شهادة الأساس.وذلك ناتج من التلقين طوال العام. ثم ما تسمى بحصص التركيز عشية الامتحان ، بل صبيحة يوم الامتحان بمبالغ طائلة.
5/ ( نجر النتائج !!) فللحفاظ على التواجد على نسبة التحصيل المرتفعة . يحول طلاب درسوا كل سنيهم في المدرسة، إلى مدارس أخرى ليجلسوا باسمها !!
إذن فمحصلة كل العملية التعليمية ، عقول بعيدة عن الابداع ، لا يرجى منها إحداث أي تغيير..فأي تدمير أكبر من هذا للعقول ؟ إنه لعمري تدمير لا تقوم به المخدرات.
لكن الحظ الجيد ، هو في الشبكة العنكبوتية . التي تعطي أبناءنا الاختيار. وإلا لاستعوضنا الله فيهم.
[email][email protected][/email]