حتى لا نلدغ من الجحر مرتين (3)

الارادة الشعبية هى مصدر السلطات..وهى صانعة الثورات ومن الخطل الوقوف ضدها او المساس بها..ومن يقف ضد ارادة الشعوب حتما مغلوب..لم نسمع يوما بادعاء حزب اوجماعة بالسودان انهم كانوا ضد ثورة اكتوبر او ابريل..وحتى من قزفت بهم ثورة ديسمبر المجيدة لمزبلة التاريخ كحال الثورات الشعبية دوما مع الانظمة والاحزاب الحاكمة.
.يدعون اليوم عبر تنظيمات النفاق التى صنعوها انهم ثوار يرغبون بتصحيح المسار..ويعبرون عبر الوسائط بطرق واساليب تدعو للرثاء والشفقة على حالهم وحال الوطن الذى اضاعوه بحكمهم له لثلاثه عقود كالحات من الزمان بهذا المستوى من الضحالة والانحطاط الفكرى.. والاخلاقى والانتهازية المقيتة للمناسبات والاماكن الدينية.. وحتى لمعاناة الناس والجوائح الصحية.. ويعزفون الآن على الوتر النشاذ عن دعم الامم المتحدة تحت البند السادس بدلا عن تركتهم التى اورثوها الوطن من القوات الاممية تحت البند السابع الاشد وطأة على المساس بالسيادة الوطنية التى يتباكون عليها بدموع التماسيح..
فثورة الوعى لن تسقطها الخزعبلات..فبرغم ضعف مردود كثير من من تقدم الصفوف بالحكومة الانتقالية ومجلسها السيادى ..وان بعضهم دون عشم الوطن وتطلع الثورة..ولكن لن تمر آليات الاصلاح الثورى لاخفاقاتهم عبر اصل الداء…ولانعاش ذاكرة من يمشون بين الناس بالادعاء الكذوب.. والذى اوضحنا بالحلقة الماضية جزئية جرد حساب الانهيار الاقتصادى خلال العقد الاول لحكم الانقاذ والذى بلغ به متوسط معدل الانهيار السنوى لقيمة العملة الوطنية اكثر من سبعة عشر ضعف..مقارنة مع الحادث اليوم والذى يصنعونه ويسودون الوسائط حوله لاجل استخدامه سلم تأليب لاغراض عودة حلم…رغم ان الانهيار لم يصل حتى اليوم لضعف ماكان عليه قبل الثورة …لاحظ الفرق ومع ذلك يتباكون على انهيار افضل من ماحدث بالمعدل السنوى خلال السنوات العشر الاولى من حكمهم بستة عشرة مرة ..
عقد الانقاذ وعتاب جرد الحساب
(٣) وهذه الحقائق الاقتصادية التى تمشى بين الناس بالاسواق ومواقع العمل والمستشفيات… والمدارس لايمكن دحضها لذلك يلجأ هؤلاء القوم لقاموس الانقاذ المعنوى الفضفاض الملىء بالمصطلحات ليحولوا به هذه الحقائق الاخفاقية البائنة الى انجازات عظيمة لدولة المشروع الحضارى فى اطار توجهها القاصد رغم كل العوائق التى تضعها فى طريقها قوى البغى والعدوان وعملائهم من العلمانيين ومايعترى المسيرة من اخفاق يعتبر ابتلاء يدل على صدق التوجه. والغريب ان بعض منظرى الجبهة القومية الاسلامية يعتبر ان التدهور الحادث لقيمة العملة الوطنية وما يعنيه من انخفاض قيمتها الشرائية وارتفاع مستوى الاسعار هو نتاج تضخم عالمى مصابة به كثير من الدول السودان من بينها. ويتضح خطأ هذا الادعاء اذا عرفنا ان قيمة الدولار مقابل الجنيه المصرى ظلت تتراوح خلال نفس الفترة بين ثلاثة و وثلاثة ونصف جنيه وظلت الليرة السورية تتراوح بين ٤٨_٥٥ مقابل الدولار طيلة العشرة سنوات وقد تصيب الحيرة الكثيرين اذا عرفوا ان سبعة من البر الاثيوبى ظلت تعادل الدولار طيلة عقد التسعينات وظلت السيقا التشادية خلال نفس الفترة تتراوح مابين ٥٠٠_ ٦٠٠سيقا مقابل الدولار ونحن حسب الاستراتيجية القومية الشاملة التى تنتهى سنة ٢٠٠٣ سنصير دولة السودان العظمى واذا درسنا الانحراف عن تحقيق الاهداف سنرى عجبا.
و ما يدعو للدهشة ان الانقاذ خلال ايامها الاولى كانت مصابة بهلع ر.فع المعاناه عن الجماهير بصورة دفعتها لتخفيض اسعار بعض السلع بلا مبرر منطقى بصورة اجبارية تحمل جرائها الكثير من التجار خسائر فادحة ستظل آثارها قصة فى حلوقهم.. واغلق كثير من التجار محالهم خوفا من خسائر البيع الاجباري وما كان من المقدم يوسف عبد الفتاح نائب والى الخرطوم حينها الا ان يصدر بيانا مقتبسا جزء منه من خطبة سيدنا عمر بن الخطاب لمشركى مكة عند دخوله الاسلام ونيته الهجرة من مكة للمدينة ( فمن اراد ان تثكله امه ويرمل زوجته ويؤتم اطفاله فليغلق دكانه )وتحسس كثير من التجار رقابهم وهم مع اطفالهم وزوجاتهم يشاهدون التلفزيون بذلك المساء،الخزين وبعد عشرة سنوات من حملات الانقاذ المضرية التسعيرية هذه والتى طالت حتى الشاى والسفنجات..اطلقت للاسعار العنان حتى الدواءوالسكر والصابون ولايوجد تموين ولاسلع مدعومة حتى ما ترغب فى دعمه تحمل تكلفة دعمه للمواطن بصورة مباشرة مثل تحميل اصحاب المواصلات نصف قيمة تكلفة الترحيل للطلبة وبطريقة غير مباشره وهنا ما اكثر الامثلة فعلى المواطن عند تعاطى اى خدمه عامة ان يدعم الشريعة وترعتى كنانة والرهد والسلام ولكنه لايرى ترعة كنانة ولا الرهد ولا يحس بوجود سلام اما تطبيق الشريعة نراه فى الهتافات وكلام المسؤولين فى التلفزيون و رغم الحديث عن رفع المعاناه عن الجماهير افرازات الواقع الاقتصادى جعلت المعاناه تكبر يوم بعد يوم حتى بلغت من الكبر عتيا وتطول وتتشعب وترمى بظلالها القاتمة على كل شىء حتى الخدمات الصحية التى كانت مجانية قبل الانقاذ..واصبحت مجانية التعليم ضربا من ضروب الذكريات الطيبة ..وضاع شعار رفع المعاناة عن الجماهير وصدق فعل رفع المعانا من الجماهير ..كل هذا وغيره هو نتاج طبيعى للسباحة عكس التيار وقيام نظام شمولى ذو فكر احادى بالعقد الاخير من القرن العشرين..هذا القرن الذى صارت فيه الشمولية مسخا مشوها فى جبين الفكر الانسانى الذى بلغ شاؤا بعيدا فى التطور افرازاته لا تعد وصار ت ضرورة سيادة النظام الديمقراطى التعددى امر لاتنتطح فيه عنزتان..واسلامنا قبل اربعة عشر قرنا اكرم انسانيتنا التى يناقض اكر امها النظام الشمولي الاحادى المتزمت..ولكن بطر السلطة يجعل الحكام يرون الاشياء بغير حقيقتها هكذا علمنا التاريخ.. وهاهو احد الذين تحرروا من بطر سلطة الانقاذ..العميد م. فيصل مدنى مختار يقول فى حديث لصحيفة الصحافة بتاريخ ١٩٩٩/٨/١٧ ان الحل كل الحل فى الديمقراطية..الحل الاشتراكى فى الديمقراطية..الحل الاسلامى فى الديمقراطية وكل الحلول فى الديمقراطية ولاحل غير الديمقراطية عادل محجوب على