ضباط شرطة متقاعدين يتهمون الشرطة بالتسبب في قتل المتظاهرين!!
حينما يصير البمبان رصاصاً!!

الخرطوم: مونتي كاروو
رجحت مصادر طبية وفاة محمد يوسف جوني عضو مبادرة شارع الحوادث بعبوة غاز مسيل للدموع، وهي حالة لا استثنائية في خضم التظاهرات التي تشهدها البلاد بانتظام منذ انقلاب البرهان في 25 أكتوبر 2021، فبخلاف حالات القنص بالرصاص والإصابات البالغة الناتجة من الرصاص الحي الموجه أو العشوائي، تظل حالات القتل بالإصابات المباشرة بعبوات الغاز المسيل للدموع على وجوه وصدور المتظاهرين حالات سائدة.
وقد رصدت مونتي كاروو عدداً من حالات القتل التي حدثت عن التأثر بالإصابة عن طريق عبوات الغاز المسيل للدموع (البمبان) وذلك خلال الفترة ما بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، ومن بينها مقتل بسام حسن جمعة (21 سنة)، وكان بسام قد أصيب بشارع القصر يوم 30 ديسمبر بعبوة بمبان في الصدر وارتقت روحه يوم 31 ديسمبر، و كذلك علي حُب الدين (26 سنة) يوم 9 يناير 2022 بعد إصابته بعبوة بمبان في العنق في ذات اليوم في مدينة بحري، و المعصوم بالله (16 سنة) ابن ضابط الشرطة العقيد هاشم عبد السخي بعد إصابته بعبوة بمبان في الرأس أصيب بها في مدينة بحري في موكب 9 يناير. كما رصدت مونتي كاروو إصابة ٣٩ متظاهر احتاجوا لتدخل جراحي، وثماني إصابات تسببت في استئصال إحدى العينين أو فقدان البصر في إحدى العينين.
وأتهم ضباط شرطة متقاعدين الشرطة ذاتها بالتسبب في قتل المتظاهرين، حيث قال قيادي سابق في الشرطة لمونتي كاروو- فضل حجب اسمه- أن رجال الشرطة في الميدان يمارسون أفعالاً تؤدي للإيذاء الشديد الذي ينتج عنه الموت وأضاف أن هذا يدخل الشرطة والقوى الأمنية المتواجدة في الميدان في دائرة الاتهام بالقتل العمد وشبه العمد ولا يمكن اعتباره قتلاً خطأ على الإطلاق، لأن ” القتل الخطأ ينتج عن فعل لا إرادي وهو ما ينتفي في حالة مواجهة المتظاهرين”، بل تؤكد عكسه مشاهد الضرب العنيف وطرق الاعتقال في الشوارع والتعسف في مواجهة المدنيين ومحاولات تفريقهم بالقوة، وطريقة اقتحام المؤسسات المدنية مثل المستشفيات والبيوت، هذا مع بروز اتهامات متواصلة ومتكررة ضد القوى الأمنية باعتيادها على نهب متعلقات المتظاهرين وترصدهم للمواطنين في الطرقات من أجل سلب ممتلكاتهم.
وفي إفادة مطولة قال قيادي سابق في الشرطة لمونتي كاروو: (من المؤكد ان إطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع لها طريقة معينة ولا يتم إطلاقه مباشرة في خط مستقيم في مواجهة التجمعات والطريقة الصحيحة أن يطلق إلى أعلى لتنزل العبوة من أعلى إلى أسفل حيث أن إطلاقها مباشرة ومن مسافة قريبة يمكن أن تحدث ضرراً كبيراً باصطدام علبة العبوة بوجوه المتجمعين أو صدورهم.. الأفراد الآن أصبحوا يتصرفون كما يشاؤون دون انضباط ويمكنهم إطلاق العبوات بطريقة عشوائية دون رقيب أو انصياع لقادتهم ودونك عمليات النهب والسلب التي يقوم بها الأفراد وسط المواكب دون وازع. للأسف الضباط الموجودون في الميدان شخصياتهم ضعيفة ويفتقدون كاريزما القيادة ولذلك الأفراد يتصرفون بعنجهية بالإضافة لتعدد القوات (شرطة وأمن ودعم سريع وجيش) تنتج عن ذلك حوادث القتل المتعددة والمتكررة واستخدام الذخيرة بلا ضوابط وبالطبع هذا الهرج والمرج واختلاط هذه القوات الهجين يجعل المسرح متاح أيضاً لأي مندس أن يقوم باستخدام الأسلحة وممارسة القتل من الداخل.
واضاف القيادي الرفيع بالشرطة “من المفترض أن تتم مراجعة كل من يطلق ذخيرة دون ضوابط ومعرفة القتلة وهذا أمر هام وضروري إن توفرت الإرادة. من المؤسف أن يصبح القتل واستخدام الذخيرة الحية أمراً عادياً ويمر دون محاسبة أو مراجعة. استمرار هذا المشهد سيجعل الانفلات الكامل أمراً حتمياً وسيظهر العنف المضاد وكذلك تعود الأفراد على القيام بالنهب والسلب سينتقل إلى الأحياء والأسواق ليكون أمراً عادياً ودون وجود مواكب أو تجمعات فمن يمارس ذلك مستغلاً زيِّه الرسمي لن يتوقف عنه وسيصبح بالنسبة له مصدراً للحصول على المال وسيصعب عليه التخلي عنه. كل عمليات الاعتداءات الجسدية المفضية للموت أو الأذى أو النهب والسلب ان لم تتم المحاسبة عليها ستستمر وبصورة اكثر وحشية وكذلك من البديهي من امن العقاب ان يتوقف عن هذه السلوكيات.
وكان عدد من المصابين عن طريق عبوات البمبان قد ارتقت ارواحهم بعد ساعات من الإصابة، وبعض المصابين أعيقوا بشكل دائم بفقدان الأطراف أو بفقدانهم لأعضاء مثل العيون والأنوف أو شج الفكوك.
وتضيف مصادر قانونية أن القتل عن طريق عبوات الغاز المسيل للدموع خاصة إذا تم استخدامه من جهات غير مدربة يعد سابقة خطيرة في مواجهة التظاهرات، ويدخل جميع القوى النظامية وقياداتها في الميدان أو مصدري الأوامر في دائرة الاتهام، طالما أن نتائج ذلك معلومة وموثقة وهي فقدان المتظاهرين لحياتهم.
مونتي كاروو