زيارة ومتابعة.. القاهرة تشارك في اجتماعات سد النهضة لإثبات حسن النية في المفاوضات.. ولكن لا تزال خلافات حول التقرير الاستهلالي ومطالبات بحسمها على المستوى السياسي

القاهرة ? صباح موسى
زار وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا موقع سد النهضة صباح أمس (الثلاثاء)، وذلك على هامش المشاركة في الاجتماع الوزاري للجنة الفنية الثلاثية المعنية بمتابعة إعداد الدراسات الخاصة بالآثار المحتملة لسد النهضة على دولتي المصب، ومناقشة وحسم ما تبقى من النقاط الخلافية الواردة في التقرير الأولي والاستهلالي للمكتبين الاستشاريين الفرنسيين حول آلية عمل المكتب خلال فترة تنفيذ دراسات تأثيرات سد النهضة على الأمن المائي المصري والسوداني، والزيارة هي نتيجة ما اتفق عليه وزراء الخارجية والري، خلال اجتماعهم السداسي الذي عقد بالخرطوم في ديسمبر 2015 الذين اتفقوا على القيام بزيارة وزارية لموقع السد، وتمثل هذه الزيارة الثانية وفق هذا القرار.
مستجدات البناء
واطلع الوزراء الثلاثة خلال زيارتهم أمس إلى مبنى السد على مستجدات عمليات البناء في موقع السد، حيث تم رصد الموقع من 6 نقاط داخل جسم السد وخارجه، وعند حدود بحيرة التخزين الملحقة بالسد أمام السد المساعد، واستمع الوزراء إلى شرح المهندس التنفيذي للمشروع سيمنيو بيكيلي، الذي أوضح فيه نسب البناء التي تم الوصول إليها في الجانبين الأيمن والأيسر من جسم السد الرئيسي، والسد المساعد والتجهيزات التي تجرى لتأهيل بحيرة التخزين الملحقة بالسد المنتظر أن تتسع لتخزين 74 مليار متر مكعب من المياه. وأضاف مدير المشروع أن إثيوبيا حريصة على ضمان تلبية احتياجات البلاد من الطاقة والدفع بتحقيق التنمية الاقتصادية، مع حرصها الشديد على تحقيق المنافع لدول الحوض. وفي سياق الزيارة الرسمية التي قام بها الوزراء، أقامت إثيوبيا احتفالات في موقع السد بمناسبة عيد العلم الإثيوبي. وأكدت وكالة الأنباء الإثيوبية، تعهدات وزير المياه الإثيوبي سيلاشي بيكيلي بالالتزام باتفاق المبادئ وإنجاز الدراسات من أجل تنفيذ توصيات تقرير اللجنة الدولية للخبراء.
خلافات حول التقرير
وكان الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري المصري، قد كشف قبيل زيارته الحالية لإثيوبيا عن وجود خلافات بين مصر والسودان وإثيوبيا على بعض النقاط الأساسية في التقرير الاستهلالي للمكاتب الاستشارية المعنية بتنفيذ الدراسات الفنية لسد النهضة. وقال عبد العاطي لـ ( اليوم التالي) إنه يوجد تشاور على المستوى السياسي لإيجاد مخرج لهذه المشاكل، مضيفا ?ننتظر حتى نعرف سنصل إلى أين، وأنا لا أفضل أن أصرح في أشياء لم تنته، وعندما ننتهي سنتكلم?، نافيا وجود تعتيم إعلامي وإنما هناك مفاوضات تتم بين 3 دول يحاولون حتى الآن التوافق على نقاط في التعاون الذي ينقلهم خطوة للأمام، مؤكداً أنه ?لا يوجد تدخلات دولية لحل الخلافات، لكن هناك تفاوضاً قائماً بين الدول الثلاث، ونأمل أن يكون هناك تقدم?، موضحا أن سفير مصر لدى إثيوبيا التقى رئيس الوزراء الإثيوبي قبل يومين للترتيب لعقد اجتماع اللجنة العليا بين مصر وإثيوبيا نهاية الشهر الجاري في القاهرة، متمنياً أن تسهل الأمور في هذا الشأن، كما أوضح أنه لا يوجد جديد في اتفاقية عنتبي، مؤكداً أن القاهرة مستمرة في تجميد أنشطتها بالمبادرة. وقال إن ?هذه الاتفاقية غير عادلة بالنسبة لمصر، وبالتالي لسنا مضطرين لقبول اتفاقية فيها ظلم، ولدينا إتفاقيات كافية تحقق حقوقنا?، مضيفا أن هناك تعاوناً بين دول حوض النيل في المجالات كافة وتبادل للزيارات، مشيراً إلى زيارة وزيرة المياه لجنوب السودان للقاهرة، وقال إن كان من المفترض أن يحضر وزراء دول أخرى لكن ظروف بعضهم حالت ظروفه فتم تأجيلها، بالإضافة إلى أن هناك زيارات متوقعة خلال الشهر الجاري ونوفمبر القادم، وعندما يتم تأكيدها سيتم الإعلان عن مواعيدها. واختتم عبد العاطي تصريحاته لـ (اليوم التالي) قائلا إن السدود كافة التي تقام في السودان تتم بالتشاور مع مصر، مؤكداً أن هناك تشاوراً لعقد اجتماع الهيئة الفنية المشتركة بين مصر والسودان، خلال الفترة المقبلة.
حسن النوايا
وفي القاهرة، أوضحت مصادر مصرية مطلعة، تشارك في الاجتماعات، أن مصر ستركز خلال الاجتماعات على محور أساسي، وهو التزام إثيوبيا باتفاق المبادئ والاشتراط على عدم الإقبال على ملء السد من دون الاتفاق بين مصر والسودان على آلية التشغيل، وقواعد وسنوات الملء، كما علمت (اليوم التالي) من مصادر مصرية قريبة من الملف أن اجتماع وزراء الري في إثيوبيا لن يكون إلا في إطار إثبات حسن النوايا من الجانب المصري، بالالتزام بالمفاوضات ومحاولة إنجاز الدراسات في أسرع وقت بعد مرور عام على توقيع العقود الفنية مع المكاتب الاستشارية في سبتمبر من العام الماضي. وأضافت المصادر أن المشكلة الأساسية والخلافية في تقرير المكاتب الاستشارية الآن يجب حسمها على الصعيد السياسي، حيث أنها تتعلق برفض إثيوبي لبنود تتعلق بأمن مصر المائي وحقوقها التاريخية في مياه النيل، ولا يمكن للفنيين تخطي هذه البنود، لأن استمرار الدراسات وخروجها بنتائج من دون وضع الحقوق المصرية في الاعتبار لن يكون له نفع.
وأوضحت المصادر أن القاهرة لا تزال حريصة على إنهاء الخلافات الفنية والتوصل إلى صيغة فنية معا للشركات الاستشارية إيمانا منها بأهمية المسار الفني لحسم مسألة التخزين والتشغيل لسد النهضة.
الدراسات الفنية
يذكر أن الدراسات الفنية لسد النهضة تستهدف وضع أسس استرشادية لقواعد الملء والتخزين بما لا يؤثر في معدلات تدفق المياه في مجرى النيل الأزرق، فضلا عن عدم إلحاق الضرر بالسدود المقامة على مجرى النهر أو نظم تشغيلها، من خلال الاتفاق على النماذج الرياضية التي سيتم استخدامها في دراسة حركة سريان المياه لدولتي المصب خلال مواسم الجفاف والأمطار لضمان دقة النتائج، ووضع قواعد الملء للخزان وفقا للمرحلة التي يمر بها الفيضان في الهضبة الإثيوبية وقواعد التفريغ للخزان، بالإضافة إلى دراسة تقييم الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي بما يساهم في وضع خريطة مائية للسدود المقامة على النيل الشرقي، وظلت الاجتماعات الفنية والسياسية بين الدول الثلاث، بعد توقيع إعلان المبادئ بالخرطوم في 2015، مستمرة، تشهد حالة من الشد والجذب في محاولة لاختيار المكتب الفني الذي سيقوم بتنفيذ الدراسات المطلوبة، وتم توقيع عقد تنفيذ الدراسات مع المكتب الفرنسي، واتفقت الدول على الانتهاء من تنفيذ الدراسات الفنية للسد في فترة لا تتجاوز 11 شهراً من التوقيع، إلا أن العمل الفعلي للمكتب بدأ في فبراير الماضي، بسبب الخلافات بين الخبراء الفنيين على التقرير الاستهلالي المقدم من المكتب، ومر الآن ما يقرب من 13 شهراً على توقيع عقود تنفيذ الدراسات الفنية (المائية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية) للسد الإثيوبي مع المكتبين الفنيين الفرنسيين دون الانتهاء من تنفيذ الدراسات المتفق عليها بسبب الخلافات التي عقدت لها عدة اجتماعات على مستوى الفنيين في الدول الثلاث، لكن دون حل.
اليوم التالي.