الأحزاب السياسية والدور المغيّب !؟؟

الأحزاب السياسية والدور المغيّب !؟!
د.فائز إبراهيم سوميت

أمين عام حزب المستقلين القومى التلقائى
إعتذار :
( اقدم الإعتذار لقارئ الراكوبة الحصيف لإنبتار الجزء الأكبر من المقال نسبة لحمى الفايروس التى أصابت جهازى , فى صمة خشمو , أكرر إعتذارى للقراء الكرام ) ..
مدخل أول :
كأي مفهوم من مفاهيم العلوم الاجتماعية ، تتعدد التعريفات المختلفة للأحزاب السياسية ، على أنه ومن واقع النظر لهذه التعريفات ، يمكن الإشارة إلى أن الحزب السياسي هو : ( اتحاد بين مجموعة من الأفراد ، بغرض العمل معاً لتحقيق مصلحة عامة معينة ، وفقاً لمبادئ خاصة متفقين عليها . وللحزب هيكل تنظيمي يجمع قادته وأعضاءه ، وله جهاز إداري معاون، ويسعى الحزب إلى توسيع دائرة أنصاره بين أفراد الشعب ) .
وتعد الأحزاب السياسية إحدى أدوات التنمية السياسية في العصر الحديث . فكما تعبر سياسة التصنيع عن مضمون التنمية الاقتصادية ، تعبر الأحزاب والنظام الحزبي عن درجة التنمية السياسية في النظام السياسي .
وقد :
حافظت الأحزاب السياسية على أهميتها بالرغم من تطور مؤسسات المجتمع المدني ، التي اكتسب بعضها مركزاً مرموقاً على الصعيد الخارجي من خلال التحالفات عابرة القومية ، ولكن تلك المؤسسات لم تستطع أن تؤدي وظيفة الأحزاب في عملية التداول السلمي للسلطة ، إضافة إلى وظائفها الأخرى في المجتمع .
مدخل ثان :
مهام الحزب السياسى :
تقوم الأحزاب السياسية بعدة مهام رئيسية في الحياة العامة ، وهي مهام تختلف حسب النظام الحزبي القائم ، لكن أهمها على وجه العموم هي : –
1- تنظيم إرادة قطاعات من الشعب وبلورتها .
2 ? توفير قنوات للمشاركة الشعبية والصعود بمستوى هذه المشاركة إلى درجة من الرقي والتنظيم الفاعل ، بشكل يسهل للأفراد طرح أفكار واختيار البدائل للتفاعل السياسي . وبمعنى آخر ، أن مهمة الأحزاب هي سد الفراغ الناشب عن إحساس الهيئة الناخبة بالحاجة للاتصال مع الهيئة الحاكمة .

3 – الحصول على تأييد الجماعات والأفراد ، بغية تسهيل الهدف المركزي من وجود الحزب وهو الوصول إلى السلطة والاستيلاء على الحكم بالوسائل السلمية . وفي هذا الشأن تقوم الأحزاب باختيار مرشحين لها في الانتخابات لتمثيلها وتحقيق مبادئ محددة (هي مبادئ الحزب) ، وإدارة كيفية الرقابة على الحكومة ، وتشريع ما تريده من قوانين ، لأن الأفراد لا يستطيعون بمفردهم القيام بهذا العمل ، لا عن عجز ولكن لعدم توافر التنظيم و المعلومات اللازمة للقيام بذلك .
مدخل هام :
منذ إنطلاقة الحوار الوطنى فى العاشر من أكتوبر الماضى , راحت الأحزاب السياسية فى إجازة مفتوحة المشاركة فيه وغيرها ? أعنى أنها تركت ساحتها التى تخصها وهو إلتزامها تجاه قواعدها الجماهيرية التى دفعت بجزء كبير من قيادات تلك الأحزاب المشاركة فى الحوار وحتى غير المشاركة إلى البرلمان ? المجلس الوطنى ? إذن هناك إلتزام سياسيى أخلاقى تجاه تلك القواعد , حيث إتجهت متجاهلة كتلها الجماهيرية ناحية الحوار الوطنى وإنشغالها بمحاوره الرئيسة , والتى كان من المفترض أن تكون جزءا من أجندتها التى تواجه بها الحزب الحاكم , إذ أن كل ما جاء فى أجندة الحوار الوطنى بما فى ذلك ما طرحته الحركات المسلحة , كانت تشكل جزءا كبيرا من أجندة القوى الحزبية المتهافتة فى تكتلاتها المحمومة تلك بحثا عن مناطق الإرادة السياسية لأبناء السودان لتفتيها بالتهميش تارة والذى كان يقصد به قوى بعينها بينما أخذته الحركات المسلحة كخطاب سياسى للمناورة والإلتفاف حول تللك القوى , وتارات كثيرة بالعبث المؤسس لأجهزة الدولة فى الدخول فى صراعات مستمرة معها , وهى تسعى سعيا حثيثا للإستيلاء على مفاتيح المداخل الإقتصادية بنهم , فى حين أنها تشارك بشكل فعلى فى تشكيل خارطة سياسية جديدة للبلاد . والشاهد أن المساءلة ليست حوارا أو معارضة بقدرما هى محاصصة تعود فى النهاية إلى برمجة معينة تمليها قوى معينة فى البلاد .. وقد إنهمكت كل تلك الأحزاب تعالج إن كنا مثاليون , فى جراحات الحوار الوطنى .. لقد طراءت وقادة الأحزاب منهمكة , الكثير من الأحداث فى الساحة السياسية , عالجها الحزب الحاكم لوحده اذ كانت تتطلب وجود فاعل لقوى الأحزاب : فتم تمرير الكثير من القوانين من خصص البرلمان دون أن تبدى الأحزاب خارج قبته رأيها فى ذلك , ودفع كذلك الحزب الحاكم بالقوات المسلحة إلى مناطق التماس بحثا عن توازنا سياسيا لاوجود له على أرض الواقع , كما وقعت الخكومة إتفاقية أحادية الجانب مع رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامو أمبيكى , فعارضت الحركات المسلحة الإتفاقية بينما الأحزاب السياسية لم تحرك ساكنا حتى ولو بالموافقة , كأنما المعارضة السياسية تم نقلها من الأحزاب السياسية السودانية , إلى الحركات المسلحة وهو ما يشكل خطرا داهما لمسيرة الديمقراطية فى البلاد التى تحاول الحكومة فيه إبراز المعارضة المسلحة التى رفعت السلاح فى وجه الأبرياء والنساء كبديل مقنع للمرحلة القادمة وعلى القوى الأخرى أن تقبله شاءت أم أبت , بينما كل الدلائل تشير إلى مساومات إنفصالية وأولاها إستفتاء دارفور الذى يعد بكل المقاييس السياسية والواقعية أنه فاتورة إنفصال مبدئية تقودها الحكومة , لسحب البساط من تحت اقدام أحزاب المركز السياسية حتى ولو تم الإنفصال تكون بلا فاعلية , بل تشكل هاجسا مزعجا لها فيما لو إنفصلت بإعادة تدوير المرارت والثأرات القديمة حيث يمكن أن تبرز صراعات مسلحة تقودها دولة ضد دولة بينما هم فى الداخل الآن يرتبون بدأب النمل لذلك .. كذلك من الأحداث التى كان لاينبغى ان تمر مرور الكرام أمر تسريب إمتحانات الشهادة السودانية والتى ستشكل عائقا مستقبليا للعملية التعليمية والتربوية بإشانة سمعتها .. والواضح أن هناك مؤمرات تحاك ضد المركز حتى يتحمل فيما بعد عبء صراعات صاغتها قوى معينة فى السودان وشاركت فيها الحركات المسلحة فى دارفور والمنطقتين بعناية تامة فى إخراجها فى هذا الثوب السياسى الردئ الذى لاتخطئه العين ..
أدق ناقوس الخطر أن مراكز القوة فى السودان ? والتى هى لايمكن أن تكون إلا مراكز ضعف حسب تركيبتها السياسية والإقتصادية والطبقية – أخذت تتمطى فى الساحة السودانية , بعد عمليات الزحزحة التى كانت واضحة للعيان زيارات مكوكية لقيادات الحكومة أديس الخرطوم وبالعكس وطلوع إعلامى غير مبرر لقيادات تحتاج إلى لافتة يكتب عليها قيادات , وإنسحاب مرتب له لقيادات سياسية مسماة تاريخية , كل هذا وذاك أفسح المجال لقوى الظلام فى أن تمدد أرجلها فى الساحة السياسية السودانية وهى لاشأن لها بالسياسة فى محاولة يائسة لإدماجها فى قلب المجتمع السودانى , كأن المجتمع السودانى لايعيها ولايعرفها بل هى لا التى تعى بأن الأرض من تحتها تمور .. وهى تعلم تماما أننا ألد اعدائها ولايمكن أن تجد لها دورا فى هذا البلد بعد أن عبثت بالإنتخابات وبالمؤسسات السياسية حتى إستهزأت بأجهزة الدولة , كل ذلك لتمييع قرار القوى الآتية التى ستقود الدولة بعد إنفصالها والتى لاتجد حينها شئ يذكر فى البلاد .. وهى تعلم أنها قادمة رغم أنفها , لكنهم ليسوا أمناء ونحن نراهم والكل يراهم وهم يعيثون الفساد تلو الفساد لسد الطريق أمام غيرهم , ولإسقاط هيبة الوظيفة العامة وهز جلال الدولة فى عين المواطن . وتفريغ جماهيرية القوى القادمة إلى قوى أخرى لاتشبهها بالضغوط والدجل . على الأحزاب وقياداتها أن تعى ذلك وأن تلاحق تلك القوى من الداخل والخارج حتى لاتعبث بالبلاد أكثر مما عبثت ولاينبغى أن تنخدع بأمر الحركات المسلحة التى هى أوراق ضغط وتهديد لن تجديها نفعا لقوى تعتقد أنها الآن تسيدت الأوضاع فى السودان بينما هى تزحف نحو المجهول ببيع أنصبتها الوطنية إلى قوى الضلال إقليميا ودوليا حتى أراضيها الزراعية لاتقوى على تعيئة أبناء الوطن الواحد لفلاحتها .

E:[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..